الأحد ٢٩ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٩
بقلم فؤاد اليزيد السني

شِتاءُ البَحْر

في دِفْئ الشِّتاء،

تَحْتَ خَرابيش،

بَحْرِ السَّماء.

وفي زُرْقَة الشَّوارِع،

وإيقاعِ سَنَابِل المَطَر.

تُلْقي طَنْجَة ما عَلَيها مِن وَبَر،

تَتَعَرّى مِن خُدوش الخَريف،

وتَغْتَسِلُ بِأُرْجُوان السََّحَر.

-2-

والبَحْر شِتاءًا يَتَبَلْوَر،

يَزْدادُ تَلَوّنا ومَعْنى لَطيف،

حَيْثُ صَهيل المَراكِب،

في مَرابِطِ ميناءِه ،

على المَناكِبِ حَبّات جَواهِر.

وفي القُلُوب هَوى خَفيف،

وتَأَنّي في العُيونِ السّجينَة،

ونَجْوى تَحْتَ اللِّثامِ الرّقيق .

-3-

وتَخْرُجُ المَعاطِف،

والمِظَلات الشّتَوِيّة مَجازًا.

والخُمُرُ البَيْضاءُ والمَناديل الحَمْراء،

تَطيرُ في يَنابيعِ الرّياح.

وعِنْدَ آفاقِ رَمادِ العَواصِف،

تَدْخُلُ في الحِدادِ طُيورُ (البُرْطال)،

تَدْخُلُ الأُزِقّة في سَرائِرِ السِّرْبال،

عَجوزٌ وطِفْلَةٌ اسْمُها عَواطِف،

تَتَدَفّئانِ عِنْدَ مَوْقِدِ السَّكينَة.

-4-

كذَلِكَ يَنْزِلُ الشّتاء في روحي،

ويَتَزَمّل ..

كَذلك يَدخُل مِحرابَ بالي،

ويَتَجَمّل.

كذلكَ يَتَعرّى إلا مِن كآبتِه،

ويَتَأمّل.

كذلكَ لِقائي وشِتاء طَنْجَة،

وكَذلِكَ شَرارَةُ الرّؤيا،

وعُنُفُوان مَدينَة،

تَرْقصُ على زِئْبَقِ،

حَرير الضِّياء.

-5-

مَرْحَبا بِكَ يا شتاء!

كَثُرَ الحُزنُ وما مِن فداء،

وما مِن رِداء وما مِن نَديم.

أَحِنّ إِليْكَ يا ملاك ويا نَسيم!

مَرْحَبا بِكَ يا شِتاء!

عَلّنا نُشَيِّعُ سُجُفَ السّماء،

عَلّها السُّفُنُ تَحِنّ،

لِعُنْفُوان المَطَر.

عَلّها المِياهُ تَغْسِلُنا،

تُزَكّينا، تُطَهّرُنا،

مِن نَوايا السّفَر.

من ديوان (أبواب البحر)


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى