الثلاثاء ١٦ آب (أغسطس) ٢٠١١
بقلم زاهية بنت البحر

على هامش مذكرات سحاب(في عيد الأم)

صباح الخير ياأمي، ياأجمل ما نطق به فمي من كلام، وياأروع ما خفق به قلبي من شعور، ويا أرق إنسانة في الوجود، يامن حرمت من عطفك وحنانك وأنت على قيد الحياة.
من لي سوى قلب أمي ياأمي إن أرقتني الحياة، ِوسُرِقَ أمني من فيافي فؤادي بيد تبحث هي الأخرى عن أمنٍ لها، ولن تجده إلا بطردي من حديقة أمني؟
آه ياأمي ماأقسى الحياة دون دفء أحضانك، ولمسة يدك فوق جبيني اليشتاق لحرارتها المُطَمْئِنة لي في صقيع العواطف، وهدير المخاوف، المبعدة عني هموما ربما ماكانت لتتجرأ على اجتياح قلبي وأنت فيه الحارس الأمين.
الوحدة ياأماه كأس مرُّ الشراب، أتجرعه رغما عني بأيد الهم والحزن والقلق.

اليوم ياحبيبة يقولون بأنه عيد الأم، يحتفلون به، يغنون لأمهاتهم ويرقصون كبارا وصغارا، يقدمون لهن الهدايا، يقبلون أيديهن ووجناتهن، وأنا عنك في منأى تئن به شغاف قلبي حزنا، فتشمت بي أركان البيت المظلم بدونك.
آه ياأمي ثم آه، دعيني أفرغ شيئا من شحنات قهري فأكتب لك بكل ماأحسه من حرقة وأنين، أنا مشتاقة إليك جدا، فهل أنت بشوق إلي بشيء من الشوق الذي أحسه لك، أم شغلك عني زوجك وأولادك وبت على هامش حياتك وأنا الخلية من كل شيء مشرق حتى الهوامش وحوافِ الجزئيات؟

لم أعد صغيرة ياموطن قلبي ويا رعشة شوقي وياأمل وجودي.
اليوم ابنتك ارتفعت قامتها في الهواء شبرَا آخر، وضاقت ملابسها القديمة عليها مثلما ضاقت الدنيا حولها، فحرمتها رؤيتك في فترة نموها الأخيرة فكرا وجسدا، بالله عليك ألا تشعرين بالخسران وأنت تحرمين من رؤية تفتح الورد فوق خديَّ وأنا أزداد طولا ونمو فكر وتقدم وعي؟ أظنك تشعرين بذلك، ولكن واجبات حياتك الجديدة تجبرك على سحق مشاعرك بالصمت المقيت، وتدفعك للتفلت من قيودها التي قد تهدم أركان بيت تعملين على بنائه بعد خراب بيتنا القديم، فزوجك لايرحب بي لأني كما قال أذكره بأبي، كزوجة أبي التي أذكرها بك، وأنا من يدفع ثمن هذه الذكرى غاليا بميزان الحرمان، ولكن يظل الواجُب واجبا، وهما ينكران علي ارتشاف مايبل جفاف قلبي من الحنان، فأي تعاسة أحاطت بي وأنشبت أنيابها في عمق كياني الصغير؟

صدقيني يانور عيوني بأنني أعذرك وسأعذرك مهما حصل، وأجدني أهمس في أذْن الأثير بأن يتلطَّف بي قليلا فيبلغك رسالتي إليك في عيد الأم، وأنا أحتفل مع أختيَّ سها وهدى وأخي سامر بهذه المناسبة السعيدة لكل الناس إلا لي، فهي مبعث وجع ينهش أحاسيسي بوحشية رهيبة وإن ارتسمت فوق شفاهي الفرحة بالعيد.

قل لأمي ياأثير المحرومين أمثالي من الحنان، إنني أحبك ياميمتي، وسأظل أحبك حتى تصعد روحي إلى ربهاوتدفن كل أحزانها وحرمانها في دار الفناء.

كل عام وأنت أمي، كل عام وأنت بخير، كل عام وأنا أزداد بك تعلقا وإن لم أرك في وجهي تبتسمين، فابتسمي لأجلك، لأجلي، ولأجل أمل باللقاء، واهتفي لي بسرك إلم تستطعي ذلك جهرا.

المحبة لك حتى ابنتك\ سحاب


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى