الأحد ٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٦
بقلم عائشة الخواجا الرازم

مشاركة المرأة الشابة في الحياة السياسية

المحاضرة التي ألقتها عائشة الرازم في معاهد الواصفية للفتيات في الأردن!!

( أقامت معاهد الواصفية في جبل اللويبدة يوم الرابع من تشرين ثاني في الساعة الثانية عشرة ظهراً وضمن برامجها التثقيفية في التنمية السياسية والثقافية العامة ، ندوة بعنوان ( المرأة الشابة ومشاركتها في الحياة العامة والسياسية ) وقد قدمت الكاتبة والمبدعة عائشة الرازم محاضرتها القيمة التي شاركتها فيها بالنقاش والحوار الثري طالبات الواصفية ، حيث تميزت المحاضرة بقوة الحوار السياسي الصريح وتناولت المحاضرة وجوب إدماج المرأة الشابة في التنمية السياسية ومنحها الحق في التثقيف والعرفان كمكافأة لمشاركاتها في الانتخابات وتصويب عقليتها لاختيار المرأة التي تمثلها في البرلمان وتحمل همومها وقضاياها أكثر من الرجل الذي يستثمر جهودها وينساها بعد فوزه !! وطالبت الكاتبة عائشة النائبات في البرلمان بالاهتمام والتركيز على المرأة الشابة التي سرعان ما تصبح في سن يغضبها لإهمالها وينتج الإهمال للمشاركة في التنمية والبناء الوطني !!

تأتي هذه المرحلة في حياة الأردن السياسية محملة بالآمال والطموحات للارتقاء بالشباب خاصة !! وحينما نقول الشباب فإننا ندمج الجنسين ( شباب وشابات ) في الفئة العمرية القانونية للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15و29 سنة !! وهم يشكلون نسبة 32 % من مجموع السكان في الأردن !! وتقريباً 60% من مجموع السكان الذين تجاوزوا الخامسة عشرة من أعمارهم!! وإذا نظرنا لنسبة المرأة الشابة في النسبة التقريبية لوجدنا أنها تمثل نسبة خمسة وخمسين بالمائة من الشباب أي أنها على قيد الحياة والولادة أعلى من الذكور !! وخاصة لو أخذنا نسبة تقطيعية للمجتمع ونسبة إنجاب الذكور والإناث ، ونسبة الحوادث التي يتعرض لها الأولاد في حوادث السير والغرق والموت المبكر في الأسرة وتمنيات الأسرة العربية والأردنية لإنجاب الذكور !!!!

وإن دراسة نسبة الإناث في الجامعات والكليات والمدارس والعمل والعمالة والباحثات عن العمل في ديوان الخدمة المدنية لأرقام الباحثات عن العمل وأرقام الخريجات في المعاهد والجامعات !! تثبت ذلك !

وهذا لا يعني أن المرأة في الأحزاب والسياسة والطموح لتمثيل الشعب في البرلمان والترشيح في المعارك الانتخابية تمثل نسبتها في المجتمع المدني !! لا بل فإن نسبة مشاركتها ووجودها تكاد لا تذكر إلا على استحياء !!

وهذا لا ينساه المرشحون الرجال أو النساء الندرة المرشحات اللواتي لا تمثل نسبة حملاتهن الانتخابية 3% من المرشحين الرجال في كل المملكة !! ففي عام 89 كانت المرشحات النساء 12 مرشحة !! ولم تفز أي مرشحة ! وكنت أنا مرشحة شابة لو تضمن سن الشباب الفئة العمرية ( أربعة وثلاثين عاماً ) لكن العمر يقفز بسرعة هائلة مما يجعلنا نحاول القبض على سن الشباب في الأجيال الأردنية ونطيل التوقف بالتفكير والعمل وسن القوانين لإنصافهم قبل الخذلان والنكوص والكفر بالعملية التشاركية في الحياة !!

وعام 93كانت 6 مرشحات فازت واحدة بالكوتا ( توجان فيصل ) وعام 97 كانت المرشحات 17 لم تفز ولا واحدة حتى توجان لم تفز !! وعام 2003م كانت المرشحات أربعة وخمسين في هجوم على الكوتا النسبية التي أفرزتها عبقرية السياسيين وصانعي القرار في المملكة ، فأعطت المرأة نسبة أصوات للنجاح في كل مناطق المملكة لا تتساوى مع نسبة المسجلين والناخبين في الدوائر الوطنية !! وفازت ست مرشحات تحت مظلة الكوتا النسبية تلك !! وهذا أعطى المرأة في كل الحالات مجداً وجهز المجتمع لانتخابها !!

ونحن نعلم أنه يعيش معظم الشباب الأردنيين في عائلات مستقرة ومجتمعات آمنة ويتمتعون بإمكانية غير مسبوقة للحصول على الرعاية الصحية والتعليم والمأوى وغيرها من الخدمات الإنسانية. كما يتمتعون بخيارات الحياة أوسع بكثير مما تمتع به أي جيل سابق من المواطنين الأردنيين. ومع ذلك، وعندما تتاح للشباب فرصة الإدلاء برأيهم، فإنهم يميلون إلى التركيز على مواقف أو اتجاهات سلبية، عاكسين بذلك القضايا التي تحظى لديهم بأقصى درجات الاهتمام.ألا وهي المشاركة السياسية مما يؤكد حالة الظمأ للاندماج الوطني !!

وتتيح التغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية العميقة في المجتمع الحضري إلى حد بعيد فرصا وتحديات هائلة للناشئة ، ولكنها تزيد من إمكانية التوتر والتشوش التي يمر بها الشباب الأردنيون عندما ينتقلون من المراهقة إلى الرشد. وكثيرا ما يكشف البؤس الاجتماعي والاقتصادي عن نفسه بادئ ذي بدء عند الشباب، وخصوصاً ظهور الطبقات المتخمة بالمال والاقتصاد والرفاهية القائمة على المستهلك الأردني التي تبيعه الهواء والإعلان وتجذب عقليته للاندماج في الضياع والتخوف من المستقبل المتربص به في امتحان التوجيهية الذي أصبح كابوس الشباب والشابات في الأردن !! وذلك من خلال العلامات المتدنية ، وكوابيس أهليهم بالحصول على المعدلات العالية ، وهذ يدفع للتسرب من المدارس أو إعادة الصفوف المدرسية، وعمالة الأطفال والجريمة والعنف الأسري، والتجارة غير المنظمة التي يمارسها أطفال الشوارع، وتعاطي المخدرات والمسكرات وغير ذلك من الظواهر ، مما يشي باندفاع لمجتمع شبابي هش يحتاج للرعاية المركزة في ظل الحالة المذكورة !!
* * *
إن أمر المرأة الشاية في المشاركة السياسية لا يعني فقط البرلمان والأحزاب ، ولكنه يعني البناء المتكامل لحقوقها في تلقي العلم والمنح والبعثات والعمل والإدماج والمساواة في الأجور والتفكير بصوت صريح والشخصية القوية الفعالة الكريمة التي يحترمها الرجل الشاب والرجل الكهل والرجل الشيخ القريب والغريب ، والتي تنتج أسرة وأمومة قادرة على حفظ كرامة الأجيال الوطنية !! والهم الأكبر كيف نصطاد اللحظات في حياة المرأة الشابة ونغنيها بالأمل والبناء القوي قبل دخولها سن الإحباط والتراجع !!

لأن الغراس الفتية تنمو بما يسقى في أرضها من ماء مبكر حتى تنتج وتؤتي أكلها في الريعان لمراحل الثمر التي ينتظرها الزارعون ويتم حصاد الخير لو أمطرت الحياة السياسية على التربة مبكراً !! فكم من حقل جف واعوج عوده وهو ينتظر الغيث ففات الأوان لزارعه وهو منشغل عنه بنفسه والإحاطة بأرض أوسع أو !! فتغلبت الكثرة والكم على النوع والكيف !!!
ولأن المرأة الشابة النشيطة المرغوبة الحركة والعطاء والوقوف الدائم في المقرات الانتخابية يجب أن تتوافر عندها المؤهلات في المعارك الانتخابية ، وتشارك وشاركت في حلم الديمقراطية هي المتعلمة والجامعية والدارسة ، فإن الإحباط ازداد لحجم النكران الذي خلفه الحاصلون على جهودها وأصواتها لتنجحهم ... وما زال الدارسون يكتشفون أن نسبة تصويت المرأة للمرشحين الفائزين وغير الفائزين تفوق نسبة المقترعين الرجال ، باستثناء أخطر ظاهرة حدثت وما زالت تحدث وهي ( جرجرة النساء الأميات والمحجبات الضعيفات والمدفوعات ثمن الصوت من أجل خبز أطفالهن ) ومن ثم استغلال تراكم أصواتهن في الكم لا الكيف ، وبغض النظر عن النوعية قد أسهم ذلك برفع نسبة تصويت المرأة بغض النظر عن السن !!(أما ما هو البرنامج الاستراتيجي لدعمها وإشراكها الفعلي بالحقوق والواجبات والعدالة فإنها وبعد التخرج من الجامعة لم يتذكرها المرشح النائب ولم يرجع بذاكرته إلى الوراء للتفكير في ميدان المرأة الشابة التي صدقت الأمانة في التعبير عن تفاعلها وحين انتهت المعركة اختفى معروف الجهود والمشاركة !! ، ولم ينفذ المرشح وعوده ووعود لافتاته وبينما برنامجه الانتخابي كان حافلاً بالوعود للشابات والمرأة بشكل خاص ( لأن المرشح كل مرشح يتاجر بشعار المرأة والعمل والمساواة والحقوق والكرامة ) ويردد كالببغاء في يافطاته ( المرأة نصف المجتمع ) وينسى ما تعهد به في حملاته الانتخابية بعد النجاح !! وهذا أدى إلى تراجع مشاركة الجامعيات والدارسات والمعلمات والموظفات في الاقتراع في انتخابات 2003م بعد مشاركتهن في انتخابات 1989 م وملامح رفضهن للاقتراع أصبح ظاهرة في تلك الانتخابات حين استرسلت النساء بالرفض للتوجه لصناديق الاقتراع علناً !!

وربما هذا هو السبب الذي يوضح لنا سن الناخبة المعلمة والموظفة أنها كانت طالبة ودارسة وفي سن المبكر من الشباب ) وقد سيطر عليها الإحباط بدل التنمية والنمو والنهوض إلى الأمام سياسيا وانتخاب المناسب !!

وما زالت ... لم تأخذ القسط المحترم والمهم لدراسة متميزة تؤدي للانتباه لها ، فإن أي موضوع للمشاركة السياسية للشباب ظل يحتمل الجنسين ( الشباب ) فقط دون اللجوء للتنقيب عن الشابة ومتى كبرت ومتى شاركت في الحياة السياسية ومتى نفذ صبرها ومتى كانت أول مرة رفعت فيها اللافتات للتعبير عن سخطها واحتجاجها على الظلم والأحكام العرفية والفساد والظلم الاجتماعي وهضم الحقوق والوساطة التي أضاعت حقوقها في العلم والتحصيل واستبدال حقها بحق ابن متنفذ في الحكومة أو قادر على الرشوة وتضييع فرصتها دون الانتباه لحقوقها !! ؟؟

أو متى صوتت لصالح مرشحة أو مرشح ؟؟ أو شكلت لجنة دعم لمرشح أو مرشحة في بلادها ؟؟ وباتت الليالي الطويلة تجهز وتوزع البيانات الانتخابية والسياسية وتدرس البرامج المكتوبة وتسهم في وضع أفكارها النسوية والاجتماعية الداعمة لصناع التشريعات في الأردن !! وتوزع صور النواب الموعودين والأفكار الرنانة ، وتجمع البطاقات وتزور الناخبين في مواقعهم وبيوتهم وفي الميادين!!؟؟ حيث أن الطالبات الجامعيات والدارسات في المعاهد وطالبات الثانوية العامة هن حصة الأسد في استقطاب المهتمين بالاقتراع !! وهن الرياحين التي لا تكل من العمل في الميادين الانتخابية خلال الحملات وفي يوم الاقتراع حيث تتواجد آلاف من الفتيات البارعات والنشيطات يرتدين أوشحة المرشحين والمرشحات ويوزعن البيانات والصور والبطاقات التعريفية على المواطنين !! بالإضافة لعملهن في داخل غرف الاقتراع كمندوبات متناوبات في الغرف طوال يوم الاقتراع !!

لكن ومع الأسف وهذه حقيقة .. فقد استغلت الشابة لاستهلاك طاقاتها كآلة للخدمة دون الانتباه لتثقيفها لاحقاً ومنحها الحق بالتكوين السياسي !! وظلت المرأة الشابة منذ بزوغ أول مشاركة سياسية لها 89 في الانتخابات تشكل سقط المتاع في استهلاك الجهد والخدمات !!
فالمرأة التي كانت شابة صغيرة عام 89 بعمر ناخبة ( حينما كان سن الناخب 19 سنة ) أشرفت الآن على الأربعين ، والمرأة الشابة التي كانت بعمر الخامسة والعشرين أشرفت على الخمسين مع الاعتذار لتسارع الزمن ( فهي لما تزل غير مستفيدة من الإدماج إلا للتصويت عبر ميول الأهل والزوج وانعدام التثقيف السياسي الوطني الذي يحقق لها حرية الاختيار !! ولا ندري كم من المفاهيم الديمقراطية والسياسية حقنت في ذهنيتها الوطنية وما ذا أنتجت في الأجيال ؟؟
وهل المرأة الشابة التي شاركت في الحياة السياسة منذ ذلك العهد نجحت القوى الديمقراطية بشعاراتها بإدماجها في الأحزاب الوطنية ؟؟
ومتى ادارت ظهرها للمشاركة السياسية في الأردن وعثرت على نتيجة بالية لم تعطها حقها في العمل والعلم والحرية السياسية في اختيار ممثليها في البرلمان ؟؟
لا بالطبع فنتيجة فشل ونكوص الحياة الحزبية في الأردن قد ذابت طموحات المرأة الشابة ، وإن نسبة عضويتها في الأحزاب كامرأة وليس كشابة هي نسبة 1و2 !!!

طبعاً تواجه المرأة الشابة منافسة تراكمية في الحياة الاجتماعية والسياسية في الأردن ، فمن الاتكال إلى الاستقلال، ومن تلقي خدمات المجتمع إلى واجب الإسهام داخل الحياة الوطنية والاقتصادية والسياسية والثقافية. ولذا فمن المهم أن يتنبه السياسيون والتشريعيون وأصحاب القرار وصناعه إلى حقيقة خطرة ، إلى أنهم كلما استفادوا من الشباب وأداروا لهم الظهر ، كلما ازداد حجم الترهل والخراب التربوي الذي يهدر قدرة هؤلاء الشباب الأردنيين ويحبطهم عن الإسهام في صلب الحياة الوطنية والمنافسة في الاقتصاد العالمي !!! ورفع راية البلاد عالياً كما تحمل أدبيات ( شباب كلنا الأردن )
ولا ندري في ظل هذا الوضع الاقتصادي والسياسي الحالي عام 2006م وفي ظل ثورة العقارات والحجر والإسمنت والحديد دون الاهتمام بالروح الشبابية وتفعيلها في الاقتصاد والفهم الوطني والتشاركي الذي يخفف من أعباء البطالة ( إن نسبة مشاركة وإشراك المرأة الشابة في الثورة العمرانية والإسفلتية في الأردن ) تساوي حالة انتظار وتأمل ساخر وناقم ) لماذا ؟؟ لأن هذه الأولويات العقارية تقوم على أيدي تجار ومستثمرين رأسماليين وتشكل الحالة السياسية والتنموية الثقافية عندهم نقطة قاتمة لا تهمهم وفي آخر القائمة !!

ولذلك نجد أن ديوان الخدمة المدنية يعج بأسماء عشرات الآلاف من الشابات والشباب الذين أصبحوا كهول والشابات اللواتي أضحين عجائز في انتظار الوظيفة واستقلال الذمة المالية ، فكيف يشارك الشباب بضمائر ومصداقية في بناء وطن ؟؟
إن ثمار التنمية السياسية يحتاج ترجمة فعلية للقبض على الشباب وقدراتهم من خلال التنمية البشرية ، وهذا يتبع النمو الاقتصادي الذي يتحسن ولا يحسن حياة الشاب إلا بالاستهلاك وصناعة سوق استهلاكي بضخ خيارات مكثفة في عالم التبجح التكنولوجي المتعلق بالخلويات والمقاهي والمطاعم وأسواق السيارات والدراجات والسكوترات والخالي من دور السينما العالية المستوى والمسارح القومية ودور النشر والثقافة الوطنية والدعم الثقافي للمبدعين إلا بالأخبار والشعارات ! كما يحدث في متسابقات وزارة الثقافة الأردنية حين تكتشف مئات الموهوبين من الشباب فإنها تكافئهم بشيء يسير من المال منقوص المبلغ لضريبة الدخل !!وتنساهم ولا تعود تسأل عن أسمائهم فيصابون بالإحباط والتأخر والتراجع عن العطاء وتموت فيهم المواهب والكفاءات !! التي لو تم استثمارها لأصبحت عملات وطنية ترتجي الأردن من ورائهم هوية عالمية عند التبني والمصداقية في التوجه للأجيال !!

إن التنمية السياسية عند المرأة الشابة والشباب تؤدي إلى تحسينات وخيارات موسعة عن طريق زيادة كل من قدراتهم وفرصهم. وقد أدخل أول تقرير عالمي للتنمية البشرية دليل التنمية البشرية لقياس التنمية البشرية لأي بلد على أساس متغيرات تشمل، الحياة المديدة والصحة (العمر المتوقع عند الولادة)، والمعرفة (معدلات معرفة القراءة والكتابة بين البالغين ونسب القيد بالتعليم الابتدائي وقياس الفرص المتاحة للنساء من حيث ما يكسبنه من دخل ومشاركتهن للقوى العاملة المهنية وفي البرلمان. وهذا بالتأكيد سوف يدمج المراة الشابة ويحفظ حقها في التعليم والعمل والفرص التي لن تضيع إذا توافرت القوة السياسية المنصفة !!

المحاضرة التي ألقتها عائشة الرازم في معاهد الواصفية للفتيات في الأردن!!

صالة العرض


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى