الأربعاء ٢ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم نوري الوائلي

سماء العراق

عبر رحلاتي بين أمريكا ودول الخليج لأول مرة تحلق
الطائرة في سماء العراق فكتبت هذه القصيدة لبلد الآحرار
بلد الشهادة والأيمان

طالعتُ أرضك في السماءِ هميما وقرأتُ أسمكَ كالجروحِ أليما
وجمعتُ ذكراً، قد أناخ بخاطري طرباً، وأوزعني شدى وغنيما
وشممتُ عطرك في الأثير فعانقت روحي بطيبك بلسماً ونسيما
ونظرتُ عبر نوافذي فأجابني أفقُ الجمال حضارةً وصميما
ودخلتُ فجّاً والغيوم سواتر فأحالها شوقي اللهيب هشيما
فرأيت ليلاً والعراق ضياءه كالبدر تغبطه النجومُ وسيما
وشعرتُ أمناً والممات يحيفني فالموتُ أضحى في العراق نعيما
وملكتُ دفئاُ كالرضيع إذ أعتلى صدر الحنانِ وأسهب التنويما
يعلو، وتعلو في جوانبه الدّما ويصيرُ لون الخافقين رثيما
ورأيتهُ صرحاً يلملمه الرّدى نحوَ المعالي سالماً وقويما
وعبرت زاخو والشمال ونينوى وقربت بغداد الفداء كليما
ورفعتُ قلبي للسلام محيّيا أرضَ الشهادة والفدى وكظيما
وعبرتُ بابلَ ثمّ واسط لاهفاً ورمقتُ عيني للجنوب هميما
ولمحتُ ثغرَ الرافدين عجالة كالفجرِ يمحقُ ظلمةً وبهيما
الأرضُ حمراءٌ وزهرٌ أحمرٌ والجذر تسقيه النحورُ سديما
ما كان يبقى في الإباء ويرتقي أو يعتلي فوق النجومِ رقيما
لولا الحناجر والضحايا والتقى وقلوب شعب لم تر التسليما
والماجداتُ الى الفخار بشائرٌ يعلو بهنّ دمُ العراق عظيما
لم تُدنِ قدرك للشموخ مناصب أو كنت ترجو في سواك زعيما
بل كان شعبك لا يزال كأنّه قلبٌ يطلّ على الممات كريما
فرأيتُ أرضك كالبدورِ تنيرها شمسُ المقابر، لم تر التعتيما
ونسوك يا ساقي العراق بنحره فيضاً يفيض على الغمامِ نقيما
لولاك ما رفعوا نواصي عزة أو قارعوا في الرافدين حسوما
هل يمسحون عن اليتيم مآتماً أو ينصرون من الظليم مظيما
أيتامُ شعبي لن يعيشوا ذلة أو يلبسوا فوق الضلوعِ رديما
علماً تطول على الفخارِ مرفراً بيدِ الشهيدِ، وترتقي التعظيما
وتعيشُ رغم الموجعات معافياً وتكون فوق العاتيات سَهوما
هذي الجنائنُ في رباك علامة ويطولُ سومرُ حاضراً وقديما
وهي المسلةُ لا تزال كأنّها ثغر ويحسبها القضاةُ نديما
عَلَّمْت دنيانا الكتابة أحرفا ورسمت فيها ملهما وحكيما
ما دمت تركعُ للسماء موحِداً ستدوم سيفاً للسلامِ صروما
وتجيبك الأقدارُ عند نوازع وتزيحُ عنك المانعاتُ حتوما
القيدُ حولك كالعظام تحيله قيمُ الحرائر والنحورُ رميما
ما نام في أرض الأباة أذلةٌ أو ترتضي دون التقاة زنيما
سيدومُ في أرض العراق ويرتقي نهجُ السماء مبادئاً ورسوما
ويقومُ في ظل الصّلاة مُوحَدا يبني المفاخرَ شامخاً معصوما
لن يرتضي شعبُ المبادئ مُلحِدا او جاهلاً يعلو الزمامَ دميما
سيظلُ أسمك يا بلادي رايةً فوق الصدور ومعلماً وتميما
وتكون فينا والسلام هوية فخراً بها نطوي الزمانَ صريما
عشتُ العقودَ عن المنابع مبعد والبعدُ يفتلُ في الصدورِ غريما
بالليل يكرمني التهجدُ غفوةً والدمعُ يُسدي للقذى الترميما
أحيا التنائي والفراقَ كأنّني في العيدِ أحيا مرغماً ويتيما
ستظل في قلبي أنين مواجع تعلو، فأعلو قامةً وشميما
كالعاشقين إذا ذكرتك مولعاً والهائمين الى الكواعبِ هيما
ما دمت تنزف والفراق يلمني سأعيش دهري يا عراق فطيما
وعبرت أرضك ساعة فحسبتها الإلهامَ والتاريخَ والتقويما
وعبرت أرضك والعناقُ يشدّني بالرافدين أصالةً وحميما

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى