السبت ٣ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢٢

قراءة في كتاب «حروف من ذهب» للأسير قتيبة مسلم

فاطمة كيوان

كتاب حروف من ذهب هو عبارة عن مجموعة من الخواطر والنصوص نثرت على الورق (68) نص كتبت ما بين السنوات 2001-2007 ورتبت حسب تاريخ الكتابة في سجن عسقلان وهداريم.
وهو يعتبر كتاب النزلاء الاسرى في سجون الاحتلال وقصصهم المتشابهة.

فالسجن يبقى ذل وهوان ما لم يكن السجين "أسيرا من أجل قضية عادلة، وما لم يكن أديبا منجزا وقادرا على اثبات ذاته وعدالة قضيته بنجاعة، اما معرفية او علمية واجتماعية، وإلا أماته الألم والحسرة والذكرى والاغتراب.

هذا الحنين وهذا الوجع ينثره الكاتب على الورق في رحلة حنين الى الحرية بكلمات تعج باللوعة والحزن والبؤس أحيانا لفراق الأهل والابناء والأصدقاء وخاصة الشهداء.

فهو غريب داخل وطنه، تختل لديه الموازين والمسافات في كهوف العتمة الملآى بالخيبات. فالأسير لا يشارك أفراح ولادة ابناء الاخوة كما جاء في نص ((مليكة ص 79 ابنة أخيه)) فيقول:

أتت للروح تحمل وردة - حضرت على لحن التحدي.

ولا يشارك افراح وأتراح المعارف والأصدقاء مما يجعل كل شيء رتيب ممل مفعم برائحة العتمة الرطوبة والبؤس، وتزداد وتجتمع الغربة في نفسه حين سماعه بنبأ استشهاد أحد رفاقه بالكتيبة او الاعتداءات المتكررة فيشعر بالاختناق.

هذا الوجع نلمسه جليا في العديد من النثريات التي تضمنتها الصفحات مثل:

(حين تفضحنا الدموع) ص 104

كل شيء مزيف وجوهره مشوه، والدمار هو النهاية.

وفي نص "يا أخي" ص 71

أنت الشهيد المصلوب على منبر الترف.

ونص "إخوتي" و"لغياب"ص 72

ونص "اغتيال الحلم" ص 61

حيث يبوح:

جراح وراء جراح

غدر وراء غدر

الحلم يتكسر .. الحلم يتهاوى..

وفي نصوص أخرى نثر لنا آلامه واوجاعه وشوقه وحنينه للأهل والعائلة والأحبة .. لرائحة الأم وقبلتها...لحضن الأبناء .. يستذكر ابنائه وأحلام الطفولة في ((نامي يا صغيرتي))ص53

و (أعيش معك)) ص 136 فتطغى مشاعر اللوعة والحرمان من احتضان الابن وللزوجه في ((أحتاج اليك)) ص68 و (( هل تقبلين) ص 76 و (( الى التي لا تغيب)) ص74.

هذه جميعها تشعرنا أن قلب الأسير يعتصر شوقا وألما ولوعه للحب والدفء الأسري. فيعود باللوم والعتاب على الزمن الرديء المر المليء بالغدر والخيانة حتى من الأقارب...
ورغم كل المواجع ...يبقى الأمل حاضرا ورغم القيد السناسل.
فيهتف: ص116

صامدون ... هنا. خلف هذا الجدار الرهيب

وفي يدنا يلمع الرعب ... في يدنا

صامدون هنا ونحن اللهيب.. اللهيب

وفي دمنا يجري الأصيل

نعشق اللوز والزيتون

وغصن الورد والزعتر الحنون

صامدون هنا...نسافر هنا.. وسنبقى نسافر لأجل الوطن.

فنلمس من خلال هذه الكلمات.. ان الوطن باق داخل القلب ترابه الطاهر.. وهو معشوقه الأبدي الا أن يتحرر. فالحلم قائم...

(( فهو يحلم دوما)) ص 81.. يحلم بالتحرير..

وأن يأتي زمن لا ظلم فيه لا عسكر

وأن يسطع ثوب فوق الأقصى يتفجر..

وفي نص "الأقصى". يطغى عنصر الأمل والاصرار على النصر والتحرير.

وهذا كله.. جاء ليعزز اهمية الايمان العميق للكاتب بعدالة قضيته وان ذلك من يمنحه الأمل.. بأن الغد لا بد سيشرق فهم صامدون وسنبقى هنا....

ملاحظة: لغة الكاتب سهلة مفهومة واضحة المعاني والتشابيه. وبعيدة نوعا ما عن الرمزية. مما يسهل على القارئ الفهم.

***الكاتبة عضوة في اتحاد الكتاب الفلسطينيين الكرمل - 48

فاطمة كيوان

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى