السبت ٢٦ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
بقلم محمد أحمد إكرميا

صديقتي والمساء

عندما يأتي المساء يا صديقتي
لا تدعي الشفق المشتعل يشعلك
كي لا يقول للشمس
ها أنذا أقوى منها ومنك
لا تتركي النسيم الهارب من فوهة الأحزان يطفئك
فالليل مازال طويلا
والعيون الصغيرة التي تنام في حضن كفيك
تخاف شبح المساء
وأنت وحدك من تغدو أصابعها شموعا
بين كل النساء
وطنك يحتاج إلى امرأة
تغرس أظافرها في بطن الصحراء
فتقتلع نباتات نمت بلا جذور
فتحيا الصحراء
مر النهار يا صديقتي
وكنت فيه رائعة
أهنئك
لم تستطع سحابات الغدر أن تمتص وهج اندفاعك
ولا الرمل الجائع أن يأكلك
ركضت كثيرا
ورفضت كثيرا
وطلبت الله أن ينصرك
فانتصرت أخيرا
أهنئك
لكن أمك التي استشهدت قبل عامين
كانت تذكرك
أن دهاء الليل أكبر
فيه تجد الدموع فرصتها
وتأخذ الأحزان فينا حصتها
ويصبح الوجع القديم
سكينا في داخلنا وخنجر
عندما يأتي المساء يا صديقتي
لا تبحثي في الرفوف الباردة
عن صور أحرقوا أسماءها
أو عن ذاكرة بعثروا أشياءها
وافتحي بابك لنجمة
أتت ترضع شاطئ الليل من زبد الذكريات
ولعصفور جاء يزرع أمنياتك
فوق الغمام وتحت الشجر
ثوري في وجه صمتك المخيف
ثوري على زوابع الشتاء
وعلى أحزان الخريف
ثوري …
مستحيل ألا يرقص غصن زيتونة
فوق الأكف المرتعشة
مستحيل ألا تشتم التجاعيد
نسيم الحقل
ورائحة الصيف عند الأصيل
أو تبقى الأهازيج في الحناجر المتعبة
بلا سفر بين المروج
وبين غابات النخيل
ثوري …
فالفجرــ يا صديقتي ــ
لا يفرغ في عيون
تؤمن بالقدر

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى