الجمعة ٣١ آذار (مارس) ٢٠٠٦
بقلم ندى مهري

سمكة أبريل العارية

كاتبة وشاعرة واعلامية جزائرية تقيم بالقاهرة
في الأول من أبريل نكون على موعد مع كذبة نيسان أو سمكة أبريل اذ تحصل مواقف كثيرة طريفة وبعضها محزن جراء كذب الناس في مثل هذا اليوم,واذا كانت كذبة نيسان مرتبطة بأسباب تاريخية قد تكون صحيحة أو غير صحيحة الا أن جميع شعوب العالم اتفقوا على أن أول أبريل هو اليوم المباح فيه الكذب, بيد أن ظاهرة الكذب في واقعنا العربي منتشرة كالوباء على مدار السنة واليوم واللحظة بل هي ظاهرة تطورت وتعولمت وصارت لها رواجا وبها تتحقق الاستمالات العاطفية وحتى العقلية بدءا من أبسط العلاقات بين الأفراد وصولا للعلاقات السياسية والحروب .

فالكذب ذريعة حرب و عملية مقننة لمداراة الخطأ وتبرير منطقي لفعل الخيانة يل وأصبح رياضة ذكية يمارسها محترف الكذب , فاللعبة النفسية تبدأ بكذبة بيضاء لتغطية حماقة صغيرة ثم تتعرض لمواقف تتطلب حقيقة صغيرة فقط فتتلون الكذبة البيضاء لتتحول الى سوداء بل الى " أسد هصور"ثم تتوالى اللعبة النفسية وتكثر الضغوطات والحجج المفبركة الواقعة تحت تأثير الكذب ولكن سرعانما تسطع شموس الحقيقة وتذيب جليد الكذب فكما الماء والزيت لايمتزجان هكذا هي الصراحة والكذب أيضا .

واذا كانت كذبة أبريل لها فريسة تسمى ضحية سمكة أبريل فماذا نسمي ضحية الكذب الذي يغتال النفس والمجتمع ووو...الخ ؟ دون شك ودون تردد أسميها ضحية سمكة القرش التي تمزق أوردة الضحية وتفرشها سجادة حمراء قانية يدوسها الكذابين الأوفياء لمآربهم الصغيرة والكبيرة ولأننا أجبن من أن نعترف بالحقيقة حتى ولوكانت مرة وأميل الى تجميل وتبرير ما يحاك ضد مصالحنا من ليل أونهار من هؤلاء المندسين والماسكين للرقاب بضغطة زر وعبر عالم افتراضي أصبح هو الملعب الحقيقي لجميع المؤامرات والدسائس من كل حذب وصوب ولاحلّ في اعتقادنا الا ممارسة فن المواربة واللجوء الى التحالف لسرد أكاذيب أخرى يصدقها ضعاف النفوس أو من يتظاهر بتصديقها لتفادي التفكير المؤلم ويصدقوها من أطلقوها أيضا وهنا العجب بل ويستميتون للدفاع عن الحقيقة الزائفة .

ان الكذب السياسي واضح للعيان وأيضا الكذب الانساني والمدهش أن ميزان الحق أصبح في أغلب الوقت يميل للذوات الكاذبة وتغيير مجريات الأحداث لصالحهم والذوات الصادقة تتحول الى شاذة وظالمة ومستبدة ومخربة فقط لأنها احتفظت بمقولة قديمة شهيرة اذقال الحق " أتركوني عاريا فأنا لا أخجل"
كل هذا الكذب الذي نحياه بدءا من الخلية الصغيرة في المجتمع المتمثلة في الأسرة فتجد الابن يكذب على أبويه والزوج على زوجه والعكس والأخ على أخيه والصديق على صديقه وأمريكا وأتباعها على العرب والمسلمين وكل هذا يتم آمام مآقينا لأن واقعنا أدمن العيش بمحاذاة الكذب دون مقاومة هذا الكذب الذي تجبر وأصبح يمنع من التدخل في شؤونه ضاربا عرض الحائط القيم الجميلة ويعامل الحق كصفقة معطوبة انتهت صلاحيتها .

واقعنا يعاني الكذب القادم منا ومن هناك وحدها عروبتنا وشرفنا والضمائر اليقظة تعرف الخسارات التي تجنيها وراء كلمة حق , وتأتي كذبة ابريل لتذكرنا بأكاذيبنا على مدار العام وكم خسرنا من علاقات جميلة ومن أوطان جميلة ومع ذلك من قال أن المآسي تقتل البسمات ومن قال أن شهر أبريل شرف الربيع ونضارته يكون قربانا للكذب ومحال أن أكذب على نفسي وأقول بأنني نسيت ذكرى رحيل أبي رحمه الله في هذا الشهر المؤلم والمتألم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى