الاثنين ٢٤ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٧
بقلم حسن أحمد عمر

ملفات العقل البشرى

يتكون العقل البشرى من نسيج ثابت لا يتجدد يحتوى على ملايين المراكز المسئولة عن الحركة والحس والفهم والإدراك واكتساب المواهب مثل القراءة والكتابة وقيادة السيارة والطائرة وغيرها ، وعندما يولد الإنسان طفلأ فإن هذه المراكز تكون موجودة وبنفس العدد ولا تزيد ولكن الإنسان يميط اللثام عنها أولأ بأول مع مرور الزمن والتقدم فى العمر وإكتساب الخبرات المختلفة فى كل مناحى الحياة .

العقل البشرى من أعظم خلق الله تعالى وأعزه عليه لأن هذا العقل هو الذى يفكر ويقدر ويتدبر ويصل بذكائه الفطرى إلى أن لهذا الكون خالق عظيم مستحق للعبادة والتقديس والتقرب إليه بصالح الأعمال هو الله الواحد القهار

ولنا فى نبى الله ورسوله إبراهيم اسوة حسنة عندما أنكر على قومه الجهلة عبادة الأحجار والأصنام التى يقومون هم بصناعتها وقرر الوصول للحقيقة بفكره وجهده فكان أن هداه الله تعالى للحق المبين وانار بصره وبصيرته ففرق بين الحق والباطل والنور والظلام وعبد مولاه بلا شريك .

ومثل الهارد ديسك فى الكمبيوتر ينقسم العقل البشر إلى مساحات صغيرة تعد بالآلاف وكل مساحة بها مئات الألوف من المراكز التى تنتظر التنشيط تبعأ لنشاط صاحبه وسعيه وراء الفهم ورغبته الجامحة فى المعرفة والوصول لحقائق الكون العظيم ليدرك من وراء ذلك وجود الخالق العظيم الذى يقول للشىء كن فيكون والذى بدأ خلق الإنسان من طين.

وتمامأ مثلما استطيع ملأ ملفات الهارد ديسك بما اشاء بكامل حريتى استطيع ملأ عقلى بما اشاء فمن الناس من يفضل الظلام على النور ومن يحب العمى ويكره البصيرة ومنهم يعشق الضلال ويخاصم الهدى ومنهم من يلهث خلف الرذيلة ومنهم من ينشر القبح والفحشاء بين العباد ، ومن ناحية أخرى منهم من يحب النور ويكره الظلام ويعشق الهدى ويخاصم الضلال ويجرى سعيأ وراء الخير والحب والإحسان والفضيلة .

جهاز الكمبيوتر الشخصى يعتبر دليلأ مصغرأ على ذلك فتجد البعض قد ملأ ملفات جهازه مثلأ بأفلام جنسية فاضحة أو صور لاناس فى أوضاع سرية أو مقالات تدعو للفسق والضلال وتنهى عن الفضيلة والهدى أو كتب تنشط غريزة العدوان والكراهية والقتل والتدمير أو مقالات تعلم الناس كيفية صناعة القنابل اليدوية والمتفجرات أو كتب وكتابات تحرض ضد الآخر المخالف فى الدين أو الفكر او المذهب او العرق أو..او..الخ وتراه يقوم بتوزيع مخزوناته على النت عن طريق فرض نفسه على مختلف الإيميلات ويرسل للناس دون إذن منهم اشياء وملفات وصور وكتب لا يرغبون فيها ولم يطلبوها منه وكأنه بذلك يؤدى دورأ معينأ منظمأ أو يؤدى رسالة او هدفأ يسعى خلفه .

وعلى الجانب الآخر تجد الكمبيوتر الشخصى عند البعض الآخر وقد امتلأ بكل ما هو نافع من كتب علمية وكتابات تنويرية ومؤلفات تدعو للمحبة والسلام والعدل والإخاء والمساواة بين البشر وترى عنده ملفات لصور من جمال الطبيعة وروعة ملكوت الله الواحد القهار ، فشتان بين هذا وذاك والغريب ان المحب للفضيلة الداعى للخير والمحبة والسلام لا يتطفل على أحد فهو قد فقه وتعلم منذ الصغر إحترام مشاعر الآخرين وعدم فرض نفسه عليهم أو إقحام نفسه فى خصوصياتهم.

عندما قال الله سبحانه ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها * قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها) فكأن الآية الكريمة قد حسمت هذا الأمر وقررت أن كل نفس تملك عوامل الهداية وعوامل الضلال ، عوامل الكفر وعوامل الإيمان ، عوامل الحب وعوامل الحقد ، عوامل الظلام وعوامل النور، عوامل الشرك وعوامل التوحيد ، عوامل الإستقامة وعوامل الإعوجاج ، عوامل السلام وعوامل تأجيج الحرب والفرقة بين البشر، كل نفس بشرية تملك النقيضين فالنفس التى تنصر النور على الظلام نفس تقية والنفس التى تنصر الظلام على النور نفس فاجرة.

من المسلمات فى الحياة أن الحب أعظم من الحقد وأن السلام أعظم من الحرب وأن الكمال أعظم من النقص وأن العدل أعظم من الظلم وان المساواة أعظم من التفرقة وان التكريم اعظم من الإهانة وأن الكلمة الطيبة أعظم من الكلمة الخبيثة لأن الأخيرة كشجرة خبيثة إجتثت من فوق الارض ما لها من قرار ، اما الكلمة الطيبة فأصلها ( جذرها) ثابت وفرعها فى السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها.

فيا أنصار الكلمة الخبيثة التى تقتل الابرياء، وتدمرولا تبنى ، وتجرح ولا تضمد ، وتهين ولا تعتذر ، وتذل ولا ترتدع ، وتفرق ولا تجمع وتمزق ولا تلملم ، وتنهب ولا تعمر ، وتسرق ولا تتوب و وتشتم ولا تحس ، وتحرق ولا تطفىء وتؤجج ولا تطبب وتشعل ولا تهدىء وتخرب ولا تعمر، يا أنصار الكلمة الخبيثة الم يئن لقلوبكم ان تخشع لذكر الله وما نزل من الحق وأن تعودوا لرشدكم وتستغفروا ربكم ؟؟

الطريق مفتوح على مصراعيه أمام الجميع فاملؤا الدنيا حبأ وعدلأ وكرامة ومساواة بين البشر واهجروا منابع الشر واحضنوا منابع الخير ، قولوا للحروب والعدوان لا ، وقولوا للسلام والعدل والمحبة نعم ، اجعلوا ازهار السعادة ترفرف فوق رؤس الأطفال والنساء والشيوخ والرجال ، واملؤا عقولكم بمراكز يهيمن عليها الحب والسلام والكرامة الإنسانية وامسحوا من عقولكم كل مراكز الحقد والكراهية والإستخفاف بالآخر المختلف مهما كان حجم الإختلاف ونوعه فهناك يوم ينتظرنا جميعأ سواء آمنتم به أو كفرتم ، هو يوم سيدفع كل إنسان جزاء ما طار من من أعمال فإن خيرأ فخير وإن شرأ فشر ( وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه ، ونخرج له يوم القيامة كتابأ يلقاه منشورأ ، إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى