الاثنين ١٦ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٦
بقلم أحمد حسن الزعبي

عندما ينحني الحرف..

لجأ بعض المثقفين الفلسطينيين مؤخرا للعمل في اسرائيل كعمال بناء..بعد أن تأخر صرف رواتبهم شهورا طويلة، وبعد ان استمرأت القوى عندهم لعبة العض على الأصابع، فخلع الجوع لباس الصبر لديهم ..وسطت اللقمة على مارد الرفض..تسللوا ليلا بين الكروم مثل اللصوص وكائنات العتمة، ليسرقوا عيشهم المسروق.. هناك وجدوا اللقمة والموت ولم يجدوا أنفسهم..

معلم التاريخ، الذي كان يكتب على السبورة كل صباح / لن نفرط بتراب فلسطين./ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة/ المقاومة خيرانا الوحيد.. لا بد أنه ذرف دمعا مرا وهو يخلط الرمل الوطني بإسمنت الاحتلال، ولا بد أن صوت نشيجه ارتفع على صوت الرافعات وضجيج البناء،وعلى صوت الأمعاء الخاوية، و بكاء الأطفال المنتظرين..رمل وطني، واسمنت احتلال، ودموع مواطن مسحوق..أي خلطة لأي سلام؟...

شاعر تفعيلة ترك أمه وشقيقتيه، تزنر بالمسامير والحروف والفواصل.. دق مسمار في جدار الموت، فاستحال ألفا في قصيدة وطنية، دق ثانية وثالثة ورابعة فاستحالت كلمات من غير معنى، رمى المطرقة من يده وبكى، فتفعيلة الاحتلال لا تخضع لأي وزن..

روائي مغمور، حمل القضيب تلو القضيب وسار باتجاه السياج..تشققت يداه فلم يأبه بهما ، هرول بأبطاله وأحداثه وحبكاته ونهاياته الحزينة ، مسح عرقه الخجول، و قبل أن يمد يده لمسؤول البناء ليعطيه عشرين «شيكلا» بلون الدم...ركض فقطع يديه مرددا لقد بنيت سجني بكما، لا عشت سجينا خائنا...

قاص شاب رفض الكشف عن قصصه، في آخر النهار مزق طاقية العمل بسكين، نفض الغبار والباطون عن ثيابه، ثم حفر بذات السكين على التراب..(فلسطين، يا رائحة الحنطة والزيتون..يا لون السماء الطازجة، والتطريز في ثوب أمي...اغفري لنا خطايانا..فنحن حائرون حائرون..فلسطين يا أمي، أنت القلم والسطر و صراطنا المستقيم، سامحي الحرف ان أتعبه الوقوف وانحنى).

بقلم : احمد حسن الزعبي
عن صحيفة الرأي الأردنية


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى