الأربعاء ١٤ آذار (مارس) ٢٠٠٧
بقلم جميل نصر الله

عازفة القــيثارة

كانت تعزف على قيثارة تجتاح كياني تجذبني ثم تلتهمني بأنغامٍ مخملية .
اشتقتُ إلى تلك السنديان، كل شتاء كل برقٍ كل رعدٍ، كنت أدنو إلى ذلك الصوت الرائع،
أقترب ، ثم يشتد الحنين يناديني للقاء القيثارة ، أنصت إلى صوته وهمساته ، ثم
أقترب بقوة ، مسحور ممغنط الدماغ ، أتصفح ذكرياتي مع عازفة القيثارة ،
فأدنو إلى السنديان ، ابحث عن الشعلة ، ولكن ما من أحد .

أبكي على أطلالها لعلها تعود، لعل ذلك اليوم الذي قابلتها فيه يعيد نظامه ويرجع
صفحات "الروزنامة" إلى الوراء ، لربما يتمنطق ذلك الفنار مرة أخرى وراء السنديان.
ثم تأتي نسخة الشتاء الأخيرة تروق لي نغمات قد تركت بصمات سنوات عدة بصمات الشوق
، الأمل ،، الحب،، ترانيم مهندسة تخلق معزوفة مؤلفتها عازفة تلك القيثارة ،، أسمع صوت
الغيمة الممطرة ،، يرخي الليل سدوله ويحل السكون ، يقتلني الحنين مرة أخرى ،
أنتظر بعطش الظمآن تلك العازفة التي تدق على أوتار المشاعر عزفاً ،
تشتد الرمادية في السماء ، لتخلق لوحة إبداعٍ تنقشها الغيوم ، يتملكني الحنين بقوة ويمتطي كتفي
فارساً ، ثم أسمع النغمات تصطحبها قطرات المطر ، ويحي !! ماذا حل بأوداجي ؟؟
إغرورغت عيني ،، تشنجت يدي، لم أستطع الحركة ،،! أهي سكرة الموت !؟

لربما سكرة الموت , أسئلة كثيرة تبلورت وتجسدت أمامي كقدر ، ولكني أقنع نفسي أنها مجرد
نغمات ،،ولكن لا !! بل نعم ، لا لا !! شيئاً ما نزع روحي وانهال عليّ شوقاً ،، ثم أدنو
إلى ذلك الصوت ، إلى تلك الآيقاعات التي تناديني لأستنجدها، أقترب ثم أقترب خائفاً
ثم أمهل نفس هنيهة تلوَ الأخرى لأفسر انصياعي إلى تلك النغمات ، وسرعان ما أرتوي لفحة
تلك الألحان التي تذكرني بسيدتي، مالكتي ، عازفتي ، هناك حيث السنديان ،
وصل بي حنيني ، أخشى من اللقاء ، ولكن قلبي يتعطش شوقاً لكِ يا باعثة المعزوفة
ثم أوصل إلى تلك السنديان ، أغمض عيني بشكل لا إرادي مزجت الأنغام ببؤبؤ عيني
لتنبت عينان فوق عيناي من عذب تلك العازفة أريد الاقتراب أمد يدي إلى الأمام ،
ولكن جسدي لم يتبع يدي ، ماذا حل بي أهو التشنج؟ ، أم الشوق؟ ، أرجع يدي إلى الوراء
وأمد رجلي إلى الأمام لعل جسدي يتبعها نعم لقد نجحت ،، إذا هو الحنين إلى تلك الفاتنة
يخفق قلبي وراء السنديان بشدة ثم أقترب وسرعان ما تشتد النغمات ، تطرب أذني
وتردد شفاهي وكأنها قد اعتادت على تلك السيمفونية سيمفونية كأصابع ، والأصابع
كعيدان كبريت كلما اقتربت إليها أكثر تحرق أوراق جسدي شوقاً لها ، لنعومتها،
لأنوثتها ،، لعزفها المرموق ، أقترب أكثر لأختلس النظر ولكن جسدي من شوقه إليها
سبق نظري ليمثل أمام الحقيقة الظلماء، تتلاشى النغمات ، يختفي بيانو الإيقاعات،
لأمثل أمام لا أحد ، تجري الدموع من عيني لتبحث هنا ،، هناك ، فوق ، تحت ،
هنا حيث لا أحد ، أهو الحنين ؟؟ تسألني نفسي ، أم سكرة الموت ؟؟
أم شوق جسدها وأنوثتها ولوعة الزمن ..؟ ، أهو سحر القيثارة ؟؟

ثم يتوقف المطر ... وتتلاشى الرمادية ...

ولا أزال وراء شجرة السنديان أنتظر عازفة القيثارة،.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى