الأحد ١٧ أيار (مايو) ٢٠٠٩
بقلم محمد إبراهيم العريني

لا تـغـفـري

أختنا الصغيرة لا تسامحينا ولا تغفري لنا خطيئتنا، وكيف تفعلين وقد طعناك بخنجر مدهون بسم الخيانة؟ كيف تفعلين وقد تركنا ذئاب الباطل يهتكون عرضك وينهشون لحمك؟ كيف تفعلين وقد شاركناهم في إعداد وليمة من جسدك الطاهر ثم مددنا أيدينا مع أيديهم لنلتهم لحمك الزكي ونحتسي معهم نبيذ دمك الطاهر، فتحنا أبوابك وسلمناك لزبانية الطغيان يذيقونك ألوانا من العذاب أمام أعيننا وكلنا رضا وقبول.

لا تسامحينا مهما حاولنا تبرير موقفنا، أيعقل أن نزج بك في آتون مشتعل ثم نضرب عليك سياجا يمنعك من الخروج؟ أيعقل أن نبيعك(أختنا) بثمن بخس ونكون فيك من الزاهدين؟ أيعقل أن نشارك مغتصبيك فعلتهم أو أن نصمت علي ما يفعلون؟ أرجوك أختنا لا تسامحي ولا تغفري.

دمك الطاهر يخضب أيادينا ولحانا، يوشمنا بوشم العار ما حيينا، صرخاتك تملأ جنبات الدنيا، وستظل تتردد في كل وقت، لن تتلاشي حتى بعد صمتك، بل ستظل حية لتشهد علي ذلنا، لن نستطيع محو الدم من علي وجوهنا وإن غسلناها ألف مرة، لن نستطيع محو صدى صرخاتك بل ستظل دوما مدوية شاهدة علي من باع الأرض والشرف .

لا ترقي لنا مهما سفكنا من دموع الندم، ولا تصدقيها أبدا، فتلك هي دموع التماسيح، فلا تأمنيها. لا تنخدعي إذا جئنا يوما لنسجد في محرابك طالبين العفو، فإن سجودنا كسجود إبليس حين يري طلوع الشمس من المغرب، خطيئتنا لا تغتفر، جنايتنا لا تبرر، كيف تغفرين لمن قتل صغارك ومنع عنهم الحياة؟ كيف تغفرين لمن ساعد عدوك في وأد طفولتك البريئة؟ بل كيف تنسين من جلب لك القصاب ثم قيد ساعديك وكبل قدميك وحد له السكين؟

أختنا الصغيرة لم يعد دمنا دمك علي الرغم من أننا إخوانك!!فخلايا دمك مليئة بالطهر والشرف، نعم أنت تملكين دما طاهرا ونفسا عزيزة، أما نحن فالخيانة تملأ عروقنا وتدنس دماءنا ونفوسنا، أنت قاومت الشيطان وحدك، وهزمتيه وهزمتينا معه.

لا تبكي علي دمك المسفوك، ولا علي جسدك المجروح، بل افخري بسيمات الأبطال التي رسمتها السيوف علي وجهك، فأنت الآن رمز العزة، أنت الآن رمز الصمود، لقد اثبتي بصمودك أننا جبناء، وبشموخك أننا أذلاء، أنت اليوم لست صغيرتنا، بل أنت أكبر منا جميعا، أنت اليوم لا تحتاجي لإخوانك الخائنين، بل نحن الذين نحتاج إليك لنستمد منك إباءا قد نسيناه، وشرفا قد دنسناه، وعزا قد فقدناه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى