الثلاثاء ٢٧ أيلول (سبتمبر) ٢٠١١
بقلم شادي شحود حلاق

عندما كنتُ كبيرا

سارَ بينَ السمعِ حيناً والبَصرْ
لامسَ النورَ بلطفٍ فانكسرْ
بعدَ أنْ أطفأتُ نفسي صرتُ ثلجاً
عندما لامسَ أنفاسي استعرْ
يا رغيف الخبز مازلتَ صغيراً
كيف كيف الآن حاصرتَ البشرْ؟!
*
عندما قُدِّسَ عطرُ الخبزِ أهملنا الدماءْ
فَتَرى قد صارَ في كلِّ رغيفٍ، دَمُ أو روحُ شهيدْ
عندما قدْ قطَّعتْ كفّي رغيفَ الخبزِ ثارتْ فيهِ أصواتُ البكاءْ
وتأملتُ، بنورِ العينِ ، كفّي، فوجدتُ القلبَ فيهِ والوريدْ!
*
نَخلعُ الأقدامَ، والدّنيا سَفَرْ
يهلكُ الجسمُ، فلا يبقى أَثَرْ
بينَ نفْسي ومرايايَ زمانٌ
قَتَلَ الأشواقَ، والدربَ قَبَرْ
وأتيتُ ـ اليومَ ـ مرآتي أراني
فأتى جسمي، وروحي ما حَضرْ
*
جسدي الأوّلُ والحُرُّ يغيبْ
غابَ عنهُ النِّيلُ، شاخِ النّخلُ، والضّادُ تخلّى عن لساني
وفلسطينُ منَ الكفّينِ سالتْ؛ فسرابُ الجسمِ في ظلّي وحيدْ
كنَّستْ نفْسي.. يدايْ
وأنا لملمتُ بعضي، ومشيتُ الخطوةَ الأولى ببطءٍ
فتساقطتُ ـ هنا ـ خلفَ خُطايْ
ومشى ظلّي وحيداً باحثاً في الدربِ عن جسمٍ جديدْ ...
ها أنا ما بينَ مرآتي ونفسي صرتُ أمشي
جئتُ منْ صمتٍ طويلٍ، منْ خلايا الوقتِ، منْ صمتِ سكونٍ،
منْ مسارِ الروح حولَ القلبِ منْ صَبرِ الصَّبُورْ
واتخذتُ الحُبَّ عيشاً، وجَعلتُ الخَفْقَ ـ خفقَ القلبِ ـ وقتي
فغدا ينبتُ في الأحلامِ عيشيْ
وحملتُ الأرضَ إنساناً على جفني ورمشي
وبكفَّيَّ العصورْ
وتكوَّرتُ.. وسرتُ
وبديلَ الأرضِ أصبحتُ أدورْ
هاجرتْ منِّي صفاتي عندما جاعتْ، وغابتْ ...
وحواسي عَسْعَسَتْ حتى تلاشتْ بينَ أوهامِ الأثيرْ
*
رُبَّ جوعانٍ على الله، عَثرْ
فأتاهُ الكفرُ خُبزاً فكَفَرْ
علَّمتني هذهِ الدنيا دروساً
عندما قدْ كنتُ في سنِّ الكِبرْ
فأرى ما خلفَ جدرانِ جهاتي
وامتلكتُ الآنَ أحكامَ النّظَرْ
أيها النّاظِرُ لا تنظر بعينٍ
أبصرِ الرّسْماتِ منْ خلْفِ الصُّوَرْ
إن أتاكَ الصوتُ كالرّعدِ تريَّثْ
ليسَ ليثاً كلُّ منْ فيكَ زَأرْ
وإذا شاهدت ثغرا صامتا لا
تعجلِ الحكم فتدعوه افتقرْ
إنَّ في الصمت بحاراً من كلامٍ
تختفي في مائها أحلى الدُرَرْ
*
ظلَّ ظلي في طريقِ الوعدِ يمشي وارتدى جسمَ المقاتلْ
فانحنى الدربُ لهُ خوفاً ورُعباْ
والّذي كانَ أمامَ الظّلِ رأساً صارَ كعباْ
كانَ ظلّي، قبلَ أنْ سافرَ منْ جسمي ، سكوناً
فجأةً بالحقِّ كالإعصارِ هبَّاْ
إنّ من سار بحبٍّ وصبَرْ
نالَ ما كانَ مُحالا، وانتَصَرْ
قدْ تعلمتُ بأنَّ الـ ـكانَ غيماً
فَهْوَ هذا اليومَ ـ لا بُدَّ ـ مَطَرْ
وإذا كانتْ دروبي حُفَراً
فالغايةُ الكبرى أراها في الحُفَرْ
هذهِ الدنيا اتزانٌ ـ كلَّما تعلو
جبالٌ، دربُها منها انحَدَرْ
لمْ يزلْ ظلّي يقاتلْ
وأنا أبحثُ عن نَفسي بصمتٍ .
أيّها الظّلُّ فقاتِلْ
عُد إلى جسمِ الأوائلْ
قال ضوءٌ، هذه الأنوارَ، من بين السّلاسلْ
ها أنا أنظر في المرآةِ لكنْ غابَ نصفي
وفتحتُ اليومَ كفّي
فإذا الأوطانُ في كفّي أناملْ
تمسكَ السّيفَ، تقاتلْ
ورأيتُ الظلَّ فيها ورآني وإليه قدْ دعاني فارتديتُ الظلَّ ـ ظلّي وارتداني
وانفجرنا كالقنابلْ
عندها قد بانَ شكليْ
ها أنا أوجِدُ كُلّي
علَّمتني هذهِ الدنيا الكثيرا
عندما كنتُ كبيرا
فاكتملتُ اليومَ ... أصبحتُ صغيرا
واعتراني؛ لستُ أدري ما اعتراني
إنما ألبسني ثوبَ الحياةْ ـ
لولبياًّ طارَ منْ عينيَّ مَرْ
زرعَ الروحَ، وفي جسمي استقرْ
كنتُ دوني إنّما جمّعني فِيّ
معي ـ صرتُ كأَنْ كلّ البَشّرْ
عندها قلتُ لهُ، والصوتُ يدوي،:
أنتَ مَنْ .. مَنْ ..؟!
قالَ: إنّي؛ وانفجَرْ.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى