الخميس ١٦ آذار (مارس) ٢٠٠٦
من الذي كتب ( عباس الأبيض في اليوم الأسود ) إذن ؟
بقلم سعداء الدعاس

معاطي يثبت فشله ، ومحمد فاضل يثبت حبه لزوجته !

وصف أحد الصحفيين النشاط الفني والأدبي للكاتب ( يوسف معاطي ) في الفترة الحالية بأنه نشاط بارز وناجح حيث صادف أن عرض له مسلسل ( أدهم وزينات و3 بنات ) مؤخرا على قناة أبو ظبي الفضائية ، بعد عرضه على القناة المصرية ، إضافة لتعاون ( معاطي) مع عادل إمام في فيلمه الأخير ( السفارة في العمارة ) مع تحقيق نجاح جماهيري جيد ، وإن واكبه بعض الاستهجان من الصحافـــة المصرية ، جــاء على عكس اهتمامهــا سابقــا بفيلمــه ( عريس من جهة أمنية ) الذي جمعه بعادل إمام أيضا ، وإن كانت بعض الصحف قد ركزت على فكرته المسروقة بتغييرات بسيطة عن الفيلم الأميركي الشهير ( meet the parents) ، الذي تكرر عرضه مؤخرًا في العديد من القنوات الفضائية العربية بتعمد واضح لاستغلال هذه الفضيحة مع أولى عروض فيلم (معاطي) المسروق – مع التأكيد على أننا لسنا ضد الإستعانة بأفكار الآخرين بأسلوبنا الخاص دون إغفال الإشارة إلى ذلك وهذا مالم يفعله يوسف معاطي - وبغض النظر عن الفيلمين الذين قد نتناولهما في مقال آخر – وبالرغم من تجاهل الصحافة المصرية لمسلسل (أدهم وزينات و3 بنات) إلا أن ما عزز من إحساس البعض بنجاح (معاطي) وتميزه في هذه الفترة بالذات هو ذلك الخبر الذي نشر عن نية قطاع الانتاج في التلفزيون المصري ولأول مرة ترجمة المسلسل لأكثر من لغة من بينها ( الانجليزية ، الفرنسية والأسبانية ) تمهيدا لعرضه في بعض دول أوربا وأمريكا الجنوبية خاصة ، كنوع من التبادل الثقافي والفني ، إضافة للرغبة في إعادة عرضة على القنوات المصرية الأخرى لاتاحة فرصة مشاهدته للجميع .

بهذا الخبر يكون من المنطقي أن نصدق كذبة النجاح والإزدهار تلك ، خاصة في ظل النجاح الجماهيري والفني لمسلسله ( عباس الأبيض في اليوم الأسود )، لكن المتابع لمسلسل ( أدهم وزينات والثلاث بنات ) يجد أن التجاهل الصحافي الكبير لهذا العمل -عدا ذلك الخبر المستفز وبعض التعليقات القصيرة الساخرة من كتاب المقالات - قد جاء رحمة به وبالقائمين عليه ، بل أننا نجد أنفسنا وبتلقائية نتساءل : من الذي كتب ( عباس الابيض في اليوم الاسود ) إذن ؟

داء العظمة يلتهم الجميع !

يطرح المسلسل ، قضايا عدة تتركز حول الصراع الأزلي – المفتعل - بين المرأة والرجل، بسبب مجموعة أحادية من المؤلفين الذين وجدوا في هذا الصراع مادة غنية لكتاباتهم للأسف...المرأة هنا هي زينات ( فردوس عبد الحميد ) والرجل هو أدهم ( فاروق الفيشاوي ) ..والمسلسل بكل بساطة يؤكد على فكرة أن نجاح المرأة يأتي غالبا لرغبتها في الاثبات للرجل أنها فعاله ولها دور يوازي دوره تماما ..على الرغم من أن المسلسل ذاته يحاول قول عكس ذلك بصورة مباشرة ، لكن هذه الفكرة الساذجة يستطيع كشفها أبسط المشاهدين من خلال الحماس الذي دب في نفس زينات رغبة منها بالانتقام من زوجها، لتصبح بقدرة قادر المرأة التي لا تُقهر .

هي سيدة يفترض بأنها في الثلاثينات من العمر ..متوسطة الجمال مرتبكة الشخصية ( والارتباك في نظر معاطي ومحمد فاضل يتمثل في تكسيرها للأشياء من حولها دون قصد منها، فيبدو أنهما مؤمنان بأن الشخصية المهزوزة هي التي تضفي على الجسد حالة من الاهتزاز الحركي وعدم التوازن جعلت منها أضحوكة الآخرين ) ، رغم ذلك فهي خريجة كلية الهندسة قسم حاسب آلي ولكنها آثرت تربية بناتها الثلاث على العمل ، من خلال إيمانها التام بأن إثبات ذاتها يتمثل في نجاحها في بيتها ...كرست حياتها لعائلتها وخاصة زوجها أدهم الرجل الذي تخرج معها من نفس الكلية والتخصص ولكنه مع مرور كل هذه السنوات أصبح عالما فريدًا من نوعه يمثل بلاده في المحافل العالمية ..وله إختراعات ( لم يشر لها المؤلف ) يفترض بأنها مفيدة للبشرية جمعاء ويفترض بنا تصديق ذلك..! هذا العالم المشهور يقضي وقته في العمل تاركا مسؤولية بناته لزوجته المخلصة زينات ... التي تفاجأ بأن زوجها لا يغفر لها أقل الأخطاء ومنها لجوءها لمدير البنك الاستثماري -الذي كان زميلا لهما أيام الدراسة وتقدم لخطبتها سابقا - لحل أزمة مالية يقع فيها أدهم الذي يثور لهذا التصرف النبيل ، ولابد أن يؤمن المشاهد بأن الزوجة المخلصة هي التي تلجأ لرجل أحبها سابقا ليحل لزوجها أزمته المالية دون علمه ..! وفي المقابل لابد أن يكون(أدهم الثائر) في نظرنا رجل جاحد لا غيور! والحمدلله أنه رغم هذا الشرخ البسيط إلا أن الحياة تسير هادئة .. وتنجح زينات ( العاقلة ) في إعادة السعادة والعز لمنزلها تطبيقا لشعارهم اليومي الذي يتغنون به كل صباح قبل الإفطار من خلال أغنية ( بيت العز يا بيتنا) ...

وبعد عدة حلقات هبط فيها إيقاع العمل لعدم وجود محرك للأحداث ، ينقذ المؤلف مسلسله بإدخاله شخصية رولا ( نادين سابا) الفنانة المشهورة جدا ( نلاحظ هنا أن أدهم يقال عنه بأنه أكبر وأعظم عالم في مصر ، ورولا بأنها أشهر وأعظم ممثلة في مصر..وفي الحلقات النهائية تصبح زينات أيضا أعظم وأشهر مهندسة في مصر ، وبناتها أشطر بنات في المدرسة) وبعيدا عن داء العظمة الذي أصاب العائلة بأكملها تصبح هناك علاقة مشبوهة بين أدهم ورولا يتوجانها بالزواج ، الأمر الذي تنهار على أثره زينات لتنقلب حياتها كلية بعد أن تتعرف على مجموعة من النساء المضطهدات واللاتي يترددن على ذات المستشفى النفسي الذي تعالج فيه ، لتكتشف بعد ذلك بأنها ساهمت في هروب زوجها منها بعدم إهتمامها بهندامها وتجاهلها لتحقيق ذاتها علميا وعمليا فتتغير زينات تغيرا جذريا في مدة لا تزيد عن السنه ( يتضح ذلك بالعديد من الجمل التي تؤكد قصر المدة إضافة لعدم وجود أي تغيير فيسيولوجي طرأ على البنات الثلاث، كما أن حمل إنجي ( دينا ) زوجة فوزي ( رامز جلال) الذي جاء بعد طلاق زينات يؤكد أن الفترة التي احتوت جميع هذه الأحداث لا تتعدى السنة هي شهور الحمل وعمر الطفل الذي تعطي هيئته 3 شهور فقط ) لكن رغم قصر المدة إلا أننا أصبحنا أمام إمرأة مختلفة .. مختلفة جدًا !

تحولات دراماتيكية...

في الفن حين تتحول الشخصية الشريرة المُقدمة على القيام بجريمة قتل مثلا إلى شخصية وديعة ، نادمة ومسالمة بعد سماعها لنصيحة رجل مسن أو لصوت الآذان على سبيل المثال فتقع السكين فجأة من يدها لتستغفر الله ويحدث التحول الكلي ، عندها يصبح التحول غير مقنعا على الإطلاق ، ومثار سخرية المشاهد أيضا وهذا بالفعل ما تميزت به شخوص المسلسل ، خاصة شخصية فوزي ( رامز جلال) الذي تحول من الخسة إلى النبالة جراء جلسة تأنيب من أخته زينات ، جعلته يبكي بعدها معترفا بسيئاته ، نادما عليها ، أما شخصية زينات فقد أصابها العطب منذ أن آمن( معاطي) بسهولة تحويلها إلى رمز من رموز الأمة لتتبدل بعدها من شخصية ساذجة ، مرتبكة إلى عالمة في مجال الكمبيوتر ، رزينة ، مسيطرة على حركتها دون تكسير لما حولها ، كما أن أدهم – الذي تزوج على زوجته ومن ثم طلقها – تراجع حاله إلى الصفر فبعد أن كان مليونيرًا أنتج مسرحية لزوجته الثانية بالملايين وأعطى زينات وبناتها ملايين أخرى يقال بأن مصدرها أبحاثه العلمية – رغم أن العلماء هذه الأيام هم أفقر الناس - إلا أنه وبسبب العدالة الإلهية التي انتقمت لزينات ، يصل إلى مرحلة بيع السيارة الخاصة به ليصبح مفلسا تماما يتنقل بسيارات الأجرة ، لكن وبما أن الله يقف مع زينات دائما فإنها وبسهولة تستطيع شراء شركة زوجها وجميع ممتلكاته ليقول لنا المؤلف بكل بساطة " كن طيبا وإلا جعلك الله تحت رحمة سيارات الأجرة " ، أما زينات المظلومة فبعد أن أرشدها الله إلى مجموعة السيدات المضطهدات فإنها تتحول بقدرة قادر إلى :

 سيدة جميلة خاصة بعد نزع حبة الخال الكبيرة من أنفها ، ورغم أن فردوس عبدالحميد تمتلك قدرا لا بأس به من الجمال إلا أننا وبأمر من زوجها محمد فاضل لابد أن نصدق أنها أصبحت سيندي كروفورد .
 عالمة شهيره -كما أشرنا – لدرجة أن التلفزيون أجرى معها لقاء وصفها به بالعالمة العبقرية – وبالتأكيد فإنهم لم يقصدوا عالْمة بتسكين اللام ، مع الأخذ بعين الإعتبار أنه من غير المسموح معرفة نوعية الاختراعات العبقرية عدا إشارة أو إشارتين بطريقة معقدة استخدم فيها المؤلف اسلوب (الفهلوة) بصورة بدت مشوشة حتى لا يصل المشاهد لمعلومة واحدة عن نوعية الإختراعات الفريدة في علم لم يشأ المؤلف توريط نفسه به ، حيث يختار الألقاب والمسميات الكبيرة دون الدخول في متاهات الشرح والتفصيل ، فزينات وأدهم قدما العديد من الإختراعات والأبحاث والمعجزات في مجال نسي المؤلف أنه بات متاح للجميع ولم يعد قسرًا على العلماء وخريجي كليات الهندسة .
 واستمرارا لمسلسل التحول أصبحت زينات (الأم تريزا) التي توزع الهبات والهدايا على الناس في حملة بدت مصطنعة من قبل الناس حيث تركزت نظراتهم على الكاميرا ومن يقف خلفها .
 سيدة الأعمال الناجحة صاحبة الشركة الكبيرة – رغم أنها حديثة التأسيس – لكننا لابد أن نصدق أنها شركة كبيرة استطاعت أن تسيطر على سوق الكمبيوتر ، وهو بالصدفة نفس المجال الذي يعمل به زوجها السابق أدهم .
* أخيرا تصبح زينات نائبة لتكتمل صورة المرأة الناجحة بمساندة الفرارجي والجزار !!!

بجميع هذه التحولات الطارئة أثبتت زينات أنها إستطاعت قهر الظروف لتثبت لزوجها أنها لا تقل عنه قيمة ، بل بالعكس فما آل إليه حال أدهم وزوجته المشهورة رولا يثبت أنه من الأفضل لكل إمرأة أن تتطلق من زوجها حتى تغدو صالحة ونافعة للمجتمع ، وهذا ما يقوله المؤلف صراحة حين تطلب رولا من أدهم الطلاق لأنه بكل بساطة ( مفيش حد أحسن من حد) بدليل أن رولا عادت لنجاحاتها بعد الطلاق مباشرة.

مخالب الأسطورة تجرح محمد فاضل

حقيقة لا أعرف تحديدا من الذي أوحى لمعاطي بتلك الأسطورة ( زينات )؟ أما محمد فاضل فكلنا يعلم بأنه مقتنع بأن فردوس عبد الحميد أفضل من تصلح لدور الأساطير، فهي الأخت الأسطورة سوكا في ( النوّة) ، وفاطمة القوية المضحية في (عصفور النار) ، والبنت العبقرية في ( أنا وانت وبابا في المشمش ) ، فلماذا لا تجتمع كل هذه الصفات في شخصية واحدة إسمها زينات ، تهز الدنيا كما هزتها سابقة في فيلم (أم كلثوم) لكن للأسف الهزة كانت بدرجة 5. 1 رختر فقط ففشل الفيلم فشلا ذريعا جعل محمد فاضل يدين لزوجته فردوس عبدالحميد بعمل يعيد لها أمجادها ، وأنا هنا لست ضد الحب بين الزوجين والتفاني في إنجاح الطرف الآخر ، خاصة وأن فردوس عبد الحميد ممثلة جيدة ، لكن هل من المعقول أن يؤدي هذا الحب بمخرج بحجم محمد فاضل – بما له من خبرة زمنية طويلة قضاها ومازال في مجال الإخراج – أن يتأثر بعلاقاته الإنسانية ويتناول شخصية (زينات) بكل عيوبها الدرامية فقط لأن فردوس عبد الحميد هي التي ستؤديها وهذا أمر مفروغ منه ، فما أن نقرأ إسمه في مقدمة عمل إلا وتوقعنا بطلته سلفا ؟ هذا إضافة لعدم وقوفه كمخرج على مواطن الضعف الواضحة في هذا المسلسل التي لو تم استئصال بعضها، وتشذيب بعضها الآخر، لكان أفضل بكثير مما هو عليه ، خاصة وأنه احتوى على بعض الأحداث التي جاءت متماسكة ومقنعة عند عزلها عن السياق العام ، كمشهد إتهام أدهم من قبل زينات بالخيانة أمام جميع افراد العائلة وإعترافه بذلك.
أما أبرز هفوات العملية الإخراجية فتتمثل في العديد من المشاهد مثل :

 الحفل الكبير الذي اقيم على شرف د. أدهم ، ذلك الحفل الذي بدا
فقيرا بتكلفة إنتاجية لم تتعد سعر وصلة رقص فتيات الاستعراض رغم أن الجمل الحوارية تؤكد على القاعة الفخمة والبرنامج الترفيهي الساهر ...إلخ
 لم يسيطر المخرج على المشاهد الطويلة التي ركزت على حياة بائع
الدجاج ( الفرارجي ) فرغم عدم أهميتها بالنسبة للبناء الدرامي ، إلا أنه والمؤلف شغلا بها جزء كبيرًا من إحدى الحلقات فبدت مملة ورتيبة جدا ، واتضح لنا العجز الإخراجي في التغاضي عن أهمية التوزيع الكلي بالنسبة للمشاهد والشخصيات ، فمن غير المنطقي أن يظل التركيز على شخصية واحدة وحدث واحد طوال الحلقة ، خاصة وأنها شخصية غير فاعلة في الخط الرئيسي للعمل .

 تعددت المشاهد التي تناولت العلاقة الحميمية بين زينات والسوق
الشعبي الموجود في إحدى حارات الإسكندرية ، إلا أن جميع تلك المشاهد بدت ميتة ، لا روح فيها ، كونها أولا صورت في أستوديو – الأمر الذي قد نغفره للمخرج لصعوبة التصوير الحي - وثانيا لكم التنظيم والترتيب المفتعل الذي تميزت به الحارة الشعبية ، فالفن حين يجمل الحياة لا يعني هذا أن يسلب منها روحها ، وكلنا يعلم أن روح الحارات المصرية الشعبية هي تلك الفوضى والعشوائية التي تغلفها ، لتبقى في الفن فوضى لكن منظمة ومدروسة .

 وبنفس الإفتعال السابق تميزت أيضا مشاهد الإنتخابات ، فالصورة
تنقلت بين جموع الناخبين المصطفين على الجانبين كل يحاول كتم ضحكته وهو يمسك ببطاقته الشخصية باليد اليمنى الممدودة للكاميرا ، ورغم أن المشهد إحتوى على تشابك بالأيدي بين جماعة ( زينات ) ومنافسها إلا أنه لم يكن لهذه الجموع الغفيرة من هاجس سوى إفساح المجال للمصور بتصنع ملحوظ .

صديقات (مسافة السكة) وتفوّق بالبركة!

بما أن إسم ( فردوس عبدالحميد ) إرتبط بمشاهد المقالب والألاعيب

خاصة بعد مسلسل ( في المشمش ) فإنها في هذا العمل تقوم بعمل بعض الحيل
( الثقيلة ) للانتقام من طليقها – ورغم خفة دم بعض هذه الحيل كأقراص الهلوسة التي وضعتها له في إحتفال عام بمساعدة صديقتها الصيدلانية – إلا انها من جانب لا تتناسب مع شخصية يفترض بانها عقلانية وترغب باستعادة زوجها ، ومن جانب آخر لم تفكر هذه المهندسة بسمعة بناتها رغم كل ما تكتبه الصحافة عن والدهن إثر هذه المقالب ، أما الكارثة الحقيقية فتتمثل في أن المؤلف في جميع الحوارات أوحى بإيجابية هذه الألاعيب مانحا كل شخص أحقية ممارسة حقده على الآخر بهذه الصورة الرخيصة والمدمرة في ذات الوقت .
ولا نغفل هنا اللامنطق الذي أسبغه المؤلف على صديقات زينات فهن متعاونات في الشر إلى أقصى درجة رغم أنهن من مستوى إجتماعي جيد ومستوى علمي ممتاز فمنهن المديرة والمحامية والصحفية ..إلخ ، إلا أنهن للاسف يمارسن كل ما هو غير أخلاقي في سبيل إسعاد صديقتهن المظلومة ! فالصحفية تسخر قلمها لمهاجمة أدهم وزوجته الجديدة ، والمديرة تعرقل مشروعاته ، ورغم وجود مثل هذه النماذج في الحياة بالطبع إلا أن المؤلف لم يتخذ منها موقفا صريحا وإيجابيا، بل بالعكس فجميع الأحداث والمقالب تحديدا تصرح بأن أدهم يستحق ذلك وبأن زينات ورغم كل ما فعلت مازالت هي المظلومة ، لذا فقد رزقها الله بصديقات رغم وظائفهن إلا أنهن جاهزات للإنطلاق (مسافة السكة فقط ) في اي لحظة تقررها زينات ، فنجدهن يجتمعن في منزلها بمجرد ان تطلب ذلك ، وكلهن فدائيات في سبيلها وكأنهن بلا مسؤولية أو عائلة تشغلهن قليلا .

ولعل من أكثر المشاهد المضحكة بالنسبة لي كمشاهدة ، هي تلك التي تتابع زينات في فصول تعلم الكمبيوتر ، فرغم أنها خريجة حاسب آلي إلا أنها تلتحق بفصل يشرح فيه المدرس لمدة 4 أو 5 دقائق ماهية جهاز الكمبيوتر ومكوناته وهو درس يعطى للمبتدئين فقط ، كما أن هذه الدقائق المهدرة من عمر المسلسل التلفزيوني دليل على ضعف الاخراج الذي لجأ لمواد الكتب التعليمية ليشغل بها جزء من زمن الحلقة كما فعل في مشهد ( الفرارجي ) .

ورغم أن الدرس كان للمبتدئين إلا أن زينات المبتدئة تفاجئ أستاذها بعبقريتها وبالتالي تستطيع إجتياز جميع الدورات( الكورسات ) بفترة وجيزة لدرجة أنه عرض عليها الانضمام إلى هيئة التدريس في المعهد ، وقد نسي المؤلف أنه لا يوجد شيء إسمه (إجتياز كورسات) في المعاهد التجارية الخاصة ، فالمعهد يلزم الطالب بفترة معينة مدفوعة الأجر مسبقا، لابد أن يجتاز في نهايتها إختبار يؤهله للدورة التالية ، ولو كان الأمر بالصورة الوردية التي صورها المؤلف لأغلقت جميع المعاهد أبوابها، فما من طالب الآن ليس لديه علم بالكمبيوتر أو لا يستطيع تطوير قدراته فيه، بيد أن حاجته من هذه المعاهد تتمثل غالبا في شهادة الإلتحاق بالدورة التي قد ترفع من أسهمه حين يتقدم لأي وظيفة .

لم تكتف زينات بالتفوق بل أنها إستطاعت أن تحصل على عرض من أكبر شركة كمبيوتر في العالم – وحسب استراتيجية معاطي وفاضل فإن الأسماء ممنوعة – وموطنها بريطانيا وليس أمريكا! هذا العرض حمل رغبة الشركة في انفاق ( الملايين ) على إختراع زينات ( المبهم ) ...لنفاجأ بأن العرض عبارة عن منحة لعمل كورسات عالية المستوى في الكمبيوتر ، ونفاجأ بعدها أن هذه الكورسات هي ذاتها التي حصل من خلالها أدهم على الدكتوراه !!!!!!!!!

نهاية على طريقة (الثلاث ورقات)

لم يقف المؤلف عند هذا الكم من الأحداث الهشة واللامنطقية ، بل يعرفنا في الحلقات الأخيرة ، في مشهد مسرحي خطابي طويل وممل على مجموعة ساذجة من الرجال المضطهدين ، تعرف عليهم أدهم في المستشفى النفسي الذي يعالج فيه بعد الانهيار الذي أصابه عندما علم بالمتسبب في جميع مشاكله الأخيرة ( كما حصل لزينات بالضبط ! )، وكالمعتاد فإن أدهم العالم العبقري وبفضل هذه المجموعة البليدة ، المحطمة ، يعي أخيرا أهمية الانفصال عن رولا، وتؤثر بناته الصغيرات أيضا على قراراته بعد ذلك بهروبهن من المنزل ليجتمع شمل الاسرة من جديد ، ونصل إلى النتيجة النهائية التي مفادها أن كل طفل لابد أن يلجأ للهرب من منزل العائلة لحين حل جميع المشاكل بين الوالدين كما أن الأسرة العاقلة المثقفة من المفترض أن يفرض عليها الحل من أطفالها لأنهم بكل بساطة ( عباقرة )، مع ملاحظة أن تصرفات أصغر البنات لا تتناسب مع مستوى والديها الإجتماعي والعلمي ، خاصة طروحات والدتها العاقلة ، فالفتاة تتصرف كأنها بائعة متجولة ، تستخدم ألفاظا لا تناسب سنها وتربيتها إطلاقا .

وللعمل مميزات أيضا ..

بالإضافة إلى بعض المشاهد المقنعة – كما ذكرنا – فإن العمل إحتوى على ملامح كوميدية مقبولة في ظل مقالب جاء بعضها مقنع ، كما لا يمكن تجاهل الأداء الجيد لبنات أدهم وزينات خاصة البنت الوسطى ، وأداء (رامز جلال) الذي أقنعنا بشخصيته المستهترة ، الأنانية إلى حد كبير جعلنا نمقت فيه هذا الرجل الذي فضل مصلحته الشخصية على حياة أخته الوحيدة .

وبعيدا عن أداءهما التقليدي طوال الحلقات التي تجاوزت الثلاثين ، لا ننكر أن( فردوس عبد الحميد وفاروق الفيشاوي ) جعلانا نتعاطف معهما ونصدقهما في بعض المشاهد ، منها مشهد الإنهيار العصبي لكليهما ، والمشاهد التي إحتوت على مواجهة بينهما ، مما يجعلنا نضع على كاهل المؤلف والمخرج جميع عيوب هذا المسلسل التي لا يتحمل الممثلون أيا منها ، متأملين تقبلهم لجميع هذه الملاحظات وإن كانت
سية نوعا ما، تطبيقًا للمثل الإنجليزي الشهير :


مشاركة منتدى

  • استكمالا للمقال ، يقول المثل الانجليزي:
    you have made your bed, now lie on it
    تحياتي
    سعداء الدعاس

  • فردوس عبدالحميد ممثله موهوبه وناجحه جدا ، ومن ابرز ادوارها نفيسه في حكاية ميزو و نعيمه مرسال في زيزينيا و زينات في ادهم وزينات والتلات بنات

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى