الثلاثاء ١٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٧

رواية عذارى في وجه العاصفة تأتينا بجديد

رولا خالد غانم

صدرت رواية (عذارى في وجه العاصفة) للكاتب المقدسي جميل السلحوت، عن مكتبة كل شيء في حيفا، تقع الرواية التي يحمل غلافها لوحة الفنان التشكيلي محمود شاهين، في 234 صفحة من الحجم المتوسط.

العنوان: يتضح من خلال العنوان الذي يتكون من جملة اسمية أن الجزء الأكبر من الرواية قد خصص للحديث عن المرأة وقضاياها، فعذارى جمع عذراء، وهو يدل على حضور أكثر من امرأة في الرواية، والجزء الآخر من العنوان( في وجه العاصفة) يشير إلى تعرض المرأة لشتى أنواع المعاناة وصمودها ومقاومتها، وبالفعل لم ينفك العنوان عن المضمون، فكان متلاصقا به معبرا عنه تماما، وهو كعادته يتحيز للمرأة التي ظلمت مرارا تارة على يد المجتمع، وتارة على يد المحتل إثر النكبة، فرحاب وهي إحدى بطلات هذه الرواية أجبرت على الزواج من طارق، لتعاني الويلات مرة أخرى على يد والدة زوجها، التي كانت تعاملها كجارية وتعيرها بأبيها الصياد، ليتضح فيما بعد أنها سليلة أسرة وضعها أدهى وأمر، فهي ابنة عتال وزوجة سابقة لتاجر مخدرات، ولم يطرح الكاتب هذه القضية عبثا بل هدف إلى تسليط الضوء على عقدة النقص المتجذرة عند البعض في مجتمعنا، ولم يكن القدر لطيفا مع رحاب مطلقا حين فصلها عن زوجها وحرمها من ابنها، وهاجرت مع الجموع التي اقتلعت من جذورها، لتبقى صامدة شامخة في وجه الرياح العاتية، وتبدأ حياتها من جديد مع زوج آخر، وفي وطن آخر بين أيدي أناس سوريين أكثر رحمة، وكأن الكاتب يريد أن يقول: إن الدنيا لا تخلو على الإطلاق من العنصر الطيب، فكمال السوري احتوى رحاب وزوجها ووقف إلى جانبهما، ووفر لهما عملا في أرضه فأكلا من خيراتها، واعتاشا من عائداتها، ليبين مدى أهمية الأرض وعطائها. ولم ينس في روايته التي تقوم على التفاصيل الصغيرة، فتجعلنا نعيش الأحداث بحذافيرها، وكأننا أحد أبطال الرواية، لم ينس قضية الإشاعة التي تمتاز بها مجتمعاتنا، فدارت شائعات حول مريم، تفيد بأن مولودها ليس ابن زياد الفالح زوجها، زياد الذي كان يترك لبنان ويتسلل ليتصل بزوجته. لقد برع الكاتب وسط هذا المزيج الذي يجمع بين الخيال والواقع، بأسلوب شائق وجميل، في نقل صورة دقيقة عن واقعنا الاجتماعي والسياسي، ليس بهدف التعرّي أمام العالم، بل بهدف التغيير نحو الأفضل، والتأكيد على الهوية وكسب الرأي العام، فكان مخلصا وفيا لقضيته، منصفا لنساء المجتمع، ناقدا جيدا، لسلبيات تأصلت في مجتمعاتنا العربية.

اللغة: اتكأ الكاتب على اللغة الشاعرية حينا، والعامية حينا آخر، موظفا بعض الأمثال الشعبية والآيات القرآنية.

المكان: كان المكان واقعيا، متعددا شمل (رام الله، الداخل المحتل، سوريا، الأردنّ ولبنان) مما أثرى الرواية ومنحها زخما.

الخاتمة: أقفل الكاتب أحداث الرواية بأسلوب رائع ومثير، فعجلة الزمان دارت، وأخذت حق رحاب، حيث عانقت ابنها وارتوت من أحضانه بعد طول غياب، فقد توصل إليها من خلال إعلان في صحيفة، وتوفيت والدة زوجها الأول بطريقة شنيعة تحت حوافر بغل. الحق أن الكاتب بذل جهدا واضحا في هذه الرواية لتبيان الظّلم الذي لحق بفلسطينيّات كثيرات بسبب النّكبة وما تبعها من تشتّت العائلات الفلسطينيّة، وينبع تميّز هذه الرّواية أنّها طرقت باب بكرا لم ينتبه له أحد.

رولا خالد غانم

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى