الأربعاء ١٣ شباط (فبراير) ٢٠٠٨
بقلم شيماء ياسر

مباراة الحياة

عندما أتحدث عن فوز مصر بكأس الأمم الإفريقية فانا لا أتحدث عن الرياضة فحسب ، و إنما أتحدث عن يد قوية من حديد استطاعت أن تنزع النقاب و تكشف حقيقة الانتماء و منبعه الذي تنازع عليه الكثيرون في الآونة الأخيرة .

أعلام مصر المتناثرة في كل مكان و على كل الأشياء و على كل الوجوه و في كل العيون ، لا يعبر عن تشجيع لمنتخب كروي و فقط و إنما يكشف عن معنى و شكل من أشكال الحب و الانتماء و الذي تكتم أنفاسه تحت وطأة الحياة بكل ما فيها من منغصات ، انه إحساس بالوطنية و الانتماء له مذاق خاص و جديد يحتاج لكثير من التأمل .

و ربما لانى لست من محترفي مشاهدة مباريات كرة القدم – و لا غيرها – فلأول مرة أتأمل في معنى الوقت ، عنصر الزمن ، ذلك المعنى الذي كان غائبا عنى بهذا الشكل المخيف الذي لمسته و أحسسته عند مشاهدة و متابعة نهائي الكأس .

بدأت المباراة ، و بدأت معها الأقدام تتناقل الساحرة المستديرة و تتقاذفها من مكان لآخر و بدأ التعليق الساخن و عندما قال المعلق " فات من الوقت اربع دقائق " و اخذ يكررها مرارا و تكرارا ، قلت في نفسي " لسه بدري ، إيه يعنى أربع دقائق " .

و مع مرور الدقائق بدأت اشعر بالتوتر ، بدأت افهم و أدرك أن هذه المباراة لها " وقت معلوم " و محسوم ، مرور الدقيقة بدون أهداف يعنى الكثير ، و مرور دقيقة لم نستطع أن نحمى فيها مرمانا يعنى أيضا الكثير و الكثير .

من المستحيل و اللامعقول أن يكون وقت المباراة مفتوح ، لا نهاية له و إلا فأين متعة التحدي و التسابق مع الزمن و أين هي تلك السنة الكونية من أن لكل شيء نهاية ، و بالتالي فلابد للمباراة من وقت محدد ، بعده ينتهي كل شيء .

و الكارثة ، انه لا يوجد وقتا إضافيا !!!

فما بالك لو أن هذا الوقت المحدد و المحسوم خافيا على اللاعبين ، إذن و ببعض من إعمال العقل سيكون الأمر احد اثنان ، إما أن اللاعبين سيخافون من الوصول إلى نقطة النهاية بشكل مفاجئ و بناء عليه سيحاولون إحراز الأهداف بأكبر سرعة و سيحرصون على ذلك .

و إما أنهم سينخدعون بمرور الوقت الذي لم تنتهي فيه المباراة ليجدوا أنفسهم أمام صفارة الحكم دون إحراز اى هدف .

أنا و أنت هم هؤلاء اللاعبين ، و نحن جميعا في مباراة ، هكذا هي الحياة ، مباراة لها " وقت معلوم " و محسوم و غير قابل للتفاوض فيه ، بل و لا يضم وقتا إضافيا .

مباراة لا يعلم مداها الزمني أيا منا نحن اللاعبون ، لا يعلمه إلا الحكم وحده .

فهل يا ترى أحرزنا أهدافا أم لم نحرز بعد ؟

و كم هو باق من الوقت ؟

مبروك لمصر كأس الأمم الإفريقية ......


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى