الأحد ١٧ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٠
بقلم مفلح طبعوني

 لوحات إلى ساراماغو المغاير

سأختتم هذه المداخلة يا سيد النزق بخاتمة رواية (العشق والموت في الزمن الحراشي) للطاهر وطار، لأننا نعيش هذا الزمن، زمن الواقع المُعرَّب الفوضوي، زمن اختلال موازين القوى كما قال الوطار. نعيشه بعبثية غير ممكنة للآخرين لصعوبتها، والمعاكسة لعبثيتك (الممكنة ولكنها صعبة المنال).

سأختتم بخاتمة "الزمن الحراشي" لأن " الأصوات البيضاء" زادت قيمتها بعد "البصيرة" من على هذه البسيطة.

حاولنا التواصل مع هذه القيمة نحن أخوة المصلوب المطارد وأبناء هذه المقدسة، تراجعنا خوفا من أن يقوم بعض الأعضاء المتنفذين والمفكرين المتكبرين بتبديلنا بشعب آخر أقلَّّّ منَّّّّّّّّّّّّّّّّا قدرات.. يا سيد الغضب ومحرك الراكد من أجل أن يعصف الوجود. عندنا يا سيدي من الكبائر الكثير، فعندنا كبير الشعراء، وكبير الأدباء وكبير المبدعين.. وعندنا كبير المفاوضين وصديق الكبير، عندنا أدونيس الكبير، المتعولم الذي أطلق العنان لمرضعه الذاتي المتأصل، البليد البارد، ضد حبيب قلبك محمود درويش.

سيدي المغاير:

نحن شعب يصنع المعجزات، صحيح أنها صغيرة، ولكنها معجزات يعجز عنها الآخرون، نتداوى بالقريص والزَّّّّلوع، ننام في العراء في الصيف والشتاء بهدف الوصول إلى الحالة المغرية.
عبثنا بجغرافيا الوطن بعد سيطرة المحتل على جغرافيته القديمة.

نسير الخيلاء ونغوص بالوجد كأننا معافون، لا احتلال ولا سجون ولا "محاسيم".

يموت حكامنا الكبار والصغار على كراسيهم خوفا على أشجار زيتوننا وتيننا وصبرنا ونخيلنا، ينجبون الورثاء بالوسائل المشروعة وغيرها، لنستمر بالحياة بلا ضياع، ويطلبون من رضوان الأرض والسماء مراجعة ابداعاتنا خوفا علينا من الصغائر. نتقوقع مع أنفسنا لنتصالح مع الروائح المنبعثة من غرف نومهم. يربكنا الهواء النقي ونشعر بأهميتنا عند المطبات، يستأصلون أطرافنا لكي لا "تتسرطن". المسؤولون عن ثقافتة العاصمة يخرجون الى اللقاءات التفزيونية وندوات الولائم بدون ثياب داخيلة لسرعة الحركة.

(محسوم) سُرْدا، أو الأصح خندق سردا الواقع في نصف الطريق ما بين ورام الله وبير زيت، يسأل عنك يا سيد المواقف الشريفة، ةعن كلمات مقولتك المنقوشة على جبين وشرف الانسانية العالمية المهزوزة. تلك كلمات كنت قد قلتها لليلى شهيد وأنتم تعبرون خندق سردا مع محمود درويش ومريد البرغوثي وآخرين. مقولة غيَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّرت ترتيب الأفضليات وأسطر التاريخ المحلي والعالمي. مقولة وضعت سردا القرية الفلسطينية الكانت وادعة في الصفحات الأولى من التاريخ الفلسطيني الدامي. سردا الفلاحة المسنة المحمولة على ظهر شاب تدعو وهي تعبر الخندق معكم (الله يغضب عليهم دنيا وآخرة) وما من مجيب... خندق سردا الشاهد على المقولة (ليلى هذا يذكرني بمعسكرات الاعتقال، الشعب هنا يعيش في معسكر اعتقال، إنه معسكر اعتقال حقيقي، هذا ما أراه). أربكتنا في هذه المقولة فقد علمونا بأن معسكرات الابادة هناك وهناك فقط.

يا شيخ الحب:

اللوحة البيضاء التي نقشت عليها جملتك الوردية ( قطرة ماء من أجل هذه الوردة ) الوردة فلسطين ستبقى معلقة ليس فقط في صالات جامعة بير زيت، وإنما منقوشة في صدورنا وساحات بيوتنا. وسننقشها أيضا على شاهدك في (سردا ماغو )، شاهدك الذي سينصب في نصف الطريق ما بين رام الله وبير زيت، خندق سردا، (والأصح سردا ماغو).

سيدي المغاير:

(جوقة المرتلات في التراجيديا الفلسطينية ) ترتل لسردا ماغو بعبثية يقظة تراتيل نستوعبها ولا نستوعبها لأن (العمى الأبيض) يحاصرها في غز الظهيرة ويحاصرنا. وتلك التراتيل تنتظر بعبثة حزينة توقف هذه الجريمة.
فمتى تتوقف...؟! لا تقل لا أدري، فأنت تدري ونحن نعرف بأنك تدري، قل لنا متى تتوقف ب بيلار عليك.

بيلار شكرا لها لأنها سيدة الحالة وأعطتك الطاقة الابداعية لتعطينا، واعطتك الطاقة الانسانية لتتفاعل مع مظلومي العالم، وأعطتك الطاقة الجسدية لتغادرنا في عقدك التاسع منتصبا شكرا لها لأنها هي السَّارا، وانت الماغو، وما أراه،اننا بدون أفكار لن نحقق اي شئ ولن تنحرك من أماكننا كما قلت.

 سيدي المغاير، أيها الشيوعي النقي، يا صاحب الضمير المنحاز بامتياز للورد وللشهد، لرائحة الحقول، الأغنيات، المنحاز للنزق والغضب اللذين اختتم بهما الطاهر وطار روايته (العشق والموت في الزمن الحراشي).

"الساعة تقترب، حين لا يبقى مجال في هذا العالم للنزق والغضب".


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى