الجمعة ٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٣
مصافحة..
بقلم بلقاسم بن عبد الله

لماذا الخوف من الصحافة؟

.. ومتى يتم إطلاق سراح القانون الموعود بفتح الفضاء السمعي البصري لتأسيس محطات إذاعية وقنوات تلفزيونية متعددة مختلفة؟.. وكيف يمكن تقديم إعلام كامل وموضوعي في حين تظل الأبواب موصدة مسدودة وعلى مصادر الخبر شمع أحمر؟.. لماذا الخوف من الصحافة مثلما هو الخوف من التاريخ؟.. تساؤلات مثيرة للجدل، صافحتني من جديد، بعد تأجيل صدور القانون المنتظر، وغياب البطاقة الوطنية للصحافة حتى الآن.

وسرعان ما عدت إلى وثائقي الخاصة، وركزت نظري على بطاقتي الوطنية للصحافة التي تحمل رقم 275 وتاريخ 2 جويلية 1975 وموقعة من طرف كل من وزير الإعلام ووزير الداخلية. ثم تجسدت أمامي عدة لقطات صغيرة ذات دلالات كبيرة ، على ضوء خبرة السنين الطويلة المثمرة من الممارسة الإعلامية الإحترافية.

لا شك أن للمسؤولين حسب حجمهم وعرض أكتافهم نظرات متعددة، تختلف بين هذا وذاك للصحافة والصحافيين، مثل اختلاف رأيتهم للمثقفين والسياسيين، وإن كانت هناك قواسم مشتركة تجمع بينهم، رغم أنهم لم يستفيدوا كثيرا من التعددية الإعلامية والديمقراطية في وطننا العزيز.

أكثرهم لا يفقهون معاني ودلالات مطالب المواطن في حق الإعلام الكامل والموضوعي، مثل حاجته لتوفير الخبز النظيف والعيش الكريم، فالأخبار التي تحمل بين ثناياها معلومات مثيرة وخطيرة لا تصل إلى المواطنين البسطاء عن طريق قناة طبيعية معلومة. وقد تتسرب بواسطة مصدر مقرب موثوق، أو جهات ما مباشرة إلى مسؤولي تلك الصحف المحظوظة، وهي أساسا باللغة الفرنسية. وموجهة لجمهور معين.. وتلك وسيلة أخرى للضغط أو التعتيم أو الابتزاز وانتشار وباء الإشاعات.

جلهم إن لم نقل كلهم، يحبون الصحافة والصحافيين، كلما تعلق الأمر بتغطية بدلا من تعرية نشاطاتهم المعدودة المحدودة في المكان والزمان، فهم يفضلون الكاميرا والميكروفون وآلة التصوير والتسجيل والقلم الوديع، يحبون براءة الأسئلة والقناعة بقشور الأخبار والمعلومات.

يخاف بعضهم الزيارات المفاجئة للصحفي، يصرون على تحديد موعد مسبق ويحرصون على تغييب الفرع النقابي أو ممثلي العمال، يذكرون الإيجابيات الواضحة دون السلبيات المستترة، من غير أن يغفلوا الصعوبات التي واجهتهم وهي من مخلفات المسؤول السابق حسب زعمهم.

على الصحفي غالبا أن يطرق سبعة أبواب قبل أن يصل إلى مقام المسؤول المقصود، فيستقبله بابتسامة عريضة وبعموميات ومعلومات ضيقة، لا تفتح شهية السائل، ولا تشبع نهم المتلقي، وبالتالي تغيب الحقيقة وتنعدم الثقة وتكبر الشكوك والإشاعات. وتزداد الهوة اتساعا داخل البناء المعماري الكبير، عبر الامتدادات الأفقية والمنعرجات العرضية، فمن المستفيد يا ترى؟..

إنه أستاذ جامعي يحدثك أثناء الجلسات الخاصة المغلقة، بطلاقة وصراحة، يسب وينتقد بشدة. لكنه سرعان ما يتلعثم وتتغير لهجته، عندما يراك تمسك القلم أو تفتح المسجلة، تتلاشى أفكاره ومواقفه الجريئة، ليتحول بين لحظة وأخرى إلى أرنب وديع يتحاشى قدر الإمكان إثارة غيره أو الإفصاح عن رأيه الحقيقي.

وأنت تقوم بإنجاز تحقيق ميداني أو إجراء حديث صحفي، ستلاحظ إلحاح المسؤول المعني على قراءة ما ستكتبه قبل نشره، إنه نوع من الفضول والضغط على درجة الرقابة الذاتية التي تقبع داخلك، رغم أنفك...

و قبل أن يشرع كل صحفي في الكتابة، يظل التساؤل المشروع يصافح قلمه المنتصب: كيف يمكن تقديم إعلام كامل وموضوعي للمواطن في حين تظل الأبواب موصدة مسدودة، وعلى مصادر الخبر شمع أحمر؟..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى