الثلاثاء ١٨ آب (أغسطس) ٢٠٠٩
بقلم أحمد مظهر سعدو

سياسة الاستيطان مستمرة.. والعرب في غياب

إنها الحرب الديمقراطية.. تلك التي تمارسها (إسرائيل) في الأرضي العربية الفلسطينية المحتلة حيث يجري تنفيذ مخططات سرية بالتوافق مع الإدارات الأمريكية المتتابعة، ضد الشعب الفلسطيني.. فقد كشفت منظمات صهيونية (يهودية) عن بدء العمل في هذا المخطط، الذي يرمي إلى استيعاب /3000/ يهودي أمريكي في الأراضي الفلسطينية المحتلةوبالتالي تسكينهم في المستوطنات الجديدة التي يجري الاشتغال عليها في الضفة الغربية. وهو مايؤكد السياسة الصهيونية التي تسير باتجاه ضرب عرض الحائط بكل المواثيق الدولية وكل الاتفاقات، والمطالبات الغربية الأوربية،أو (الأمريكية في بعض الأحيان). وهو مايدحض الأقاويل والتصريحات العلنية التي تطلقها الإدارة الأوبامية الجديدة، باتجاه وقف الاستيطان ، فهناك صحف اسرئيلية وغربية أكدت أن رئيس حكومة العدو الصهيوني (بنيامين نتنياهو) قد توصل مع إدارة أوباما إلى اتفاق يسمح لإسرائيل باستكمال مشاريع البناء التي بدأت بالفعل. وتشير المخططات إلى أن ذلك يجري بالتزامن مع خطة أمريكية لاستيعاب ماتبقى من الفلسطينيين المهجرين من العراق المحتل ، والموجودين حالياً في (التنف) على الحدود السورية العراقية ، وبالتالي توطينهم في الولايات المتحدة الأمريكية، أو في إحدى دول أمريكا الوسطى. وهناك بالفعل سياسة إسرائيلية مستمرة،لم تتوقف في أية مرحلة توالي الحكومات الصهيونية، لتفريغ فلسطين من أهلها،في ظل صمت عربي رسمي واضح ، وتواطؤ أمريكي بائن، يؤكد عدم جدية الإدارة الأمريكية في حل القضية الفلسطينية. وقد خصصت الوكالة اليهودية عدة طائرات بالتعاون مع منظمة (نيفيش بنفنيش) التي ترعى حملة التهجير ، وذلك لتشجيع اليهود بالهجرة إلى فلسطين المحتلة. وهناك وعود لليهود بفرص عمل جيدة، وسكن متوافق مع ذلك، مع تخصيص /15/ رحلة طيران لهذا الصيف، عبر شركة العال الصهيونية،لنقل هؤلاء المهاجرين الذين سينضمون إلى مستوطنين يهود سبقوهم بنهب الأراضي. ومعظم هؤلاء من الولايات المتحدة الأمريكية ، وكندا ، وعدد قليل آخر من بريطانيا. وقد نشرت صحيفة معاريف الإسرائيلية مؤخراً، تقريراً يؤكد " أن إدارة أوباما، وافقت على أن هذا العمل من الممكن أن يستمر في /2500/ وحدة سكنية، بدأت أعمال الإنشاءات فيها. على الرغم من دعوتها للتجميد الكامل للأنشطة الاستيطانية لدفع جهود السلام". كل ذلك يأتي في ظل مباحثات يجريها (جورج ميتشل) المبعوث الخاص لأوباما في الشرق الأوسط، من خلال زياراته المكوكية ، ولقاءات مستمرة بينه وبين وزير الدفاع الإسرائيلي (أيهود باراك) داخل الكيان الصهيوني، أو خارجه في لندن وسواها.. حيث يطلب (باراك) من ميتشل الضغط على العرب لقبول تطبيع العلاقات مع إسرائيل، في مقابل تحجيم النشاط الاستيطاني. وإذا كان مؤتمر حركة فتح الأخير قد خرج بقرار يؤكد أن لا مفاوضات مع إسرائيل إلا بإعلان وقف الاستيطان، فان هذا القرار وان كان قراراً جيداً ، إلا أنه يظهر أن الوضع الفلسطيني والعربي في مواجهة إسرائيل، قد وصل إلى درجة تبين أن المطلب الأهم بات وقف الاستيطان، وكأن حصار غزة ، وتجويع الشعب الفلسطيني، واحتلال الضفة وكل فلسطين لم يعد ذي بال ، ولم يعد (عباس) المنتخب من مؤتمر فتح معني به ، فقد وصل الأمر إلى أن الكفاح والنضال وقوة الموقف تتحدد بموجب وقف الاستيطان ليس إلا. وهو حال فلسطيني وعربي يدعو للبؤس قبل اليأس. ويدلل إلى مآلات جد بائسة ، تؤشر إلى انفكاك عرى تماسك القضية، فكراً وممارسة وكفاحاً. هذا على مستوى النظام الرسمي العربي بما فيه نظام (محمود عباس) المندرج في نفس السياق.. ويبقى الأمل في الشارع العربي، والمقاومة العربية في فلسطين والعراق، لأنه لا يفل الحديد غير الحديد. و حتى أنه بعد كل التصريحات الأمريكية بالحل القائم على الدولتين. ومنها تصريحات (رام عما نوئيل) رئيس طاقم موظفي البيت الأبيض الذي أكد أنه " سيتم التوصل إلى التسوية الدائمة، بين إسرائيل والفلسطينيين خلال السنوات الأربع المقبلة لا محالة " فإن حكومة (نتينياهو) التي تم تنصيبها في /31/3/2009 وحتى اليوم، ترفض هذه الخيارات ، لأنها تدرك مدى الضعف العربي ، وتعي تماماً أن (ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة) وبالتالي لا يمكن في جميع محطات السياسات، أن يعطي أحد أحداً أي قطعة أرض إلا إذا كان الآخر قادر على تحصيلها في الواقع وفي المعركة.. وهذا ما هو بعيد كل البعد عن إمكانيات العرب ونظامهم الرسمي العربي الآيل للسقوط. فسلطة (عباس) تصرح والنظم العربية صامتة ، لكن إسرائيل على الأرض تعمل لبناء /700/ مبنى استيطاني يشمل حوالي /2500/ شقة استيطانية ، بينما (إيان كيلي) المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بنادي في وسائل الإعلام بأنه (يجب أن يتوقف هذا النشاط) لكن الحقيقة تقول: أن اسرئيل ماضية في سياستها ولا شيء جديا يوقفها عن فعلها هذا ، مادام العرب غارقين في مشاكلهم الأخرى، ولا يهمهم ما يجري في غزة أو الضفة أو القدس ، المهم أن تبقى الإدارة الأمريكية راضية عنهم ، وهم على استعداد لأن يطبقوا الحصار على (غزة هاشم) ويخضعوا الشعب الفلسطيني، ويجبروه على الاستسلام طوعاً، لكنهم ومعهم الغرب برمته لم يدركوا بعد أن قضية فلسطين هي قضية العرب جميعاً، من المحيط إلى الخليج، وأن تقاعساً هنا، وتحللاً هناك، لن يجعل من فلسطين أرضاً ملاذا لإسرائيل ، مابقي نبض من شعوب الأمة في العروق.. وما بقي المشروع النهضوي القومي العربي الذي يرتكز إلى مقدسات الأمة، وثوابتها ، وجوهرها الإسلامي الثوري،الذي لا يقبل الذل والهوان مهما تعاقبت الأزمان.. فان فلسطين ستعود لا محالة، وان شعباً فيه استشهاديين ومقاومين دحروا جحافل المغول التتري اليهودي على مشارف غزة لن يهزم أبداً.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى