الجمعة ١٩ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٨
من فمك أدينك
بقلم يحيى السماوي

مثال الآلوسي وأجوبته المفضوحة

قرأت أجوبة مثال الآلوسي في صحيفة(الشرق الأوسط)عن الأسئلة المتعلقة بزيارته الثانية لإسرائيل، فازددت قناعة بأن مثال الآلوسي لابدّ أن يكون أحد أمرين: إمّا أنه لا يفهم ما يقول، فيُدين نفسه دون أن يعي.. وإما إنه موكولٌ إليه بتأدية دور ٍ(إسخريوطي)في لعبة قذرة(وهذا ما أرجحه)تأسيسا ً على تناقضاته المفضوحة..

يقول الآلوسي:(تلقيت دعوة ـ لزيارة إسرائيل ـ خلال وجودي في العاصمة الأردنية عمان لغرض العلاج، وبسبب وضعي الصحي لم أشارك بمحاضرة أو كمتحدث، لكنني وجدت أنه من الأجدى ألآ يكون موقع العراق خاليا في مثل هذا المؤتمر المهم وألآ يتحدث أحدٌ نيابة عن العراق)مضيفا ً:(لأنه في هذه المحافل هناك مَنْ يستغل المناسبة سياسيا وإعلاميا ً، لكنني شاركت للدفاع عن بلدي)... والتناقض هنا واضح وضوح الدور المشبوه الموكل إليه!... فهو يزعم أن وضعه الصحي لا يسمح له بالحديث، فكيف إذن سَمَحَ له بتحمّل مشقة السفر؟ هل السفر كان من أجل أن يُسَـجِّل حضوره فقط؟ وهل الدفاع عن البلد يكون بمجرد الحضور ولو بصفة(أطرش بالزف)؟... يستدرك مثال، فيقول:(قلت في المؤتمر إن السيادة العراقية مهددة بسبب جنون ايران التوسعي).. وهنا يتضح الدور الإسخريوطي لمثال الآلوسي ـ أو( مربط الحمار وليس الفرس ).. فكأنّ بمثال الآلوسي يريد القول بأنَّ الإحتلال الأمريكي لا يهدد السيادة العراقية، وإن التهديد هو إيراني فقط، وبالتالي فلابدّ من توجيه ضربة إسرائيلية / أمريكية، ولا بأس أن تنطلق من العراق!!

أمّـا دليل مثال الآلوسي على تهديد إيران للسيادة العراقية، فهو كما جاء في جوابه:"إن النظام الإيراني يعتقد العراق تابع له حتى أن منوشهر متقي وزير خارجية إيران يقول نحن على استعداد لتدريب كوادر وزارة الخارجية العراقية"... لكن الآلوسي يتناسى أن الأردن قامت بتدريب كوادر ومجاميع كبيرة من الشرطة العراقية داخل العاصمة عمان وليس في كلية الشرطة ببغداد.. فهل يصحّ القول إن الأردن ولمجرد مساعدتها لنا في تدريب الشرطة، أنها تعتبر العراق تابع للمملكة الهاشمية ؟ ألا يدلل الآلوسي عبر هذه الأجوبة أنه غيرمؤهّـل ٍ لحضور مؤتر فكري أو سياسي عالمي لولا أن الدور الموكل إليه حتـَّم على مسؤولي المؤتمر دعوته لتسجيل حضوره والإدلاء بما لـُقـِّن به، ومن ثم ليعود أدراجه حتى قبل انتهاء المؤتر، وكما جاء في جوابه عن سؤال يتعلق بالمدة التي أمضاها في تل أبيب، حيث قال:"شاركت في أعمال المؤتمر العالمي لمحاربة الإرهاب يوما ً ونصف اليوم وعدت قبل نهاية المؤتمر"... فالرجل عاد قبل اختتام المؤتمر وقبل معرفة تفاصيل بيانه الختامي... وبمعنى ً آخر: لم يجد المسؤولون عن المؤتمر أية أهمية لـ"فطيمة في سوق الغزل، فتركوها تغادر بعد أن أدلت بشهادتها"... وربما أعطوها"المقسوم من الرزق لتمويل حزبها ـ خصوصا وأن الآلوسي سبق واشتكى قبل نحو أسبوعين في لقاء صحافي أجراه معه الأخ الشاعر صادق مجبل الموسوي تم نشره في الحوار المتمدن ومواقع أخرى، من أنه لا توجد جهة خارجية تدعمه ماليا كي يفتح فروعا لحزبه في المحافظات العراقية"...

لقد استدعت إسرائيل الآلوسي ليقول ما صرّح به علانية من داخل تل أبيب:"إيران هي مَن يشكل خطرا حقيقيا على العراق والخليج العربي وعلى الأمن والإستقرار في منطقة الشرق الأوسط"...

وقال:"إن إيران تشكل خطرا حقيقيا على العراق أكثر من إسرائيل"مستدركا ً بالقول:"لا بل إسرائيل غير موجودة في محيط العراق".. وبمعنى آخر، فإن الآلوسي لا ينفي خطر إسرائيل على العراق، فهي تشكل خطرا لكنه أقل من الخطر الإيراني ( يبدو أن الآلوسي لا يعرف معنى الخطين الأزرقين المحيطين بنجمة داود في العلم الإسرائيلي واللذين يرمزان إلى الحلم الصهيوني بإقامة دولة إسرائيل ا لكبرى الممتدة من النيل إلى الفرات )..

وفي مغالطة أخرى يقول الآلوسي:"إن على المواطن العراقي أن يكون محميا عندما يسافر لأي مكان في العالم من قبل سفارة بلاده، أما أنا كسياسي فتحميني الحصانة التي أتمتع بها"... في جوابه هذا يكشف عن فقره السياسي وليس الأخلاقي فحسب... فهو يجهل واقع أن السياسي لابدّ وأن يُخبـِرَ حكومة بلاده حين يعتزم زيارة دولة لا تربطها علاقات دبلوماسية مع حكومة بلاده وكانت حتى وقت قريب تـُصَنـّف على أنها دولة عدوة.... الأدهى من ذلك، أن مثال الآلوسي لم يُخبر ْ حتى حزبه... فحين سُـئِـل مدير مكتبه عن حقيقة سفر الآلوسي، أجاب: لا أعرف وليس لي علمٌ بذلك، وكل الذي أعرفه هو أن السيد مثال الآلوسي ذهب إلى الأردن للعلاج"... فأي حزب هذا الذي يزور رئيسه دولة أجنبية للمشاركة في مؤتمر عالمي دون أن يُخبر المكتب السياسي ؟ أهذا حزب سياسي أم فريق"لعـبة محـيـبـس"؟

وفي إجابة أخرى تكشف عن فقره السياسي وخوائه الفكري، يقول الآلوسي:"إن العراق معترف بإسرائيل، لأن العراق وإيران يجلسون في الأمم المتحدة متجاورين حسب الحروف الأبجدية".. وحسب إجابة (السياسي و المفكر الآلوسي ) فإن إيران، وليس العراق فحسب، تعترف بإسرائيل، لأن وجود دولة كعضو في الأمم المتحدة، يعني بالضرورة اعترافا رسميا من قبل الأعضاء جميعا ـ وهو لعمري منطق لا يقـتـنع به حتى"حمار جحا".... فتايوان مثلا عضو في الأمم المتحدة ومع ذلك فلم يتم الإعتراف بها كدولة من قبل أعضاء كثيرين وكانت سبب مشكلة كبيرة بين الصين والمنظومة الدولية حتى سنوات قليلة ماضية... وإسرائيل ذاتها ما تـزال تأمل أن تعـتـرف بها دول كـثيرة هي أعضاء في الأمم الـمتحـدة (( والمفترض بعرّابها وسفيرها الرمزي في العراق مثال الآلوسي معرفة ذلك ).

ثم، ما مصلحة العراق في دخوله حلفا استخباراتيا يجمع أمريكا وإسرائيل والأردن وتركيا ضدّ إيران ـ كما يُنادي بذلك الآلوسي ؟

يقول الآلوسي:"ليس من حق أي نائب أو سياسي أن يسألني عن زيارتي لإسرائيل.. وأنا لا أخشى أقزام السياسة".... ( صحيح والله... إنه برلمان وحكومة أقزام إذا بقي مثال الآلوسي متمتعا بالحصانة... وعلى البرلمان والحكومة إثبات أنهم ليسوا أقزاما ـ وإلآ فالآلوسي على صواب في توصيفه ) !

وعلى افتراض أن الآلوسي من المكافحين ضدّ الإرهاب، فهل إسرائيل دولة مسالمة ؟ أم هي رمز الإرهاب في المنطقة الإقليمية باعتراف منظمة العفو الدولية ومنظمات عالمية أخرى ـ بل وباعتراف مـنظمـة"السلام الان"الإسرائيلية.... إن العاري غير جدير ٍ في حث ِّالناس على الحشمة، ولا ثمة جلاد متوحش جدير بالتكلم عن الرأفة... إسرائيل هي الرمز الإقليمي للإرهاب العسكري والسياسي، مثما أن أمريكا هي الرمز العالمي لإرهاب الدولة... لا ثمة كـثير فرق بين عـمامـة أسامة بن لادن وخوذة رئيس أركان جيش إسرائيل الذي استضاف منال الآلوسي في مزرعته خلال زيارته الأولى ( الأولى حسب ما هو معلن ـ وربما هي غير ذلك تسـلسـلا حسب ما هو غـير مـعـلن )..... ولا ثـمـة كـثيـر فـرق بـيـن"عرقجينة"الزرقاوي الملعون وبين ربطة عـنق المجرم جورج بوش..

لستُ ممن يؤيد السياسة الإيرانية في العراق أو المنطقة... لكنني ضدّ أن يكون العراق طرفا ً في أيّ صراع إسرائيلي أو أمريكي ضد إيران... فالجسد العراقي ماعاد يتسع لجراح جديدة... كفانا حروبا وأحلافا تآمرية ومعاهدات مشبوهة...

ثمة سؤال جوهري: كيف عرفـَتْ إسرائيل عنوان الآلوسي في العاصمة الأردنية عمان فأرسلت إليه الدعوة ؟ هل وسائل الإعلام العراقية والعربية والعالمية تناقلت خبر علاجه في الأردن، فعرفت إسرائيل بوجوده ؟ أشك في ذلك.... فـالإعـلام العالمي ـ وحتى العـربي والإقليمي ـ لا يـعـرف مَـنْ تكون"فطيمة"في سوق الغزل ـ لكنّ إسرائيل تعرف أين تكون !!!

قلت في مقال سابق إن مثال الآلوسي يطمح أن يكون سفير العراق في تل أبيب في حال قامت علاقات دبلوماسية بين الحكومتين... ويبدو أنني كنت مصيبا في اعتقادي... فها هو يعـلن صراحة عن مطمحه:"عندما تكلفني الحكومة أو البرلمان بالتفاوض مع إسرائيل سأذهب بكل وضوح"

ثمة سؤال واحد تساءل به مـثال الآلوسي عبر صحيفة الشرق الأوسط وبقي دون جواب... فقد تساءل: لماذا يزور بعض السياسيين العراقيين إسرائيل سـرّا ً ؟

الجواب يا مثال الآلوسي: هؤلاء يزورون إسرائيل سـرّا ً لأنهم مقتنعون أن زياراتهم تلك تمثل تحديا لمشاعـر الشعب العراقي، ولأنهم يدركون أنها خطيئة، لـذا يـتـسـترون عـليهـا ولا يعلنون عنها... فحبذا أن تكشف عن أسمائهم كي يعرف الشعـب العراقي ما يحدث بين الأقبية والدهاليز السريّـة في عراقنا الجديد..

***


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى