الثلاثاء ٣ آب (أغسطس) ٢٠١٠
بقلم إبراهيم نصر الله

طبعة خاصة من «براري الحُمَّى»

عن الدار العربية للعلوم ـ بيروت، ومنشورات الاختلاف ـ الجزائر، ودار مكتبة كل شيء في فلسطين صدرت طبعة خاصة من رواية (براري الحُمّى) الرواية الأولى للشاعر والروائي إبراهيم نصر الله بمناسبة مرور خمس وعشرين سنة على صدورها عام 1985.

وكانت هذه الرواية التي صدرت قبل ربع قرن، محط اهتمام كبير في الأوساط النقدية العربية والعالمية، ولم تزل تثير الكثير من النقاشات حول بنيتها الفنية وموضوعها، كما أعيدت طباعتها عدة مرات عن دار الشروق ـ عمان، ومؤسسة الأبحاث العربية ـ بيروت، والمؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت، وتمت ترجمتها إلى أربع لغات، وقد اختارها القراء الدنمركيون قبل ثلاثة أعوام عند صدورها بالدنمركية واحدة من أهم خمس روايات ترجمت للغتهم في ذلك العام من كل أنحاء العالم، وفي مطلع هذا العام اختارتها جريدة الغارديان حسب الكاتب مات ريس: (واحدة من أفضل عشر روايات عربية وعالمية تكشف النقاب عن عناصر الحياة في أنحاء العالم العربي. رواية تجعل من الوجودية عمقا سياسيا مقلقا للغاية).

تقول الناقدة والشاعرة الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي: براري الحمى من أدق التجارب الجمالية تشرُّباً لروح الحداثة ، فقد استبطن المؤلف الحداثة استبطاناً كاملاً وكأنه ولِدَ فيها. لقد أنتج الفن القصصي الفلسطيني معالجات فريدة لا مثيل لها في الأدب العربي، ومثال ذلك رواية (المتشائل) ورواية (براري الحُمَّى). في حين يقول الشاعر الإنجليزي جيرمي ريد: (براري الحمى) هي الجواب العربي عن النفس المنشطرة. لقد أعاد إبراهيم نصراللـه موضوع التحوّل إلى الرواية، ذلك أن ذهنه قادر على إنشاء أهرامات تناطح السماء، أو تفجير نبع جارف من سطح صخري. وقد كانت رحلته عبر النيران، ويستطيع المرء أن يقول إن كلماته تحرق الورق، إنها تصل إلى ما هو الأهم في الفن، وهو العملية التحويلية التي يفقد فيها العالمان الداخلي والخارجي تمايزهما ويندمجان أحدهما في الآخر.

.. رواية تدور حول الحدود القصوى.. وينبغي أن تُقرأ من أجل رؤياها، فهي مثيرة مقلقة .. مجرة جديدة في الفضاء الداخلي).

ورأت الدكتورة فدوى مالطي دوغلاس/ رئيسة قسم الدراسات الشرقية ـ جامعة إنديانا أن: (هذه الرواية الرائعة ظهرت عام 1985 وبها انضم إبراهيم نصر اللـه إلى كتاب ما بعد الحداثة في العالم العربي، إنها رواية مختلفة، والجديد في سردها هو أن هذا السرد الذي ابتدأ بضمير المتكلم يتوقف ليدور بضمير المخاطب، أي ليصبح (أنتَ) وهذا (الأنت) هو الذي يجب أن يألفه القارئ لأنه يصبح أيضاً (هو) وهو أسلوب قلَّما أستعمل في الآداب العالمية، وقد وضع (ميشال بوتور) رواية كاملة هي (التعديل) بضمير المخاطب، غير أن سرد بوتور ينتظم من أوله إلى آخره، أما براري الحمى، فإنها تتشكل من ثلاثة أصوات، لا صوت واحد، إنها رؤية أدبية فريدة).

وكتب الناقد الإيطالي فيليبو لابورتا في تقديمة للنسخة الإيطالية من الرواية: بأن: (قراءة هذه الرواية تعني وقوعك في أسر الغموض العذب، والفراغ الغامض الذي يتواجد في أعماق كل مخلوق إنساني، متجاوزا البشر عابرا أعماق الكائنات الحية والجمادات في تلك الصحراء.

كما نلمس في روايته معرفة عميقة بأصول وتجليات الثقافة العربية والثقافة الغربية والتقاليد الأسلوبية في الأدب والشعر والسينما. إنها واحدة من الروايات الكفيلة بإثارة دهشة القارئ الإيطالي بعيدا عن ذلك الأدب الإستهلاكي الذي يروج محمولا على نظرة ذات طابع استعماري؛ حيث نرى نصراللـه في هذه الرواية الرائعة يستخدم تقنية سردية بارعة موازية لذلك التمزق في الوعي والازدواجية التي تعيشها الشخصية الرئيسة الواقعة بين فكي الخلل المطلق وسؤال المصير ومغزى الحياة، أما الشيء الأكيد فهو أننا لن نعرف بعد قراءتنا لهذه الرواية هل عدنا أم بقينا هناك في الصحراء).

في حين كتب الناقد المصري الكبير علي الراعي: (كنت أقول دائما إن على الشعر أن يتحسس طريقه إلى الرواية، ويقيم هنا، مندمجاً ومنفصلا في آن، وها هو ذا إبراهيم نصراللـه يحقق هذا المطلب تحقيقاً جميلاً وممتعاً، فيضفي على روايته آفاقا أخاذة تأخذ من الشعر سحره وعذوبته وتسمح للواقع بأن يطل بين الحين والحين ليذكِّرنا أن هذا الجمال الأخاذ ـ الشعر والسحر والحلم ـ مهدد دائما بواقع قبيح.

ينساب الشعر في الرواية، ويلتحم بلغة الحكي والحوار التحاماً، محدثاً اندماجاً عضويا ًبين فن الرواية وفن الشعر).

يذكر أن أحداث هذه الرواية تدور في منطقة القنفذة في المملكة العربية السعودية في منتصف السبعينات من القرن الماضي، حيث عمل المؤلف معلماً هناك لمدة سنتين، وكان باكورته الروائية، بعد أن أصدر مجموعة من الدواوين الشعرية، وكتب بعدها عددا من الروايات من بينها مشروعه (الملهاة الفلسطينية) ومشروعه الآخر (الشرفات) وإلى ذلك رواياته: حارس المدينة الضائعة ومجرد 2 فقط، و عو، والأمواج البرية، وأعماله الشعرية التي كان آخرها ديوان (لو أنني كنت مايسترو).

صمم غلاف الرواية الفنان محمد نصرالله واختار لها واحدة من لوحاته من معرضه الأخير (أرض أخرى 2).


الغلاف الجديد لبراري الحُمّى

أغلفتها ببعض اللغات


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى