السبت ٨ نيسان (أبريل) ٢٠٠٦
بقلم مهند عدنان صلاحات

صالون نون الأدبي يحتفي بالإبداع

في عرس ثقافي كبير احتفل صالون نون الأدبي عند الخامسة من بعد عصر يوم الثلاثاء الموافق 4 نيسان 2006 م بواحدة من المبدعات الفلسطينيات وإحدى مؤسسات صالون نون، إنها الدكتورة مي نايف الحاصلة على درجة الدكتوراة في النقد الأدبي عن أطروحتها الموسومة بـ«شعر المرأة الفلسطينية من عام ألف وتسعمائة وسبعة وستين حتى نهاية القرن العشرين – بحث في نماذج مختارة».

بدأت الاحتفالية بكلمة للأستاذة فتحية صرصور التي هنأت نفسها وصالون نون ورواده الأكارم بهذا النجاح لواحدة من أسرة الصالون، مرحبة بصديقتها ومؤسسة الصالون معها «مي نايف»، والتعبير عن بالغ سعادتها بعودتهما مرة أخرى لمتابعة مشروعهما الأدبي الذي بدأتاه قبل أربع سنوات.

ثم تحدثت عن مضمون الرسالة قائلة: فرغم أن الخلاف ما يزال قائما بين النقاد والأدباء حول قسمة اللغة الأدبية بين الذكورة والإناث إلا أن الباحثة تعهدت في بحثها الشاعرات دون الشعراء، تحدثت عن معاناة الشاعرات الفلسطينيات؛ إن القهر الواقع عليهن مزدوج؛ فهي مقهورة بفعل المجتمع الذكوري الذي تعيش فيه، وبفعل البيئة الاجتماعية المحافظة التي استمرت تعيد إنتاج ذاتها بقوالب مختلفة. ثم من القهر المترتب على الظلم الاستعماري.

لقد توصلت الباحثة إلى أن شعر المرأة الفلسطينية يعاني ما تعانيه المرأة من استلاب وتهميش وتجاهل يعزوه بعضهم إلى غلبة السياسي على الثقافي والاجتماعي في المجتمع الفلسطيني.

ثم تحدثت الدكتورة مي وبدأت بعرض دراستها ومن ما جاء من حديثها
إن بحثي بعنوان: «شعر المرأة الفلسطينية من عام 1967 حتى نهاية القرن الماضي – بحث في نماذج مختارة»

ولقد بدأت الفكرة في ذهني حين قمت قبل أربع سنوات تقريباً بنشر أنطولوجيا للشاعرات الفلسطينيات في موقع عشتار الذي يترأسه ويشرف عليه الشاعر عثمان حسين، وبدأت في تلقي ردود الفعل حولها، ثم نشرها في موقع الأديبات الإمارتيات الذين راسلوني ليشكروني ويخبرونني أنهن لأول مرة يتعرفن على الشاعرات الفلسطينيات فهن لا يعرفن شاعرة فلسطينية سوى فدوى. وبذلك شعرت بضرورة أن أعمل على سد هذه الفجوة في المكتبة الفلسطينية، فاخترت هذا البحث. ولا أنكر دور الصالون وما قدم فيه من دراسات عديدة وفي مجالات عديدة في فتح آفاق متنوعة لي عند البحث.

لقد عرضت في هذا البحث لما يزيد على تسعة عشر صوتاً نسائياً، من غزة سمية السوسي، وفاتنة الغرة، وصباح القلازين، وعايدة حسنين، ومن الضفة الغربية زينب حبش، وأنيسة درويش، وروز شوملي. ومن فلسطين المحتلة في العام 1948 ريتا عودة ، وسهير أبو عقصة داود، ومنى عادل ضاهر. ومن الشتات رانة نزال، ورجاء أبو غزالة، وزليخة أبو ريشة، وشهلا كيالي، وعطاف جانم، ومريم الصيفي، ومي صايغ، ونبيلة الخطيب، وهيام رمزي الدردنجي.

تناولت في البحث المحاور الرئيسة .. في حين لم تدع المرأة الفلسطينية أفقاً من الآفاق التي حلّق في فلكها الشعر العربي المعاصر إلا وشاركت فيه، فقد كتبت الشاعرات في مختلف الاتجاهات ذاتية كانت أم سياسية أم اجتماعية أم وطنية أم قومية أم إنسانية، فعطاؤها شعر واقعي بالمفهوم الفني، كان نتيجة الهم السياسي والقضايا الوطنية المسيطرة والمؤثرة على المرأة الفلسطينية في صراعها مع قوى البغي والعدوان، ومعاناتها في جانب آخر من القهر والتسلط والحرمان والفقر والتجهيل والإذلال اليومي.

عرضت الدراسة صورة سريعة عن تطور شعر المرأة الفلسطينية من خلال نماذج من الشاعرات، ولا شك أن قراءة (48) ديواناً قراءة تحليلية في هذا البحث ليست بالأمر الهين، وربما بدا هذا الكم كبيراً ولكن الهدف الرئيس من البحث بناء النموذج النسوي العام الذي يتكرر في شعر الشاعرات.

والحقيقة أنني ومنذ عزمت على أن أتخذ من شعر المرأة الفلسطينية موضوعاً لهذا البحث، لم أكن غافلة أو متغافلة عما يتعرض له كل من يتصدى للدراسات المعاصرة من صعاب وعقبات ومزالق تنحصر أولاً وقبل كل شيء في عدم استقرار الرأي حول هذا النوع من الدراسات، وما قد يؤخذ على المتصدي لها رجلاً كان أم امرأة، من تحامل أو محاباة أو تجاهل أو تعصب أو جنوح عن الحق والتجرد وميل إلى الهوى والغرض ونظراً لاتصال هذا اللون من الأبحاث بكثير من الأحياء من الشاعرات والأدباء، فالغالبية من الشاعرات اللواتي رصدهن البحث ما زلن على قيد الحياة، واللواتي توفاهن الله لا يزدن على خمس(* )، ولكنني حرصت على أن أكون موضوعية ونزيهة في بحثي هذا، وأن يتسم بحثي بالعلمية والعملية بقدر ما منحني الله من موضوعية مبتعدة عن الهوى والتعصب، واقفةً إلى جانب الحقيقة التي أحرص كل الحرص على الوقوف بجانبها.

لقد انطلق هذا البحث من هدف عام مؤداه البحث في شعر المرأة الفلسطينية معتمدة على النقد النسائي. ولقد سعى إلى قراءة المشهد في فلسطين، وذهب في متابعة موضوعاته إلى الاعتماد على نماذج من الشتات وغزة والضفة الغربية وفلسطين المحتلة في العام 1948. وسعى لقراءة تحولات النص الشعري وقضاياه الرئيسة، واستكناه شعريته، وقياس درجة تعبيره عن توق المرأة إلى اكتشاف ذاتها ونحت موقع لها في اللغة والخطاب المسيطرين.

لقد جاء البحث في بابين وسبعة فصول حيث ابتدأ البحث بالتقديم عبر مقدمة استعرضت موضوع البحث وبواعثه، والقضايا الرئيسة في شعر المرأة الفلسطينية، ومنهج البحث، وهدفه، والدراسات السابقة، والمتن المختار، وفرضيات البحث، وخطة البحث.

ثم الباب الأول والذي تناول القضايا الرئيسة عند الشاعرات الفلسطينيات. وذلك من خلال فصلين يتناول الأول: القضايا الإنسانية من ذاتية ونسوية التي ظهرت عند الشاعرات الفلسطينيات، وقد تناولتها من خلال خمس بؤر رئيسة هي البيولوجيا وبها تعرضت للمرأة الأنثى، والحزن، والرثاء، والموت، ثم التجربة وفيها تناولت تجربة وخبرة المرأة في عدة جوانب منها: العنف، والحب والجنس، والمرأة والزمن، والحرية، والخوف، والقلق والأرق. ثم اللاشعور، والظروف الاجتماعية والاقتصادية، وأخيراً الخطاب. ثم جاء الفصل الثاني والذي خصص للقضايا الوطنية والقومية. وفيه ابتدأت بعرض نضال المرأة الفلسطينية من خلال شعرها من النكبة والتهجير، إلى هزيمة حزيران 1967، إلى الانتفاضة الأولى، إلى قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، وأخيراً انتفاضة الأقصى التي ما زالت قائمة. ثم تناولت الحث والتحريض، والقومية، وذاكرة المنفى والحنين للوطن وأخيراً التبشير بالانتصار.

وانتقالاً من القضايا وتجاوزاً لتلك المضامين تراءى لي وفي ظني أن مثل هذا البحث ينبغي ألا يهمل الجوانب الفنية لشعر المرأة في إطار من التأمل لعناصر الإبداع، وتحليل مقومات الفن الشعري على النحو الذي يجب معالجته وذلك من خلال رصد وتحليل معجم الشاعرات الذي تم تناولته في الفصل الأول من الباب الثاني.

وفيه أوضحت خصائص لغة الشاعرة الفلسطينية ثم تناولت نماذج من معجم بعض الشاعرات من خلال بنية مفرداتهن مثل: فاتنة الغرة، زينب حبش، شهلا الكيالي، سهير أبو عقصة داود. وقمت بتتبع مفردات الشاعرات المحدثة، والعامية، والغربية، والتراثية ثم ما استخدمن من مفردات تدل على الأعضاء/الجسد أو الأماكن أو النباتات، أو الألوان.

وفي الفصل الثاني تعرضت للتراكيب وما فيها من خصائص عامة ومن تكرار، وحذف، واستفهام، يمييز كتابتهن كشاعرات نساء. وتعرضت للصور عندهن، ثم عرجت على التشكيل البصري الذي شكلت به الشاعرات أعمالهن وذلك في الفصل الثالث.

ثم أوضحت في الفصل الرابع مفهوم الرموز والتناص في اللغة والاصطلاح، وتعرضت لتناص الشاعرات مع النصوص الأخرى في التراث الشعبي، أو الأدب العربي والغربي، أو الكتب المقدسة.
وأخيراً وفي الفصل الخامس تعرضت لموسيقى الشعر وأنواع وأشكال الموسيقى التي بنيت عليها نصوص الشاعرات من: قصيدة البيت، وقصيدة التفعيلة، وقصيدة النثر في محاولتهن للتجديد بشكل يتناسب مع تطور العالم من حولهن.

ثم عرجت على الملامح العامة لشعر المرأة الفلسطينية من عام 1967 حتى نهاية القرن وذلك من خلال استقراء الببلوجرافيا التي تم جمعها عن الشاعرات في نهاية البحث والتي اشتملت على ببلوجرافيا لـ(163) شاعرة.

وتم التوصل فيه إلى العديد من النتائج منها: ارتفاع عدد الشاعرات الفلسطينيات في المشهد الشعري، وقلة الدراسات التي تتناول أعمالهن بالدراسة والتحليل، وتغييب المبدعات عن التأريخ الأدبي. وتدني الاهتمام من قبل الناشرين في نشر وإظهار أعمال الشاعرات للوجود ومحاولة تهميش أعمالهن في الأغلب.

ولما كانت هذه الكلمة القصيرة والمكثفة تدعوني إلى حصر أهم نتائج البحث، أجد لزاماً عليَّ أن أعرضها على هذا النحو:

 إن شاعراتنا لم يقفن من حركة التجديد في الشعر العربي المعاصر موقف المتفرج ولم يكتفين بالاستجابة لمختلف الدعوات التي انطلقت من هنا وهناك مطالبة الشعراء بنظم الشعر على أسس حديثة لم تألفها أذواق العرب، ولم تعتدها أسماعها… بل إن بعضهن قد تصدرن لقيادة بعض هذه الدعوات ورفع لواء الدعوة إليها، وحاولن وضع القواعد والأسس لها.

 اختلف نص الشاعرة عن الشاعر في جمالياته، وكيف لا وهو عندها ينطلق من ذات أنثوية مستلبة، في حين الذات الذكورية هي المهيمنة السالبة، لذلك سعت إلى هدم القيم الذكورية المهيمنة على اللغة من أجل بناء رؤية جديدة للعالم المحلوم ورسم أبعاده سواءً أكان متخيلاً للواقع أو بديلاً عنه من خلال منظورها وصوتها وحركتها، في كتابة مغايرة وجديدة تكون فيها المرأة مساوية للرجل في سياق الإنسانية والحرية الذاتية.

 إن شعر المرأة لم يشع وينتشر في الساحة الشعرية. ولكن ذلك لا يعني أن المرأة الفلسطينية بلا شاعرات أو ميراث شعري متميز. والسبب في ذلك لا يعود إلى عدم توافر النصوص الشعرية ولكن ذلك يعود إلى التقاليد الاجتماعية المهيمنة، وعملية وضع المرأة وإنتاجها دائماً في دائرة الحريم والممنوع. وإلى تأخر عملية الطباعة ورفض نشر أعمالهن نسبياً. إضافة إلى تخوف المرأة ذاتها وقلقها الدائمين.

 لم يقف عطاء الشاعرات على الجانب السياسي بل خضن في كل الموضوعات تقريباً ولم يمنع ذلك من أن تبقى بعض الشاعرات أسيرات لأشكال القمع والمنع المفروضة ولقرون طويلة على المرأة وسيطرتها على المنظومة الثقافية التي أحكمت دائرتها عليها. وتجاوزت الكثيرات منهن تلك المنظومة لخلق واقع جديد ما زال النقد يحاول تجاوزه وما زال التأريخ الأدبي يسعى قدر الإمكان إلى تهميشه، واستبعاد الصوت النسائي، والسيطرة على بقائه في الظل.

 لقد كسرت الشاعرة الفلسطينية حاجز الخوف وإن كان بنسب معقولة. ولم يكن شعرها يدور حول القضايا الوطنية والرثاء كأغراض لا يرفض المجتمع لها أن تخوض فيها. بل تناولت قضايا الحب والحرية وغيرها من قضايا المرأة ولكنها لم تستطع أن تتجاوز الكثير من الخطوط الحمراء التي شيدها المجتمع بينها وبين كامل الحرية في الإبداع التي يمنحها المجتمع نفسه للرجل. ولم تستطع التخلص من هذه السطوة إلا في بعض حالات بسيطة من التمرد.

 لقد كتبت الشاعرات وبالأخص اللواتي التزمن بقضايا المرأة بأسلوب انتهكن به الصيغ الجاهزة لطرق مقاربة العالم والأنا والآخر التي اعتدنا العثور عليها في الكتابات الذكورية. ومن ثم فإن كتاباتهن تعتبر مصدراً بكراً لمقاربة العالم والنظر إليه بعيون جديدة؛ لأن قمع المرأة وكبتها وتهميشها عبر التاريخ الأدبي ولد مناطق مسكوتاً عنها ومقصاة عن العيون.

 إن التجربة الشعرية عند الشاعرة الفلسطينية قد عانت كثيراً من المعوقات التي يتعلق بعضها بالكاتبة ذاتها، والمجتمع المحيط بها. ويتعلق بعضها الآخر بالنص ذاته، والبعض يتعلق بإشكاليات التلقي. حيث يتوجه القاريء إلى نصوصهن بأفكار جاهزة وقوالب مسبقة وأحكام ذكورية ليكيل لنصوصهن من الاتهامات ما يلصق بنصوصهن صفة الدونية. وكل ذلك لم يمنع أن تتواجد العديدات من الشاعرات اللواتي يمتلكن مشروعاً شعرياً.

 لقد ساعدت السلطة الذكورية وقوانينها المفروضة على المرأة أن تستخدم الشاعرات العديد من الرموز والمفردات المعجمية وأن تخلق فضاءات إبداعية خاصة بها تعبر عن تجليات وجودها. حيث ترفض وتتمرد على كل ما من شأنه مصادرة حقها في مسألة الخلق الإبداعي والتعبير عن حقها الإنساني في التواجد والإبداع ونسف كل الصور المقولبة عن المرأة ومفهوم الذكورة والأنوثة في الكتابات الذكورية السابقة وفي المثيولوجيا والفلكلور والأساطير، حيث تبحث نصوصهن عن هوية في زمن الشتات والتشظي.

 لقد سعت الشاعرة الفلسطينية إلى اختراق القلعة اللغوية الذكورية المحصنة، محاولة هدم فكرة اللفظ الفحل والمعنى المؤنث المطروح في الطريق، ومجاورته بفكرة اللفظ المؤنث، وسعت إلى هدم الموروث الفكري الذي كان يقر بأن المرأة جسد والرجل عقل، وسعت لجعل نفسها ذاتاً لغوية فاعلة بعد أن كانت موضوعاً لغوياً ومفعولاً به.

 إن فعل الكتابة لدى الشاعرة هو عملية تحرر، ووعي وكشف لتجارب ومعاينات وتصورات وحاجات وأحلام وخصوصيات، يحكمها جميعا خيال أنثوي تعمل الشاعرة من خلاله على تفكيك وإعادة تركيب العالم جمالياً؛ ذلك أن وعي الكاتبة بالكتابة سرب إلى وعيها أهمية قلب وتفكيك الخطاب لاستعادة الأنوثة له..فما تحمله الذات الأنثى من هواجس وتطلعات، إنما هو خصوصية أنثوية يتنافي معها محاولات التعبير عنها من الخارج. وتلاحظ محاولتهن تأنيث لغة إبداعية تستوعب الوجع الأنثوي، وتؤرخ لما يتعرض له الوطن على الصعيد الوطني والاجتماعي وتعكس محاولاتها في امتلاك الزمن وإلغاء المسافات من أجل محاولة إلغاء التهميش والمصادرة، واغتراب الأنا.
 استخدمت الشاعرات الفلسطينيات الشكل الموسيقي الموروث للقصيدة بتقاليده الفنية المسيطرة إلى جانب استخدام إمكانيات التعبير والإيحاء الموسيقية الجديدة، والأنماط الموسيقية المتولدة من الشكل الموروث. واقتربت في قصيدة النثر من خبايا عالم الأنوثة بشكل أكبر وهمومها وتطلعاتها ورغبتها في كسر رتابة الزمن، وتشكيل نص تستشرف من خلاله الزمن الجديد. ونزعت في قصيدة النثر إلى أقصى الحداثة والتجريب وجاءت لوحاتهن مكتنزة بالغموض الشفاف الذي يرتكز إلى طرافة الترميز المفصح عن براعة إخفاء (المسكوت عنه)، متناسبة مع التجارب الشعورية المغموسة بالانكسار.
وفي الختام أتمنى أن أكون بهذا العمل قد قدمت للشاعرة الفلسطينية الأديبة والمناضلة عملاً يليق بنضالها وتعبها من أجل التحرير والتحرر. أشكركم

وبعد المداخلة التي قدمتها " مي نايف"، فتحت رئيسة الجلسة المجال للحضور للمشاركة بمداخلاتهم التي ركزت على تقديم التهاني لصديقتهم مي نايف بحصولها على الدرجة.

وكان الدكتور غازي كلخ أول المتحدثين فقال:
فرحة شاعر كيف بتكون؟!
لو غنوة حب سكنت قلب عالم في العولمة مطحون
فرحة شاعر كيف بتكون؟!
لو مبروك كلمة سمعها مليون شاب عازب ع لسان مأذون
فرحة شاعر كيف بتكون؟!
لو انفلونزا الطيور جرفت كل ظالم مأفون
فرحة شاعر كيف بتكون؟!
لو إيد حاكم مسلم مسحت دمعة آخر بريء مسجون
فرحة شاعر كيف بتكون؟!
لو عصفورة باست خد زهرة حنون
فرحة شاعر كيف بتكون؟!

لو دكتورة مي عادت شمس بتضوي فِِ صالون نونِ
ثم تحدث الأستاذ عبد القادر فارس معربا عن سعادته بهذه الاحتفالية التي تكرم الإبداع الأدبي، ثم شكر صالون نون على نشاطاته المتواصلة وقال سعدت حين قدمت في هذا الصالون ورقة عن إبداع الشاعرات الجزائريات.

ثم تحدثت السيدة أمل عبيد عن نشاطات المرأة وإبداعاتها في كل المجالات والساحات.

بعدها تحدثت الدكتورة هدى حمودة موجهة شكرها لهذه الأمسية الأدبية الجميلة وشكرت الدكتورة مي على هذا البحث النافع والمفيد، وما قامت به من تسليط الضوء على شاعرات فلسطينيات وإبدعهن، فهذا التنافس هو ما نريده، فالمرأة المبدعة تثبت نفسها ولا يستطيع شخص أي كان أن يهمشها، فهي تفرض نفسها على الساحة، وهذا ما يؤكده حضور هذه النخبة المتميزة من المثقفين للجلسة وفي هذا الوقت بالذات، ثم شكرت الشعر الجميل الذي ألقته الشاعرة سمية - والتي كانت واحدة من النماذج النسائية التي تناولتها الأخت مي في بحثها- وما يحمله من مشاعر وأحاسيس رقيقة في هذا الجو الذي نحياه في غزة.

أما الأستاذ والأديب يحيى رباح فبدأ كلمته بشكر صالون نون الذي يعتبر واحة في واقع متجهم، وقال لي ملاحطتان الأولى: لا زلت مليء بالدهشة والسعادة لأن الصالون لا يزال يقوم بواجبه ونشاطه للعام الرابع على التوالي، في الوقت الذي غُيبت فيه نشاطات المؤسسات الثقافية الأخرى، فهذه ظاهرة تستحق الدراسة لا مجرد الإعجاب، كيف للأختان فتحية صرصور ومي نايف أن تواصلا النشاط في هذه الواحة في زمن مليء بالصعوبات، الملاحظة الثانية أتمنى أن تظهر الرسالة في كتاب يصل ليد كل مثقف، وأضاف قائلا: عندما كنت باليمن رأيت في ذلك المجتمع الصعب جدا الكثير من الأصوات النسائية، وعندما عدت لغزة لاحظت في غزة المتجهمة والمحافظة أصوات شعرية جميلة رائعة ومتلألئة، وهذا أمر يستحق الدراسة: لماذا في هذا الوقت الذي تجف به ينابيع الشعر في كثير من الساحات، وفي واقعنا عزوف عن الإبداع ووضع شعبنا في صراع دموي على مدار اليوم والساعة، كيف تستطيع شاعراتنا أن تسجلن هذا الحضور الجميل والحي.

وكان للدكتور حسين أبو شنب مداخلة قال فيها أبدأ بالتهنئة لمي ثم قال: وصلت إلى عدة حقائق أولها: وأنا أسمعها أحسست أنها تقف على الكلمة بشكلها ومضمونها وفي ذلك خير لأن من يحسن قياد الكلمة يعني أنه ملكها، الأمر الثاني أنني أعادتني مي لحقيقة بالغة الأهمية وهي أن الشعوب تصنع تاريخها بذاتها، وأول نقطة في كتابة التاريخ أن نعرّف بأنفسنا، وقد غابت عن المجتمع الفلسطيني سنوات طوال عملية التعريف، فمثلا المجتمع الخليجي لم يكن شيئا، ولكنّه عرّف بأبنائه فصنع تاريخهم ونحن الشعب الفلسطيني نملك تاريخا عميقا متعدد الجوانب، فأنا أضع الدكتورة مي في صف المعرفين بالقيم الوطنية الفلسطينية وأنها أجادت في أن تعرف العالم بأن فلسطين ليست كمّا مهملا كما لجأت الدعاية الصهيونية في تصويرهم، ثم أقول إن تواصل الأجيال مهم فأتمنى على مي أن تلحق رسالتها بالحديث عن شاعرات ما قبل عام 1948، ثم أرجو أن أعمل معها لننجز شيئا عن المرأة الإعلامية أيضا.

أما الأديب غريب عسقلاني فقال أسجل نقطتين الأولى الموقف أو الأرض التي تقف عليها صالون نون وصالون نون مثال مميز بأنه مؤسسة نسوية ثقافية مجتمعية خالصة، لم تخضع لرؤية المؤسسة الرسمية، ولم يغريها تمويل المؤسسات غير الحكومية، فاستطاعت أن تتماهى مع شخصيتها وتصمد رغم شح الإمكانيات، ولذلك استمر برنامجها الطموح، طموح الفن وليس طموح المنصب أو الجيب، هذا التوجه لا ينجب إلا من هن أمثال مي وبالتالي لأنهن مسكونات بالوطن، ومي هي من النماذج التي يمكن أن نطلق عليها أنها المرأة الوطن، فمن هنا أيتها المرأة الوطن أنت حارسة بوابة هذا الوطن، وأنت راسمة الجغرافيا لذاكرة الوطن في مجالك الذي أنت أمينة عليه.
بعدها ألقت الشاعرة فاتنة الغرة قصيدة بعنوان أتوهج.

الدكتور خليل حسونة قال: سَعِدتُ جدا بهذا الإنجاز الرائع الذي هو من منظور مختلف يشكل الخطاب الإعلامي الثقافي المعرفي الفلسطيني عن الأم والأخت والمرأة الفلسطينية المبدعة، بحيث يؤكد لنا هذا العمل أن في فلسطين صراع وكفاح وحياة، وفي فلسطين إبداع أيضا.

عرفت الأخت مي منذ عملها الجاد في رسالتها الأولى التي حققتها عن الشاعر حسيب القاضي، واجتهدت وشكلت عملية إثراء للمكتبة الفلسطينية بالتجميع الذي قامت به والذي كُلل بإنجاز هذا العمل الطيب عن الشاعرات الفلسطينيات، فأقول لها ألف مبروك.
إن فلسطين فعلا هي ديمومة العطاء وديمومة الفعل، وأتمنى على هذا العمل أن يعمم على كل المكتبات الثقافية.

مي كانت دينامو فاعل في هذا الصالون الذي شكل لنا حالة متميزة حيث اعتبرناه فيشاوي غزة ( نسبة لقهوة الفيشاوي الثقافية بمصر)، وبالتالي نتمنى نحن في إتحاد الكتاب نصاب بالعدوى في هذا العمل.

ونظرا لأن الشعر لسعني كثيرا أثناء الصغر فكتبني، ولأن عشق النص في كثير من الحالات شدني إليه، ولأن هذه اللحظة لحظة فرح أقول فيها:
دعني من الحزن الذي يغتال ذاكرتي، واسقٌ في الوريد
دعني من القمر اللدود وأطلق بكارة نشوتي لسيدة النساء هذي الودود
ورد وماء، ماء وماء ورد قدر، قدر قدر، جميل أن تنهض الأرض وينتفض الشجر.

أما الدكتور محمد البوجي فقال، نحن سعداء جدا لأن نلتقي اليوم بناقدة أدبية واعدة، باسم زملائي أساتذة اللغة العربية بجامعة الأزهر نبارك لابنتنا وأختنا وتلميذتنا مي على هذا الإنجاز الضخم الذي استطاعت من خلاله أن نجمع الشتات الفلسطيني في صحيفة واحدة، مي عرفناها منذ خطواتها الأولى في النقد الأدبي، وسارت معنا وسرنا معها إلى أن أصبحت إن شاء الله زميلة لنا في قسم اللغة العربية، هذا اللقاء الذي نحتفل به بهذا الإنجاز كنت أود أن تكون معنا شاعرات من حيفا وشاعرات من الضفة الغربية أن يجتمع شمل شاعرات فلسطين في لقاء واحد، أتمنى أن يأتي هذا اليوم، ونحن جاهزون في جامعة الأزهر لأن نعقد هذا المهرجان.

أذكر عام 1994م حضر عدد كبير من شعراء الشمال في مهرجان بجامعة الأزهر وألقت حينها ألقت الصبية سمية السوسي قصائدها وشهد لها الشاعر محمد علي طه وتنبأ لها مركزا مرموقا في فلسطين، وها هي نبوءة محمد علي طه تحققت مع الشاعرة سمية السوسي.
شكرا لمي وشكرا لصالون نون على هذه الاحتفالية الرائعة جدا وأرجو أن تتكرر مع كل الصبايا والشباب الذين يحصلون على درجات علمية عليا.

ردت الأستاذة فتحية على موضوع التواصل مع شاعرات وأديبات الداخل والضفة الغربية، فقالت بالنسبة للتواصل فرغم أنني أدرك أن حضورهن أمر صعب إلا أنني أحرص على دعوتهن في كل جلسة من أمثال الأديبة رجاء بكرية من الداخل، والأديبة ليانا بدر، والشاعرة روز شوملي في رام الله، والدكتورة أفنان دروزة في نابلس، وغيرهن.
بعدها ألقى الشاعر الشاب صالح عابد قصيدة أهداها للدكتورة مي.
وفي النهاية شكرت الأستاذة فتحية صرصور الحضور ودعتهم إلى الاستمرار في التواصل لخدمة مشروع الصالون الأدبي ... والله الموفق.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى