الأحد ٢٠ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
بقلم فـدوى أحمد الـتـكـمـوتي

رسالة من كهان كنيسة القيامة وكنيسة المهد

من يسقط هذا القناع؟ من يسكت هذا الدمع المسكون في الأجفان؟ ويخرجه من صقيع الأهذاب؟ من يلملم هذا الجرح بين الأحداق، توسلت بالليالي، أن ترحم دموعي التي تنهار بداخلي، توسلت بالقدر أن يرحم ثورتي، غضبي، سكوتي، ولا يجعلني سجينة هذا الدرب المظلم، استعطفت الأحزان، أن تجمع أجزائي، وأن تلم جسدي المتناثر بين سكون الليالي، لكن القدر دائما يتوعدني، كأني شقي هذا الزمان، ومرسوم لي الحزن والعذاب، وكثرة الأرق، وطول الانتظار.

انتظار مجيء الصبح الذي لطالما ظل أملي في الحياة، استغيث بدموعي أن تنزل من مقلتي، حتى الدمع كان أقسى علي من قسوة الزمان، طرقت باب الغفران، ذهبت إلى كنيسة المهد، التقيت بكاهن رسول المحبة، أمطرني كلمات وأجرعني من كأس خمرة لذة العذاب، صلى لي صلاة الهداية، وأرسلني ببطاقة محبة إلى كنيسة القيامة، أخذتها منه كأني طفل صغير أبحث عن وسادة، أنام وتنام عليها همومي وأحزاني المظلمة الملفوفة بالكآبة، أو كسكران شرب النبيذ حتى وصل الثمالة، بسخطه عن حياته، عن وجوده إلى يوم القيامة.

أخذت الدعوة منه، ولا أدري إلى أين مرساي، وما هي الغاية، دخلت كنيسة القيامة، وجدت صفوف الكهان ينظرون إلي، ويرتلون ما جاء من عهد رسل السلام والمحبة، أعطيتهم الدعوة، وأنا أنظر إلى ما سأتلقى من رسالة، نظروا إلى ثانية، ولكن بعجالة، أرسلوا لي بعيونهم رسالة، أجبتهم على لمح بصر الشقاء والتعاسة، أبحث عن من يخرجني من كآبتي، من عزلتي، من عذابي، من صمتي، من سكوني، حتى ولو كان بدموع سيالة، نظروا إلي وقالوا في صمت ملفوف بسعادة، الأمس قيد راح، واليوم نور كأس الرضى صاح، والغد بارق لاح، والصبح آت لا محالة.

خرجت من كنيسة القيامة، وأنا بفرح كبير تاه، عيوني تقرأ المستحيل، وتقول كلا، ثم كلا، سأرجع طفلة صغيرة إلى أحضان أمها فرحة كسلانة، شقية، مشاكسة، طروبة، مرحة، هلكانة، بتعب ومشقة سفر كان، ولن يكون هناك سفر آخر غير سفر العذاب والأحزان، الثورة المتفجرة القوية الهدارة، الهدامة، سيأتي الغد لا محالا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى