الأربعاء ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٣
بقلم سليمان نزال

في شارع يموت

رأيتُ صديقي
محبطاً من ممالك السقوط كان
يائساً من شارعٍ عربيٍ يموت..
رأيته مكتئباً..
يحني رأسه فوق صرختين
و يريد الموت يأتيه عاجلا
يأتيه في جللر
في كبرياء يأتي
شجرُ اللوز يسبقه و العنفوان البلدي
وأغصان الأماني.. و رائحة الرجوع
إلى النهرِ و البرتقال و البيوت..
رأيته ساخطا..
على زمن مأفون..
راياته البيض تحملها..
عصبة ذليلة..أدمنت السكوت
و عشق الذهاب إلى القيود..

كان القنوط يخرج من مسامات و قته.
من تفاصيل جلده..من غثيان فاجع
يصيرُ حبالاً..حول جسمه البائس..
يتشابك مع حبال الشك و الوريد
فدعاني في لحظة تسليم و إنكسار
أن نفر من عوسج النضال
إلى حرير التواري و ا لشرود..
فدعوته في غضب
إلى الإصطبار و الإحتمال..
كي نبقى نطلب الشهادة و الديار.
و ندعو كل نبضة
في دمنا و عروقنا
ندعوها إلى الثبات و الصمود

قال و هو ينظر إلى جرحي في إرتياب
و يجرر إنكسارته و أساه خلفه
كمراكب حطمها الربان و التيه و العذاب..
كموعد يغتاله العجز و الحدود:
من قال أني لا أريد
من قال أني لا أريد
من قال أني لا أريد بلادي
التي اموت و أموت و أريد
لكن قلْ لي بمن تثق
بهذه القيادات؟ بالحكومات
بقراراتها, بعقمها, بسجنها
أم بصمت الجيوش و التنابل و و الجنود؟
بمن نثق؟
بأقفية التواطؤ و الخنوع و التفريط
تجلس على خازوق العولمة و النهب
ثم تقول في تهذيب..
ليس لنا سوى شرط وحيد
هو شرط وحيد
أجعلوا من هذا الخازوق اليانكي, آخر ذنوبنا
و إجعلوه ناعما بعض الشيء
فالخشن لشعوبنا.. القمع للشعوب,
قبلنا أن نكونَ سمكة صغيرة
تبتلعها احقاد قديمة للحوت..
ألم نمحضكم كل الدعم و التأييد
و حتى قبل أن يصلنا منكم التهديد؟
قد بقيت حفنة من شعبنا لم تدخل المعتقل
لم تشاهد أيامه السود..

من تصدق من هذه الكروش
أصدقاء شارون أم عملاء بوش؟...
إنتهاكاتٌ ترتدي أحلامنا
مجزرة صهيون.. مجزرة لنا
و عند الساقطين بشارة هي وعيد.
أم تريدني أن أثق
بالدول التي ذبحت..
ثم إعتذرت على نقص في الجهود..
أم الدول التي منحت
أموالاً, و مساعدات و و أكياس طحين
لتسرقها في ليل الإجتياحات
جوقة فساد.. مراكز تعهير, و بضعة قرود
أم ترنا يا صديقي
من أجل ما يسمى بخارطة الإنتصار..
و خطط الطريق ..
نقتل الخطوات على الطريق
نصوب كل بنادقنا لصدر الإنتفاضة
ثم ننعيها بإفتعال و نحن نطلق النار..
و نراهن تمنحنا حقل الكرامة و الفخر
إدارة أمريكا..فتنصفنا, بعد أكل العراق
و تبرم مع قادتنا معاهدة ضد اليهود!
أم ترانا نهزمهم بأدعية فاخرة..
و ببعض التراتيل و القول الجميل
لنجنح إلى السلمي ركوعاً..
نشتمُ العدوَ قليلا قبل الفطور
و عند العشاء ندعوه إلى السجود..

رأيتُ حولي الصرخات و ذاكرة التشظي
من فوق إنفجاراتي تطوف
لكن, لم أرد أن أرى في زفرات صاحبي
هول التراجع و ذبول الخريف
فقلت : كن قويا في حلكة الظروف
لا تيأس
لك رفقة شجعان
ينتفضون في الميدان
و أنا مثلك لكن من غير قنوط
لا أثق بمعاهدة مع ذئبة
لو حجَّت عشرين حجة
و تظاهرت بالتوبة
و ملئت الآفاق أبخرة و تنهيدا على تنهيد
ثم عادت , إلى أصل الأشياء
في باحة التعري و الإغراء
تباشر الرقص المعهود
و في ليالي التابعين تفتح فخذيها في رشاقة
لحبر الصهينة , تكتب به
قرارات الحصار الجديد ضد من نعلمه من قومنا
و من لن نعلمه..
إلا عبر مدار العولمة و مشاريع التبديد.
لا تثق براقصة
تجتمع بين فخذيها حكومات و تشكَّل حكومات
و تسقط حكومات, و تصدر قرارات بين فخذيها
توزعها فضائيات و صحف العبيد
لا تثق بهم , لكن لا تيأس
لو رموك بعشرين ألف قذيفة
و إستقرت كل رماح الأمم
في جسمك الفلسطيني العربي المديد
لا تراهن أخي على مرعوب
تمثالٌ يقفُ بجانبِ تمثال
من الشمال إلى الشرق إلى الغرب إلى الجنوب...
يغلقون دون الفداء الحدود
ثم يعتقلون الحدود
لو سمحت بعبور كأس ماء لشيخ عجوز
أو سمحت بمرور تحية من صامد إلى شريد
لا تراهن على هذه الحكومات
رعديدٌ يخاصمُ رعديداً
ثم يصالحه على دمك
تراهم يفتشون قبرك و قبري خوفاً
أن ينفجرَ غضباً بالصهاينة
في ذكرى مذبحة أو ذكرى شهيد
أركلْ الإحباطَ
كأنك تركل رأس الهوان
و كن عنيداً
لا يفوز بالنصر و البلاد
إلا ّ كل صقر و باسل عنيد.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى