السبت ٢٦ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٩
بقلم توفيق الحاج

محلك سر

مر علينا الساعات، والأيام، والسنوات ثقيلة بخطى الحلزونات.. قليل من المفاجآت، وكثير من المهازل والمآسي، والمسرحيات المفبركات..!!

إلا أن الحياة مازالت مشنوقة بمرسوم (عنادة الرأس) المتسلح بمنطق قراقوشي قديم (تخرب بشوري ولا تعمر بشور الناس)..!!

الرتابة تسيطر على وجودنا والكآبة تخيم على وجوهنا والصدور تضيق
بأنفاسها. فنحن نسير من دلف إلى مزراب..!! ومن كأس إلى يأس، ومن قلب محروق إلى أكبر خازوق..!! والحال في أحسن الأحوال يقول... محلك سر ..!!

مع كل الاحترام لأربعين سنة صفراء من العصر الفتحاوي الثوري الذي عشناه بأحلامنا ودمائنا ودموعنا بداية من لحظة الصدق (فتح مرت من هنا) حيث لم تكن قد تلوثت بعد بالبترودولار، ولم يكن وقتها وجود لاصحاب (الد ياسة) وهوتعبيرمنحوت من تأليفي وأعني به باعة الدين المخلوط بالسياسة ..!! وانتهاء بلحظة الزيف في (كرنفال اوسلو) وإصابة معظم القادمين بأنفلونزا العظمة..!! ثم وفاة الختيار السلف.. وانتخاب عباس الخلف!!

ضحكوا علينا، وأشبعونا رغيا عن الصمود والتحرير، وعن البنادق والخنادق والنضال في حين لم يسقط الا الرجال الرجال..!! فمن سقط في المذابح ذهب شهيدا ومن بقي صار عقيدا..!!

ومع ذلك لم ننس أبوجهاد وابواياد..!!

استقبلناهم بالزهور، فركبوا منا الظهور، وعدونا بسنغافورة، فزاد الغلا..بشرونا بالديمقراطية سكر زيادة، فانشأ وا للمفارقة المحزنة أمنا يقيهم من أهليهم وفرقا للموت تحميهم، وفرضوا إتاوات، وشرعنوا حرف الواوعلنا، وقوننوا المحسوبيات..!!

وارتفعت على انغام السلام الوطني راية الفساد خفاقة في البلاد.،.فكانت فضائح الاسمنت، وفضائية مكي، وكازينواريحا. والطجين!!واخرى يعلمها رب العباد..!!

همسنا..فلم يعوا.تململنا..صرخنا، فطنشوا..جرفتهم السكرة، استدعونا..منعونا، فابتعدنا عنهم، وابتعدوا..ثم جاء العقاب بسوط الانتخاب..، وكان فصل الخطاب بالانقلاب..!!

مع كل الاحترام أيضا لثلاث سنوات خضراء من العصر الحمساوي المقاوم الذي عشناه بآمالنا، وطموحاتنا، ورغباتنا في ترجمة الشعار الكبير(إصلاح وتغيير)..أصلح الله الأمير..!!
فقد خدعنا، وانضحك علينا للمرة الثانية من أناس على قدر ما صدقناهم وتمسحنا بجلابيبهم، وتبركنا بلحاهم وأ ندهشنا من بلاغتهم..!!

لطالما أمتعوناعونا وعظا عن نقاء النبوة، وتقوى الصحابة.. وعدونا برد المظالم وعودة العدل إلينا سالما غانما من عهد عمر حفيد عمر، فكان ما جرى ، ولا يخفى على بشر..!!

حرموا ما حرموا في سفر التكوين..!! وحللوا الشيء عينه في سفر التمكين..!!
في البدء أمنا وصدقنا..وعلى انتخاب المرابطين الصابرين منهم بصمنا.. قلنا في سرنا لعل الله أراد ان يبدل حرجنا فرجا وعسرنا يسرا..دعونا لهم، فازوا بأصوات الغلابة المهمشين القانطين..كان الانتصار أكبرمن توقع الحساب، فلعبت برؤوسهم نشوة الانتخاب، واستعاضوا بالحلل عن الجلباب، وهتفوا بنا..صبرا أل الفلافل ، تأتيكم الكبسة، ويهل عليكم الكباب..!!
أركنوا على بيت مال المسلمين من اندونيسيا إلى حد الصين..، فصالوا، وجالوا، وجاءوا بالحقائب، ودفعوا إلى الأتباع الرواتب، لكنها الأيام تأتي بما لا تشتهي الأحلام ..!!
فزاد الجور، وتكالبت على الأهل المصائب..!!

ومع ذلك لم ننس الشيخ والرنتيسي..!!

اشفقنا عليهم، وكان رأي العامة ان يترفعوا عن موجبات الغسل..!! ويتفرغوا للنهوض بالحياة اليومية، ويتركوا لعباس وزلمه المفاوضات والمرمطة الدولية..

أبوا.... أرادوا قسمة الميراث بالقسطاس شرعا .. لهم الحكومة والعسس ولعباس الرئاسة والحرس..!!

ظنوا من باب الفراسة أنهم قادرون على فتح أمريكا من الأبواب الخلفية، وعلى سحب الرباعية كجحشة في البرية..، وعلى لجم إسرائيل الشقية ، وتحويل عباس إلى مجرد طرطور للقضية..!!

ربما لم يتحسبوا جيدا للمخالب والثعالب والقطط..!!، واعتقدوا أن كل الأمور تسير كما الخطط..!! .

ربما نسوا أن الفرق كبيرجدا بين محراب المسحد وديوان الوزارة وان الملك بحاجة قبل الجلوس إلى ادارة، فالدين دين، والسياسة شطارة..!!

المهم أن السرا يا لم تأت على قدر القرايا..، فكان التناحر، والحصار الذي أفضى إلى الانهيار..!!

وكان الحسم أو انقلاب الشرعية على الشرعية..!!

نكبة دموية جديدة..قصمت ظهورنا، ومزقت أوصالنا.. أراد مخططوه لما استيقنوا من قدراتهم.. قسمة البستان وتذوق السلطان مهما كانت الوسائل، ومهما كانت الأثمان دون اعتبار للوطن ووحدة المصير والقرار، وأهم من ذلك كرامة الإنسان..!!

تفرقنا..تراشقنا البذاءة دايتونيين...خمينيين، ونسينا أن كلينا قد طعن في الصميم حلما ومستقبلا بحجم أجمل الأسماء وقبلة الأنبياء وأيقونة الشهداء.. فلسطين..!!

ياسلام..!!

أردناها على إسرائيل بدرا فجعلها المتناكفون بأيديهم أحد..!!

لم يكن فتح غزة كفتح مكة.. ولم يكن طموح أبي فادي كتقوى أبي ذر، ولم تكن سيوف ابي العبد كسيوف ابي بكر..!!

لم تكن المقاومة قبلة الولاة من قبل ومن بعد وانما كانت مجرد (قلعة) على رقعة الشطرنج..!!، وبالتالي لم تكن التهدئة كصلح الحديبية..!!

لم يكن عباس عليا، ولم يكن الزهار معاوية، لكننا كنا ولازلنا الممزقين الضائعين بين رهط أبي طالب، وبني امية..!!

لقد زرعوا (صفين) في كل بيت وحارة ، وقتلوا فينا الأبوة والبنوة والإخوة من أجل أن يحيا صاحب البيعة..!!

ببساطة..

خرجنا من وحل الفساد لنغر ق في مستنقع الأحقاد

لم يكن اجتياح العبرانيين لعزة، واستباحتهم بمحارق الفسفور للبشر والحجر والشجر كافيا للتقريب بين إخوة من أب وأم..!! بل كان فرصة للتعتيم على تصفيات الحساب..!!

أصبح الأمراء والوزراء والكبراء والدهماء منقسمي الولاء مابين رايتين وراتبين، وانقسم الحجيج دون بيت الرحمن مابين( مناة) ايران، و(هبل) الامريكان..!!

والنتيجة.أننا وبعد نصف قرن لا نزال محلك سر فالحسن كما الحسين، بل انه ربما يكون شهاب الدين أسوأ من أخيه لأنه لم يعتبر مما جرى، وسار على نفس الخطى با لمللي وزاد..!!

*سيارات( الماجنوم) السوداء المهيبة عادت في العهد الأخضر كما كانت في العهد الأصفر وأكثر تمخر الشوارع فقط تبدل الركاب من حليقين إلى ملتحين..!!

*حرف الواويحمل سبحته ويعظ و ينافس أفقه الفقهاء في شرح وتفسير شرع الله
*الفساد بدا أكثر شبابا وحيوية في اسطورة الأنفاق، وما أدراك ما الأنفاق..تجارة في كل شيء حتى تهريب العرائس والحمير والبغال وكل ما يلزم النساء والرجال والفتاوى جاهزة..حلال في حلال في حلال..!!

ولا أدري كيف سيكون حالنا وحال شهبندر التجار اذا مارص المصريون في وجوهنا فولاذ الجدار..!!

والجدارفي اعتقادي هدية عيد الميلاد من مصرالى حماس ردا على تسويف المصالحة..!!
وبدون البديل سيدفع الثمن الشعب العليل..!!

أنا لا أفتري، ولا أظلم أحدا، ولا مصلحة لي أن أطعم حماس إلى عباس، أوالعكس، فكليهما عندي في العور سواء..!!

ايها القراء....ان رضيتم أورفضتم....أعتذر

كل ماسبق ليس من عندياتي وانما هومأخوذ من عيون وهمهمات الناس في الطرقات..وعلى البسطات، ولا فضل لي إلا في النقل، ولوتخفى أحدهم، وتعسس كعمر لسمع أكثر,,!!

الصورة واضحة والصوت أوضح..

الفساد فساد..والأحقاد هي الأحقاد ولا سبيل إلى الصواب الا بالمصالحة والانتخاب..!!
وكفانا عبثا وعنادا وتمزقا..

أي ثقب اسود بغيض..هذا الذي هوى بنا من مجد الانتفاضة الأولى والثانية إلى عار الانقسام والدنيا الفانية..؟!!

خمسون عاما كانت كافية لخروجنا من متاهة الضياع لوتصافت النفوس على حب فلسطين كما تتصافى نفوس اليهود على حب إسرائيل ...

كل شعوب الارض وجدت طريقها إلى الخلاص إلا نحن....

لماذا..؟!!

سؤال لا يجيب عليه دجال أوتاجرمستفيد ..!!

سؤال بريء من دعاوى القهر ورداءة الألوان..!!

سؤال من يجيب عليه لابد قبل البدء ان يتوضأ ويصلي لله ما شاء ثم يستحضرالتاريخ والشهداء.

كلنا..ألواننا..أهواؤنا.. أطماعنا..فسادنا..أحقادنا.كلها السبب

وزاد فوق عيوبنا تغريبة الإسلام وغيبوبة العرب..!!
اللهم الطف بنا وارحمنا

واهد ولاة امرنا..لما تحبه وترضاه..

يا الله..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى