الاثنين ٩ أيار (مايو) ٢٠١١
بقلم أيمن اللبدي

سوناتا العودةْ

1
 
فَجِئْتُ مِنْ هُناكَ
وَجِئْتُ مِنْ هُنا
وَلمْ أَكنْ بعيداً
وَلمْ أَعدْ أنا
لأَنَّني ملحُها
لأَنَّني شوقُها
لأَنَّني التُّرابُ وجرحُها والمنى
وسرُّها المُجتَبى
وعزُّها مُحصَّنا
لأَننَّي الحاضرُ، الماثلُ، الشاخصُ، الماردُ، القدرْ
وغابةُ المطرْ
ولهفةُ القمرْ
لأَنَّني العتابُ وعِشرةُ الصَّحابِ وقبلةُ الشَّجرْ
لأَنَّني العذابْ
لأَنَّني الأملْ
فَجئتُ من هناكَ
وَجئتُ من هُنا…….
 
2
 
يا وحشةَ الطَّريقِ
وغربة الخطى
يا لهفةَ العناقِ
ولوعة الصَّدى
ما أصعبَ الجسورَ إنْ شبَّتِ الأماكنْ
ولاحتِ الظِّلالُ
وسارتِ الخيولُ بفسحَةِ الصِّبا
صهيلُها ذاكرةْ
وقفزُها خاطرةْ
وَنشرُها في الغبارِ لوحةً مصادرةْ
تعودُ للبقاءِ
تعودُ للحياةْ
وتكسرُ الأصفادَ بروعةٍ مكابِرةْ
ما همَّها الجراحُ وشِقوةُ الزَّمانِ ورِدَّةُ الظُّبا
بعظمِها تقاتلْ
وصدرِها الغريقْ
يا وحشةَ الطَّريقْ.....
 
3
 
لو جرَّدوا الأزهارَ منْ ثوبِها العتيقْ
وألبسوا الحَمامَ ستارةَ الأسماءْ
وعلَّموا الشطآنَ عبارةً غريبةْ
وفكَّكوا المفارقْ
وجرَّّدوا الجبالَ منْ نسمةِ خجولةْ
لم تعرفِ الضَّجيجْ
وَفرَّغوا الأحشاءْ
لو سابقوا الزَّمانَ وزوَّّروا الأختامَ وخادعوا الأيامَ
وصنَّعوا الأحلامْ
لنْ يقلبوا السَّماءْ
فبابُها بُشارتي
وشمسُها خيمتي
ونجمُها طفولتي
وساحُها عصيَّةٌ ستسقطُ الأوهامْ
لا تفلحُ المناورةْ
بها تركتُ عاصفةْ
تردِّدُ الوصيَّةَ الوحيدةَ البهاءْ........
 
4
وحدي على قلبي أنامْ
ومثلُ كلِّ قصَّةٍ يلفُّها الزِّحامْ
حضرتُ بالغمامْ
لأنذرَ الزُّنودْ
لمنجلِ الأسيرِ أحبَّهُ الفقراءْ
ورعشةِ السَّواقيَ إنْ هَوى الظَّلامْ
لأغنيةْ محاصرةْ
يهدُّها الكلامْ
نذرتُ ما تبقَّى على ذرُى السَّفرْ
ليشهدَ الحجرْ
سنكسرُ القيودْ
ونقلبُ الدُّولابَ من قلبهِ الشقيِّ
ونجمعُ الرُّعودْ
لثوبِها القدسيِّ نُطرِّزُ السَّحابْ
وَنسْقيَ القصائدَ المعلَّقةْ
لهدبِها السَّعيدِ
يُزفُّها حنظلةْ......
 
5
 
وعندما أهلُّ من خطابِ العيدْ
تكبيرةً مقاتلةْ
وَفرحةً للصِّغارِ مع شفاهِ الفجرْ
هديةً منزَّلةْ
وللصَّبايا المُوْرَداتِ معطفاً ومكحلةْ
وعندما أضمِّخُ السَّلامَ بعبرةٍ مثقلةْ
تحبِّرُ العيونَ
وتجبِرِ الكسورَ
وتُطلقُ الياسمينْ
تعانقُ السُّفوحَ
وتغسلُ السَّواعدَ المتعبةْ
وترتقي السُّنبلةْ
منْ لوزِها وَتينها كانت الأجنحةْ
ستنطقُ الأعشابُ بشيفرةِ الوصولْ
وِنشوةِ الوريدْ
ليصدحَ النَّشيدْ
لأنني هناكَ ولم أعدْ هنا....

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى