السبت ١٤ أيار (مايو) ٢٠١١
بقلم بلقاسم بن عبد الله

محمد ديب وبيته الكبير

.. وهل قيل فعلا كل ما ينبغي أن يقال عن أديبنا الجزائري الكبير محمد ديب، عن مسيرته الأدبية، عن تميز ثلاثيته الشهيرة، عن حياته وكتاباته في ديار الغربة؟.. تساؤلات مثيرة للجدل،واجهتني هذه المرة بعد مرور الذكرى الثامنة لوفاته يوم 2 ماي 2003 وقبيل إقامة الملتقى الدولي بتلمسان حول أعمال محمد ديب،من14 إلى16 ماي الحالي.

عندما نتصفح أوراق وملفات الأدب الجزائري الحديث، تصادفنا وتصافحنا أسماء ورموز عديدة، باللغتين العربية والفرنسية، ويظل اسم محمد ديب يواجهنا في كل واجهة أو زاوية، أليست ثلاثيته الشهيرة قمة إبداعه وعنوان بطاقته؟. ألم يستخدم لغة المستعمر كسلاح حاد لمقاومة الظلم والقهر والاستغلال؟. ثم أليس هو القائل.. أن كل قوى الخلق والإبداع لدى كتابنا وفنانينا، بوقوفها في خدمة إخوانهم المظلومين، تجعل من الثقافة سلاحا قويا من أسلحة المعركة من أجل الحرية؟..

 أديبنا محمد ديب أكبر من أن يعرف، فهو من مواليد مدينة تلمسان، بتاريخ 21جويلية 1920 نال قسطه من التعليم قبل أن يشتغل في معمل للسجاد، ثم محاسبا في محل تجاري، ثم معلما، فصحفيا، فكاتبا مشهورا، وقد ترجمت أعماله الأدبية إلى عدة لغات، وإن ظلت شهرته قائمة بثلاثيته المعروفة.. الدار الكبيرة، الحريق، النول.

 ولاشك أن كل من طالع رواية "الدار الكبيرة"، أعجب حقا بمهارة الكاتب في تصوير الأحداث، بكل صدق وواقعية، من خلال مدينته تلمسان ووطنه الجزائر.ومن هنا تظل الرواية في حاجة ماسة لقراءة جادة جديدة.

ـ رواية " الدار الكبيرة " نشرت سنة 1952 أي قبل سنتين من اندلاع شرارة الثورة التحريرية، واستطاع الأديب محمد ديب ببراعته الفنية الفائقة أن يجسد واقع الجماهير، وهي تكد وتكدح وتتطلع إلى الغد المشرف والمشرق.

ـ تتميز هذه الرواية بقوة المضمون وسلامة الأسلوب، ووضوح الفكرة، ودقة الوصف.

ـ هي رواية مشوقة بالفعل، بتسلسل وقائعها، ودفء حوارها، وعمق دلالاتها وأبعادها، وهي بذلك تنقلنا بكل بساطة، إلى تلك الأحداث، لنعايشها بأم العين عن كتب.

ـ لا شك أن مشاهدة " الدار الكبيرة " على الشاشة الصغيرة، لا يمكن أن تحرم القارئ من متعة متابعة النص، بأصالته ومرارته.

ـ و هذه الرواية كجزء من الثلاثية، مفقودة بأسواقنا المحلية ولا يزال عدد كبير من القراء، خاصة باللغة العربية، محرومين من هذا العمل الأدبي النفيس.

 و هي أيضا أهم عمل أدبي، يمكنك قراءة ترجمته وكأنك تطالع النسخة الأصلية، بصدقها وحرارتها وكيف لا؟.. وصاحب الترجمة هو الدكتور سامي الدروبي الذي حصل على جائزة "اللوتس" العالمية في مجال الترجمة بالذات، وقد أنجز ترجمة الرواية في أول نوفمبر 1960.
وقد نشرت رواية الدار الكبيرة لأول مرة باللغة العربية،في حلقات يومية بجريدة الجمهورية التي تصدر بوهران، ابتداء من 12جويلية 1986مع كلمة تقديمية بالمناسبة.

 وقبل أن نعيد قراءة هذه الرواية الخالدة،نعود لنجدد الدعوة الصادقة لطبع ونشر أعمال الأديب محمد ديب، وترجمتها إلى لغتها العربية الأصلية والأصيلة، خدمة لأدبنا الجزائري وثقافتنا الوطنية. ولعلها نفس الفكرة التي ستطرح من جديد أثناء الملتقى الدولي المنتظر منتصف شهر ماي الجاري لدراسة أعمال أديبنا محمد ديب، ضمن فعاليات تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى