الثلاثاء ١٢ حزيران (يونيو) ٢٠١٢
بقلم
عهدٌ مسرعٌ كشهاب
قصدتُ عناقَها بَعدَ اغترابِ | وقصدي واضحٌ حدَّ الضبابِ! |
أجمِّعُ من تبقّى من وجودٍ | وأمضي نحو بغدادِ الشبابِ |
وأعلمُ أنها ظلتْ حلوباً | يغرِّدُ في جنائنها المُرابي |
وأعلمُ أنها شاختْ مِراراً | وناحَ بها الربابُ على الربابِ |
وناختْ فهي تسجدُ لا لتقوى | ولكنْ هكذا ثقلُ المَصابِ |
وباختْ! مثلما مطَّتْ شفاهٌ | على مهلٍ أوابدَ من خطابِ |
وداختْ! فهي تنهلُ من وعودٍ | شراباً بل وألعنَ من شرابِ! |
فمن أحقاد بعثيٍّ غبيٍّ | إلى قَزِمٍ حراميٍّ وهابيْ |
إلى دنيا سياسيٍّ تساوى | - وقد قُبِرَ (المهيبُ) - مع الذئابِ |
وكُثْرٌ حذَّرونا من بعوضٍ | وهمْ أبناءُ عمٍّ للذبابِ |
كذا وطنٌ رثاهُ الكونُ مأوىً | لمَن قاسى وغُيِّبَ من رِهابِ |
حليقُ الحقلِ لا ثمرٌ لذيذٌ | سوى الغَصّاتِ تَينع في الرحابِ |
ولا ترجيعُ أطيارٍ صباحاً | على بيتٍ ولا طَرْقاتُ بابِ |
يغلِّفُهُ السكونُ كما الهدايا | ليسهلَ فتحُها بيد الخرابِ |
فقلتُ: ستعسرُ الأحوالُ حتماً | عليهمْ والمصائرُ للترابِ |
عزيزٌ ذلَّ لا معنىً لشكوىً | ولا التهليلِ للدمِ والعذابِ |
أراني لامحاً أسرارَ طيفٍ | تجمَّعَ فجرُهُ فوق القِبابِ |
ويا أمي التي رانت بنورٍ | على الصوبين يا تعبَ العتابِ |
أجيئُكِ والسنون قطارُ حزنٍ | وسكةُ حيرةٍ لأقولَ ما بيْ |
وإنكِ يا سلمتِ جوابُ حلمٍ | غزاني مُشرقاً والبالُ كابي |
حلمتُ بثورةٍ وهديرِ رعدٍ | لعهدٍ مقبلٍ مثلَ الشهابِ |
ثراءٌ في النفوسِ وفي المغاني | وفي الحدَقاتِ حيثُ أرى انتسابي |
وألمحُ ما يسافرُ من مَراعٍ | ومن مدنٍ وبستانٍ وغابِ |
وبلدانٌ نراها في بلادٍ | ومكتبةٌ نراها في كتابِ |
ليهجرَ أمرؤ القيسِ العذارى | فيُسجَنَ في هوى أمِّ الربابِ! |
وتنتصرُ الحياةُ غداً كلحنٍ | يهدِّىءُ روعَ نازكَ والسيابِ! |
ويلهمُني لأشكرَ كلَّ حينٍ | (جمالاً) كلَّ شكرٍ و (العِقابي) (*) |
إذنْ لي أمسيَ الحاني شفيعٌ | لُبابٌ نابَ دفقاً عن لُبابِ |
وأشعلَ خاطري بلظى قصيدٍ | فأشعلتُ الحدائقَ والروابي! |
بروقاً وانطلاقاً واستباقاً | لأحصنةٍ تحمحِمُ في السحابِ |
وضلَّلَ كلَّ دربٍ من دروبي | فلا أدري ذهاباً من إيابِ! |
(*) أردتُ الشاعرَين العراقيَين المقيمَين في الدانمارك جمال مصطفى وحميد العقابي فأنا ألهج بالشكر لهما فقد استفدتُ من خبراتهما الشعرية كثيراً في بداية رحلتي مع الشعر .