الخميس ٢ آذار (مارس) ٢٠٢٣
بقلم حسن عبادي

متنفَّس عبرَ القضبان (74)

بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019؛ تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
عقّب الأسير المحرّر عبد الكريم زيادة: "كل الاحترام والتقدير لجهودك المميزة ورعايتك لكل قضايا الأسرة متطوعا لهدف من أسمى اهداف الإنسانية حرية الاسرى وطمأنة ذويهم ونشر إبداعاتهم وكل الشكر لزوجتك سميرة الداعمة والمساندة لأنشطتك ومرافقتك في دروب العطاء".

وعقّبت شيرين الحمامرة: "بوركت جهودك، رحلة الأسر مرهقة وشاقة رحلة مليئة بالألم والأمل في آن. رحلة محفوفة بالموت في كافة تفاصيلها حتى المهمل منها، لكن عناية الله ومعيته تحبط محاولات الموت المخطط والممنهج بحق أسرانا البواسل ذكورا وإناثا، فرج الله بالعز قيد أسرانا، فك الله بالعز قيد الشرفاء، فك الله بالعز قيد المجاهدين، فك الله بالعز كرب فلسطين".

وعقّب الشاعر منتصر منصور: "الحرية لأسيرات العز والكرامة، لحقيقة المرأة الفلسطينية في معاناتها وضعفها ومكابرتها وكبرياء شهامتها. وكل النذالة لسجانيها وتاركيها خلف القضبان."

"نمّورة وتمريّة"

التقيت صباح الثلاثاء 21 شباط 2023 في سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب بالأسيرة مريم خالد عبد المجيد عرفات.

حتلنتني بدايةً عن وضع الأسيرات؛ عقوبات ومنع الكانتينا وحرمان زيارات، وبصيص صفقة تبادل تلوح بالأفق، وسيارتها (مع الأوراق والحاسوب ورخصة العمار) ما زالت محجوزة منذ اعتقالها (اعتقال "متجدّد" منذ 20.08.2022).

حدّثتني عن لقائي بوالدتها ورنا في مركز يافا الثقافي بمخيم بلاطة وفرحتها بإهدائها نسخة موقّعة من ديوان "على حافة الشعر.. ثمة عشق وثمة موت" للصديق فراس حج محمد.

تناولنا أهميّة إدخال الكتب للسجن وصعوبتها، وعن الدورات التدريبيّة في السجن، قوانين العقل الباطني ودور الشهادات الفخريّة، جولاتها الفكريّة وشحاطتها في ساعات الليل، وأدبيّات الأسرى ومستجدّاتها واحتفالية إصدار "سر السيف " للأسير وليد دقة في عمان يوم السبت القادم و"رنين القيد" الأسير عنان الشلبي يوم الأحد القادم في إربد.

طبخة اليوم ستكون كفتة بطحينة والتحلاية "نمّورة" ومشتاقة لتمريّة عرفات النابلسيّة.

"الأوضاع داحلِة"

بًعيد لقائي بمريم صباح اليوم في سجن الدامون في أعالي الكرمل أطلّت الأسيرة ولاء خالد فوزي طنجي (ابنة مخيم بلاطة).

حدّثتني بداية عن وضع الأسيرات بعد القمعة الأخيرة وحالة التأهّب بسبب الأوضاع، وصعوبة الاعتقال بالنسبة لها، اليوم بشهر والشهر بسنة، أعادها الاعتقال لأسر والدتها المرحومة لطيفة أبو ذراع ومعاناة الأسرة أثناء اعتقالها لسنوات طويلة في حينه، وحرمانها الطفولة، وغير نادمة.

تحدّثت بحِرقة وحماس عن وضعهن، "الأوضاع داحلِة" وكونهن مهمّشات "كِشّ مَلِك" ولا أحد يعرف حقيقة معاناتهن ووضعهن، وحرمانها من الزيارة (زيارة واحدة فقط منذ اعتقالها -معتقلة منذ 20.08.2022).
حدّثتني عن الحالات النفسيّة دون رعاية وعلاج داخل السجن، وكلّه بسبب تقصير مؤسّساتنا، على حدّ قولها، وتهمس لي "نِفسي أروّح بكامل قواي العقليّة!".

قرأت مع زميلاتها رواية "زغرودة الفنجان" للأسير حسام زهدي شاهين وطلبت إيصاله رسالة: "تِسلم إيديك يا حسام على هاي الكتابة. عشت الأحداث كاملة. لو كثار زيّ عمر كان الدنيا بخير".
تحلم بتكملة الجزء الثاني من فيلم كندي عن معاناة المرأة الفلسطينية ترزح تحت نير الاحتلال "What Walla want? ".

لكن عزيزاتي مريم وولاء كل التحايا، والحريّة القريبة لكُن ولجميع حرائر الدامون وأسرى الحريّة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى