الأحد ٩ نيسان (أبريل) ٢٠٠٦
إلى: الماغوط
بقلم فاطمة الشيدي

زنبق الماء ..إثم اليباس

هكذا رحلت ..
بكل سكينة الأولياء والأطفال
لم تك عاشقا
فرغت للتو من مهمتك الجميلة
أقرضت اللغات كل بهاء الطفولة
وأطواق الياسمين
ثم رحلت كآخر المسافرين على جنح رخ عتيق نحو مدائن الشعر
عانقت الموت بالدفء والحميمية التي تستحق
وكنت قد أوقدت كل شموع اليقين ساخرا
وهززت المساءات من أكتافها لتنبه طاقاتها الغفل
وأستويت
هادنت "نيسان" شهر الأكاذيب والحب
لينشر موتك مع تفتح وردة
أو على جنح فراشة خرجت للتو من الشرنقة
أشهرت في وجهه غيوم الوجد الظاميء
وحنيت الغابات المدلهمة في دمه بنكتة خارجة
فضحك وغبت
انسللت من دم اللغات و من مساحات العبث
هادئا كمسيح
ولم تأبه إلا لدخان عشيقتك الخرساء
وكآخر سلالات الأحياء والشعراء والموتى
عانقت الشعر لتدلل حرائق الشوق في رئتيك
أبحرت على نقطة سقطت من إحدى نصوصك
نحو فجر رسمته عند غياب القمر
خفيفا رحلت ، كمجرد ضحكة رائقة
تحسست جلدك ، كان ثمة أطفال ، وأوطان وزهور ونساء
غرغرت بما تبقى من قصيدتك الأخيرة
وصمت
 
2)
 
اللغة خلعت أصابعها صلاة عند جثمانك
تنهدت المعاني الحيرى على بابك
فمن سيتكفل بعد بابتكاراتها الموجعة؟
ومن سيدغدغ الأشياء الهشة والعفوية لتتشكل نصا يعجب الزراع ؟
ومن سيكور الحروف بعذوبة طفل ينفخ بالونة ويهبها رشوة للسماء
كي تصنع له أمه قطعة حلوى كبيرة
أو كي ينجو من عقاب مدرس القواعد ..؟
ومن سيعتق الكلمات لتغدو مادة صالحة لصوغ عبارة غير صالحة
لخائن الخيانة بين يدي وطن لايصلح إلا أن يكون نخبا .. ؟
ومن سيزرع الحشائش عند مستوى الأفق
ويجعل بين السماء والأرض جسرا من الغيم والياسمين ؟
ومن سيكمل ما تبقى من كلام لايزال يتعلم كيف يحبو عند مدارج الصمت
ليمشي إليك طريا لايقال ؟
ومن سينقذ اللغات التي ستغرق في حليب المتاهات
حين تغص بالحشرجة؟
ومن سيقايض الرسالات على فوضى المعاني حين تتبخر بالحنين
وتقصى روائح الأشياء إلى مبتداك؟
ومن سيقاضي العصافير على أغنية استباحت دماء الشعر عند المساء
بين يديك ؟
ومن سيغلق أبواب الكلام المنفتحة على بهاء العبارة
وهي تنتظر النقطة والفاصلة ؟
ومن ..؟
ومن ..؟
ومن...؟
واللغة تتهجى الظلال
وتكتم الصرخة في ثوب الحداد
 
3 )
 
ماذا أبقيت للشعر ولنا ؟
وعند أي مساحة من الحزن أو الفرح ينبغي أن نقف لنبكيك ؟
وعلى أي زاوية سنعلق حلتك الخرافية كيما نتبرك بها
وكيف سنلعق بعد حليبك السردمي ولانشرق بالمنتهى
وكيف لجثة الزنبق / ابنة الماء أن يأكلها اليباس
وكيف ...؟
وكيف ...؟
وكيف ...؟
4 )
من قال أنك رحلت ؟؟
وأنت لازلت كحل الطرقات وعطر المشيئة
صدى وشوشات الأنجم الخضراء عند مفترق الطريق
غابات الزنبق فوق سطوح البيوت وبين الأزقة
شجر الجوز الـ يسامق قامته بالهواء
عند الضفاف وفي لذعة الليل المدلهم
ساحر الغسق الذي يطيّر الحمامات من كمه
طراوة الليلك عن اصفرار الأفق ، وعند تساقط الطل
من رضاب السماء
نعش الشعر النائم في عين العاصفة
سيد الاحتمالات المتعددة المسارب ، كمسافر لم يتقن رجفة الاغتراب
هسهسة العبير عند هبوب السموم وعند انبثاق الضياء
منفى الصعاليك واليتامى والأنبياء
وطن التعابير الملونة الزوايا ..وغابة الأسئلة !!

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى