الاثنين ٣ آب (أغسطس) ٢٠٠٩
بقلم أحمد مظهر سعدو

في الرحلة كذلك

وتستمر الرحلة صاعدة، غير هابطة، في عملية صعود ترنو لتواصل جواني يحاور الروح بلا بوح، ففي الأربعين الداخل في أتون النسق الهيامي تواصل لا انقطاع فيه، وعبور للنفق نحو للمجهول، بل المعقول في معظم أحايينه.

غادرنا وقد سبقتنا الرند يرافقها الحمد، إلى هناك حيث الأهل والخلان، وتبعناهما في اليوم التالي، إلى مضارب الربع وملاعب الصبا، واعتلا الرحلة نجم العمر والعامريين، بإطلالته البهية، وطلته التي ما زالت رغم السنين عصية عصية، ومازال المشروع الكبير الذي حمله منذ نعومة أظافره، على الكاهل وفي القلب.. مشروع النهضة العروبية، والى جانبه وجواره رفيقة عمره العلية العامرية، ومن يزداد المرء ابتهاجاً ووعياً برفقتها واعتلائها مركبته الودادية.. وهي من سررنا برفقتها في السنة الفائتة، وما أجملها من سوية مسائية بالمعية الصباحية.

ومركبتنا تصدرتها أقحوانتين من الياسمين الدمشقي.. ففي الوعي والفكر والعلم.. في الأدب والتهذيب والنظرة الثاقبة، تلين اللين في أبهى وأروع اكتمال البدر تجلله المعرفة البيئية.. وفي شق الأقحوان الدمشقي النزاري تتربع في المقدمة منارة للجدارة والشطارة الألمعية، تساهم بين الفينة والفينة بحوارات ذات طابع عميق، وادراكات علمية تجارية، أما الإنارة الربانية فقد ظلت تنبثق منها وعبرها أرواح آدمية، تعود وللعود الوذ.. بصوت يصدح كمؤذن للصلاة الإلهية.. في حالة عنفوان وحركة لا تهدأ خبرة وظلاً للخير العميم وديمومة العشق الأحمدي.. وفي ماهية ليننا الطفولية البريئة كنا ننعم ونستمر نتلهف لبراءة طالما عشقنا فرحتها التي لا تنطفئ، ولا تقف عند حد، فالقطة ما زالت هي القطة التي أموت فيها انفلاتا أبوياً لا يستوقفه شيء.

في الأربعين وبين الأخوة المحمدية المصطفية، وفي لحظات الفرح المنبثق من لوحة جمالية للأحفاد.. وهناك حيث صعود الجبال غاية أدركناها جميعاً وكانت إطلالتنا مع الجمع الجميل المحب.. وغدونا نصعد الجبال الشاهقة وسط فرح ثلة الخلان، ولفحات الشمس التموزية، وكم كان المكان واسعاً، وكم كان الحب عارماً، وكم كانت الحركة صعوداً هبوطاً، واصلاً إلى رنو رائع إلى وادي جميل مبهر، كان قد عاد بنا إلى ذكريات عام مضى، ولوحة فرح سبق وسعدنا بها في سنة سبقت. في لوحات الفرح الآني رسمنا بالحب نزهة ليست ككل النزهات، واستطعنا أن نتواصل عامرياً سعدوياً بآلية للعشق أمسكنا عبرها بتلابيب القلب، وأيقونة العشق السرمدية.

في الامتداد الطويل ونحو حلب الشهباء وفي الطريق الموصل إليها.. عدونا نحو أمسية للعب والهيام، والأمل المنظور، ولأحلام ما برحت في الداخل والأتون.. وفي عمق الامتداد المستريح، على سهل بديع ارتسمت ابتسامات آسرة، وانسدحت عبارات ناهلة من معين قلوب لا تشوبها شائبة.. وفي أمسيات الجبل الشامخ الشاهق.. ويوم نهرب من برد الصيف ونسماته العليلة نذهب بأبصارنا إلى الأفق البعيد البعيد الذي يرتفع بنا إلى عالم السحر والجمال البديع.. في آخر الأفق ثمة شفق من بعيد يضفي على الجلسات المسائية طابع أحلام اليقظة التي تنهل من معين قلب يتسع للجميع.. وعندما يحين المغيب، وتأفل ساعات الرحلة، وتتلاشى لحظات المسرة التي لا تنسى، ويقتربُ العَود والعَود أحمدُ، يتمنى المرء والحافلة تعودُ أن يمتد الوقت ويمتد الزمن حتى لاتنتهي هذه اللحظات.. لكن الواقع غير ذلك فالرحلة أفلت.. لكن جمالياتها لن تأفل أبداً.. رويدا رويداً يا هذي المركبة تباطئي وأكثري من البطء، فالسعادة لا يملكها المرء دائماً.. ولحظات الفرح لا يدركها الناسوت مطلقاً.. لكن و مع الرحيل يتمسك المرء بأمل لا بد آت.. أمل العودة لحالات أشبه, وأزمان قريبة من القلب والحب ومن نحب.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى