الخميس ٨ نيسان (أبريل) ٢٠١٠
بقلم شاكر فريد حسن

لماذا غاب النقد من حياتنا؟

 
في إطار السجال والنقاش الثقافي تطرح مسالة في غاية الاهمية وهي، غياب النقد من حياتنا الثقافية والسياسية والاجتماعية، كاحد اعراض الازمة الراهنة التي تعيشها شعوبنا ومجتمعاتنا العربية،فهنالك من يريد الاستعاضة عن النقد البناء وثقافة الحوار الهادف والنقاش الفكري الحضاري بالمهاترات والتجريح المرفوض،حتى ان الشتيمة غدت بديلا عن الحجة،ونهش لحوم الناس بديلا لمواجهة مواقفهم، وبكلمات اخرى تجري محاولات مسمومة لتلويث حياتنا العامة وضرب النسيج الاجتماعي.ان النقد لا يشمل الادب فقط ولا يعني باي حال التجريح والتصفيق المنافق الكاذب والمصطنع، وانما النقد يعني الكشف الموضوعي عن الايجابي والسلبي والمساهمة في اضاءة الواقع والفكر والثقافة والدعوة الى التفكير الحر والمستقل والموضوعي،الهادف للحقيقة والصالح العام.

فقد شهدت حياتنا الثقافية العربية في الستينيات واسبعينيات من القرن الماضي حركة نقدية جادة وفاعلة مطعمة بالقيم الثورية والوطنية والدمقراطية والجمالية الروحية،وهذه الحركة ساهمت في صياغة الذوق الفني والجمالي الشعبي وتوجيه الحركة الثقافية العربية،وطنيا ودمقراطيا، وعرفنا الكثير من الوجوه النقدية المغامرة الساطعة التي كان لها دور واضح وبارز في انعاش وتطور النقد والذائقة الجمالية،منها: طه حسين ومحمد مندور وغالي شكري وحسين مروة ومحمود امين العالم وعبد العظيم انيس ورجاء وفريدة النقاش ومحمد دكروب وفيصل دراج وهشام شرابي وادوارد سعيد وغيرهم كثيرون.

وبرائي المتواضع،ان اهم اسباب غياب النقد من حياتنا هي:انعدام الحرية والدمقراطية عدا عن سيطرة ثقافية العولمة الاستهلاكية وانتشار النزعات الفردية والذاتية والنرجسية المريضة واضمحلال القيم الانسانية العليا والتوجهات النقدية العقلانية،وكذلك تراجع المعارك الادبية والثقافية والمطارحات القلمية والسجالات الفكرية بين النخب والاوساط الاكاديمية والمثقفة بالاضافة الى تصاعد القمع والكبت والارهاب الفكري الديني ضد المثقفين والمفكرين والمبدعين العرب. وما من شك ان الاصولية،باسم الدفاع عن الهوية والاصالة،قد قامت باكبر عملية اغتيال للنقد وتدمير للتراث العربي الاسلامي عندما اعطت حق الفتوى في العلم والثقافة والادب،وانطلاقا من بيانات "الازهر "النقدي فان علينا ان نرمي بكل تراثنا النقدي العربي الى مزبلة التاريخ،في حين ان تراثنا الفلسفي كان يتداول من دون التهديد بسيف الحسبة ومن دون تكفير المرتد.

لذلك فان حياتنا ومجتمعنا وثقافتنا المعاصرة بحاجة ماسة الى النقد الشجاع والمسؤول والموضوعي الواعي الذي يعتمد التحليل والاستنتاج العقلي،النقد القادر على رسم المعالم الحقيقية للمستقبل والنهضة العلمية الحديثة،واحياء المشروع القومي الحضاري بالاضافة الى اغناء تراثنا الفكري والفلسفي والثقافي وتذويت القيم العليا،العقلانية والنقدية،التي حملتها ثقافتنا العربية الاسلامية. 
  

تعليق من الدكتور فاروق مواسي:

أخي العزيز الصديق شاكر:

تحيتي مع محبتي، وبعدهما

فيبدو يا صديقي أنك لا تتابع مجلات وإصدارات تفرز آلاف النقاد الجيدين بمواد لا تقاس بها مواد السابقين الذين مثلوا عصرهم، ولا نكاد نلجأ إليهم اليوم.

أقول (آلاف) لدرجة أنني "تعقدت" ، فماذا سأقرأ وماذا سأترك؟ ماذا سأحفظ؟ وماذا سأهمل؟

جنون نقدي في مجلات الأبحاث الأكاديمية ، وجنون في الصحف الثقافية وفي المواقع وفي وفي وفي

وتقول يا صاحبي : ضعف النقد؟؟؟؟

أتعرف أنني شخصيًا - ونحن لا نكاد نحن عرب 48 نذكر في الخارج - أصدرت مؤخرًا في النقد ثلاثة كتب: نبض المحار ، وقراءات في شعر محمود درويش، والقدس في الشعر الفلسطيني الحديث ( طبعة مزيدة ومنقحة صدرت عن وزارة الثقافة الفلسطينية)،فكيف بمن تفتح لهم دور النشر العربية صدورها؟؟!!

فلو سألتك عن إصدارات العلاق والصكر وفكري الجزار وجمال الدين الخضور وفاروق عبد القادر ووووو هذا العام فقط ، فبماذا ستجيب؟

هل تتابع الإصدارات عن محاور المؤتمرات النقدية ؟

هل تتابع الكتب الخاصة الاحتفالية التي يكرم فيها أديب ما في قطر عربي؟

باختصار: أمر مذهل جدًا ؟

حتى لأتساءل: ما سر تخلفنا الاجتماعي إن كانت لدينا طاقة كتابية هائلة وماثلة في بعض كتابات نزوى، علامات، جذور، دبي الثقافية، ثقافات، أفكار، عمان، صحيفة القاهرة، إبداع، فصول وما أدراك ما فصول؟!!....إلخ

لا تتعجل صديقي، فالحديث عن الأسباب التي ذكرتها سقه إلى مكان آخر!

تحية فاروقية


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى