الاثنين ٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٠
بقلم يحيى السماوي

فضح الهوى سـرّي

لا تسـألي مَنْ كان قـد وهَـبـا
في الحـبِ تِـبـرَ طفولةٍ وصِبا
 
مـا زال رغـمَ حَـريـقِـه ِ مَـطـراً
يَـسْـتـنـبِـتُ الـرّيحانَ والعِـنَـبـا
 
وُشِـمَـتْ جـوارحُهُ بمَنْ سَكنتْ
قـلـبـاً أنـابَ لِـنـبـضِــه ِ الأدبــا
 
أســرى بـه ِ والعـشقُ هودجُه ُ
مـاضٍ يُـطِـلُّ ّ عـلى غـد ٍحَـدِبـا [1]
 
أوَلَـسْـت ِ نـاعـوراً لـجـدولِـه ِ
ولِـعِـقـدِه ِ الـياقـوتَ والـذهَـبـا؟
 
فـي أقحـوانِـك ِ مـن مَـدامِـعِـهِ
دفءٌ ونـفـحٌ غـالَـبَ الحُجُـبـا
 
أفـتسـألـيـن سـواه؟ أيُّ هـوىً
يُـنسي العيونَ الجفنَ والهُـدُبا؟
 
تـنـأى بـهِ الأحـلامُ فهـو عـلى
وجْـدٍ يُـؤمِّـلُ مـنـكِ مُـقـتَــرَبـا
 
يَـقـفـو دُجاكِ بـشـمسِ مُقـلـتِه ِ
لـو أنَّ قـنديـلَ الـمسـاءِ خـبــا [2]
 
ويَـرشُّ رملَـكِ من نـدى دمِـهِ
ثـمِـلٌ وغـيرَ هـواكِ ما شربـا
 
صَـدقـتْ ثـمالـتُـهُ وقـد كَـذِبَـتْ
كـاسـاتُــه ُ... ورحـيـقـه كَـذِبـا
 
أيقظتِ في الطفلِ الألوفِ مُـنىً
هَـرِمَتْ ونبعـاً كان قد نـضـبـا
 
ياويحَـه ـ الطفلَ الألوفَ ـ أمـا
خَبَـرَ الهوى وهْماً ومُـنـقَـلَـبـا؟
 
نكـثـتْ بـهِ الأحلام فانـتَـبَـذت
جفـنيهِ لـمّـا أدْمَـن َ الـوَصَـبـا [3]
 
ويْحيْ عليكِ ..عليّ ..أيّ هوىً
صـرْنـا لِـمَـوقِـدِ ناره ِ حَـطَـبـا؟
 
فـضحَ الهوى سِرّي وَوَطَّنني
كهفا ً مع الـبلوى .. ومُغـترَبا
 
وأذلّ قــيـثــاري فـمـا عـرفـتْ
أوتـارُهُ في غُـربــة ٍ طَــرَبـا
 
عَـتَـبي عليّ .. نزفتُ أزمنـتي
مُسْـتسهلاً في الحب ما صَعُبا
 
عَجَـبـا ً عليّ! أكلّما طُـعِـنَـتْ
روحي أزيـدُ صبابة ً؟ عجَـبـا!
 
جَـحَـدَ الحبيبُ فقلتُ: ذا زعَـلٌ
وقـسا فـقـلتُ: مُـسامحٌ عَـتَـبـا
 
نـدْمى فنسترضي يداً غرسَـتْ
رُمْـحَ الجفاءِ وأوْهَـنَتْ عَـصَـبا
 
مولايَ ياقـلـبي.. أمِـنْ حَـجَـر ٍ
ترجو لعـشْـب ٍ ظامئ سُـحُـبـا؟
 
سـتون ـ أو كادتْ ـ وما برحتْ
سُـفُــني تُصارعُ مُـزْبِـدا ً لَجـِبـا
 
سـتون ـ أو كادت ـ ولا مطــرٌ
عـذبٌ يُضاحِـك ُ مُـتْـعَـبـاً تَـرِبـا
 
سـتون .. يُوهِـن عزمَها وجَعٌ
في الروحِ أنّ الحَـتْـم قد قـرُبـا
 
ســتـون ـ أو كادت ـ ولا أمَـلٌ
ليْ بالرجوعِ لِمَعْـشَـر ٍ ورُبــا
 
لـ (سماوة ٍ) شُغِـفَ الفؤادُ بها
فـاخـتارهـا لـرفـيـفِـه ِ نَــسَــبا
 
ولنخـلـة ِ( البرحيّ) تُـطعِـمُـنـا
ظـلاً بصحنِ الحَـوشِ والرُّطَبا [4]
 
كـنّا ـ لفرطِ الـودِّ ـ نحـسَـبُـهـا
حِـرْزاً ونـاطـوراً ودرعَ صَـبـا [5]
 
مـازلـتُ أذكـر عُـشَّ فـاخِـتــةٍ
فـيهــا وفـرْخـاً آمَـنَ الـلعِــبـا
 
ما حالها بعـدي؟ وهل عـبثتْ
أيـدٍ بعُـشّ ٍ يحـضـن ُ الزُّغُـبـا؟
 
شـوقي لبسـتان ٍ وجـدتُ بـه ِ
بدءَ الهوى لـلـثمِ مُـحْـتَـطـبـا
 
للطين ـ وهو دُمى طفولـتِـنا
ليت (السماوة) تتقن الهَـرَبا
 
بيني وبين ضحى شواطـئهـا
شِـبرٌ ـ زماناً ـ لـيـته احتجبا
 
فيحاءُ .. لـولا أنّ طـاغـيــة ً
ألـقـى على بستانها الجَـرَبـا
 
فتوسّدت صخراً وما التحفتْ
إلاّ صديدَ القـيح ِ .. والسّغـبا
 
أمسَـيْتُ لا جوعا ً ولا بَـطَـرا ً
أختارُ عـن أفـيـائـهـا الهَـرَبا
 
رغَّبت نفسي عن (سماوتها)
لكـنما الـقـلبُ العَـنـيـدُ أبـى [6]
 
جفّ النداء على فمي ومشى
تَـعَـبٌ بعـكّـاز المُـنـى فـكـبــا
 
تلهو الرياح بجفن أشرعتي
وتغِـلُّ دون الطالبِ الطّـلـبـا
 
الذكريات؟ تُـزيـدُني وجَـعــاً
ولقد تؤجِّـجُ زفــرة ٌ لهـبــا
 
أصـداءُ لا أغـلى ! تُـذكّـرنـي
بغـد ٍ قـتيـل ٍ أو رمادِ صِـبا
 
نـبَـشَـتْ سـويـعـاتٌ مُجَـنّحـة ٌ
عـمري فألفتْ صـرحَـهُ خربا
 
ماذا سـيـبـقى من حـدائـقــهِ
إنْ كان زهـرُ شـبابهِ احتُطِبا؟
 
سَـكب النوى عمري فلا عبقا ً
أبقى بكأسِ الـقـلب أو حَـبَـبـا!
 
كـتَـبَ الهوى أن يُستباحَ غدي
باسـم المنى .. يانِعـمَ ما كـتبا!

[1حدب: شديد التحنان والعطف

[2يقفو: يتبع

[3الوصب: المرض من صبابة

[4الحوش: الفناء المحيط بالدار

[5الصَبا: بفتح الصاد : الريح التي تهب من الشرق ـ وهي مستكرهة في العراق لكونها ريح سموم

[6إشارة إلى بيت أبي ذؤيب الهذلي:
والنفس راغبة إذا رغبتها وإذا تُردّ إلى قليل تقنع


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى