الخميس ٣٠ آب (أغسطس) ٢٠٠٧
بقلم مجيد البرغوثي

في الشعر وأمَرَائِهِ وإمَاراتِه

أعرف أن تميم البرغوثي لا يسعى إلى لقب أمير الشعراء، بل إن اللقب يسعى اليه. وهو مثلي ومثل كثير من الشعراء لا يؤمن بالألقاب في الشعر. وتميم لم يذهب إلى برنامج أمير الشعراء إلا لأن لديه شعراً يريد أن يوصله إلى ملايين المشاهدين ممن يتذوقون الشعر ويعرفون لغة العرب. وهذا رد على من قال إن الشعراء المشاركين في برنامج أمير الشعراء يسعون نحو اللقب والمال .. ولكل امريء في الدنيا هدف يسعى الى تحقيقه، فمنظموا برامج المسابقات يسعون الى الاستثمار في برامج تحقق لهم ربحا، والهيئات الثقافية الرسمية تسعى الى تحقيق اهدافها الثقافية الرسمية، والشعراء الحقيقيون يسعون الى ايصال اشعارهم للناس .. وفي ذلك كله وفي الشعر والشعراء وأمرائه واماراته، كتبت هذه القصيدة. ( مجيد)

في الشعر، كلٌّ لهُ من سَعيهِ أرَبُ
المَجدُ والمالُ والأضوَاءُ والطرَبُ
والحقُّ أولى بحُسن القول فانتبهوا
فربَّةُ الشعر فيها الصدقُ والكذِبُ
وأعذَبُ الشعر، عند البعضِ، أكذَبُهُ
هل الشرابُ سرابٌ عندَما شربوا؟
لا يعشقُ الشعرُ إلا ذاتَهُ فإذا
تَبعتهُ، كيفَ تدري أين تُجتَذَبُ؟
كالخَمر، يَسري وينأى حين تتبعهُ
إن كنتَ في غرفةٍ فالغرفةُ السُّحُبُ
الشعرُ كالعشق يغري مَن يُصاحبُهُ
كالجنِّ يَلمسُ لمساً وهو مُحتجبُ
والدهرُ والناسُ والنقادُ مَحكمَةٌ
والحُكمُ للدَّهر فهوَ الناقدُ العجَبُ
يَرى الكلامَ كثيراً ثم يَفرزُهُ:
الشعرُ يبقى وشِـبهُ الشعر يَنسحِبُ
الشعرُ ضوءٌ وشبهُ الشعر ثرثرَةٌ
الشعرُ كالشمس فيهِ النورُ واللهَبُ
ولا يقدِّمُ قومٌ شاعراً .. أبداً
إلا إذا كانَ في أشعارهِ السببُ
ويصنعُ الناسُ ما هم يرغبونَ، وَهُم
لن يصنعوا شاعراً حتّى وإن رَغِبوا
وليسَ مِنّا الذي يَسعى إلى لقَبٍٍٍٍ
فالشاعرُ الحُرُّ يَسعَى نحوَهُ اللقبُ
وليسَ في الشعرِ مأمورٌ وآمِرُهُ
ولا أميرٌ .. فكلٌّ عِندَهُ الذَّهَبُ
كلٌّ أميرٌ عزيزٌ في إمَارتهِ
فهل يظلُّ أميراً حينَ يُنتخَبُ؟
كلٌّ يَرَى نفسَهُ في شِعرهِ مَلِكا
فوق الملوك فإن حاكمتَهُم غضِبوا
الشاعرُ الحقُّ في ساحاتِنا أفُقٌ
فلا الوساطةُ تبديهِ ولا الحَسَبُ
وفي "تميمٍ"رأيتُ الشعرَ مُجتمعاً
السحرُ والبحرُ والإشراق والأدبُ
والصوتُ والصمتُ والتوقيتُ بينهُما
والروحُ والشكلُ والمطلوبُ والطلبُ
فإن سمعتم بعَمٍّ شادَ بابنِِ أخٍ
لشاعِريتهِ، شعراً، فلا عُتَبُ
وإن مدحتُ أخي فالشعرَ يَمدَحُهُ
وليس يَدخلُ في أحكامهِ النسَبُ
ويَمدحُ الشعرُ مِنا كُلَّ مُقتدِرٍ
ولن تُضلِّلُهُ الألقابُ والرُّتَبُ
ولا القبيلة والأموالُ تخدَعُهُ
ولا التفاخرُ والتصفيقُ والصَّخبُ
إني لأصغي بأُذْن الدَّهر لا أذُني
وما شهدتُّ هنا إلا بما يَجبُ
الشعرُ فينا عُصاميٌّ بفطرتهِ
فالشعرُ مَوهِبةٌ والمَدحُ مُكتسبُ
وفي بلادي يقولُ الناسُ مَلحمةً
كتابُها الشهداءُ الشمُّ والشهُبُ
في الروح والأرض شعرٌ لا يحاصرُهُ
جندُ الغزاة ولا الجُدرانُ والحُجُبُ
الروحُ مَنبَعُه والكونُ مرتعُه
والناسُ ترفعُهُ والدَّهرُ والكتُبُ
الشعرُ ديواننا والحقُّ في دَمِنا
وفيهمَا يتجَلّى العِزّ والعَرَبُ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى