الجمعة ٧ تموز (يوليو) ٢٠٠٦
بقلم أحمد أبو سليم

مملكة المسيح

"فَقالَ لَهُم بيلاطس : وَماذا أَفعلُ بِيَسوعَ الَّذي يُقالُ لَهُ المَسيحُ ؟ فَأَجابوهُ كُلُّهُم : أُصلُبهُ ، قالَ لَهُم : وَأيَّ شَرٍّ فَعَل؟ فارتَفَعَ صِياحُهُم : أُصلُبه
فَلمّا رَأى بيلاطس أَنَّه ما استفادَ شَيئاً بَلِ اشتدَّ الاضطِرابُ ، أَخذَ ماءً وَغَسلَ يَديه أَمامَ الجُموعِ وَقال : أَنا بَريءٌ مِن دَمِ هذا الرَّجُلِ ، دَبِّروا أَنتُم أَمرَه ، فَأَجابَ الشَّعبُ كُلُّهُ : دَمُهُ عَلينا وَعَلى أَولادِنا"
فَأمرَ حينَها بِصلبِ المَسيح

إصحاح27-متى

أَمشي إِلى مَوتي وَحيداً وَالسَّماءُ كَأَنَّها وَجهي الحَزينْ
وَالأرضُ أَصغَرُ مِن جَناحِ فَراشَةٍ رَفَّتْ عَلى كَتِفي
وَغاصَتْ في ثَنايا الجُّرحِ تَبحَثُ عَن فُتاتِ الخُبزِ في لحَمي
وَبَعضٍ مِن نَبيذِ الأمسِ في رُوحي
وَتحفُرُ ما تَبقّى مِن وَصايا
فَوقَ أَخشابِ الصَّليبِ بِماءِ قَلبٍ تائهٍ
بَينَ الوِلادَةِ في أتونِ الصَّمتِ وَالمَوتِ المُكابِرِ في دَمي
يا أَرضُ كُوني شاهِدي
كُلُّ الَّذينَ أُحِبُّهُمْ قَد أَنكَروني
قَبلَ ميلادِ الصَّباحِ وَشيَّعوني عارِياً
مِن كُلِّ أَسرابِ الحَمامِ إِلى الصَّليبْ
يا قَلبُ لمَلِمْ ما تَبقّى مِن حُطامِكَ وَارتَحِلْ
لا رايةٌ بَيضاءُ تَكفي ظِلَّكَ المَمدودَ بَحراً مِن دَمٍ
لا ماءَ يَكفي عَرشَكَ المَرفوعَ فَوقَ الماءِ
نَجماً في فَراغِ اللَّيلِ يَسكُنُه المَطَرْ
لا وَقتَ يَكفي لِلصَّلاةِ وَلاِنصِهارِ الرُّوحِ في فوضى الحُلُمْ
وَدَمي غَريبٌ عابِرٌ لَفَظتهُ أَبوابُ المَدينَةِ دَمعةً
سالَتْ طَويلاً ثُمَّ نامَتْ تَحتَ أَهدابِ القَمَرْ
سَأَعودُ عُشباً ناعِماً عِندَ المَساءِ وَأَنحَني لِلرِّيحِ كَي لا أَنكَسِرْ
سَأَعودُ يَوماً في الصَّدى
وَأُعيدُ تَسمِيَةَ المَكانْ
يا قَلبُ لمَلِمْ ما تَبقّى مِن بَقايا وَارتَحِلْ
فَعَشاؤُنا كانَ الأَخيرْ
وَالوَعدُ أَبعَدُ مِن حُدودِ أَصابِعي
وَأَنا سِراجٌ ذابِلٌ يَذوي أَمامَ الرِّيحِ مُرتَعِشاً
وَيَحلُمُ بِالقَمَرْ
صَدَّقتُ قَلبي مَرَّةً
وَتَركتُ حُزني فَوقَ أَسوارِ الجَّليلِ مُعَلَّقاً
بِرِداءِ أُمّي وَانصَهَرتُ مَعَ المَساءِ المُشتَعِلْ
يا قَلبُ خُذني كَي أُعيدَ مَلامِحي لِجُذوعِ أَشجارِ النَّخيلْ
يا قَلبُ خُذْ ما شِئتَ مِنّي
غَيمَتي
وَرِداءَ أُمّي
حَبَّةَ القَمحِ الَّتي خَبَّأتُها لِوِلادَتي
خُذْ وَحدَتي
وَرَغيفَ خُبزي وَالصَّليبْ
ثُمَّ اعطِني يا قَلبُ قَلباً لَيسَ مِنّي وَانتَصِرْ يا قَلبُ لي
قَلباً يَهُبُّ عَلى شِراعي كَالرِّياحِ أَنا الغَريبُ المُنكَسرْ
مَوجاً عَلى الصَّخرِ المُدنَّسِ بِالخَطايا
ضَاقَ بي بحَري
فَأَدْمَنتُ الرَّحيلَ سَحابَةً
ذَرَفَتْ عَلى رَملِ الصَّحارى ماءَها دَمعاً
وَغابَتْ في المَدى المَصهورِ تَحتَ الشَّمسِ عَطشى
وَأَنا النَّبيّْ
وَحدي أُفتِّشُ عَن خُيوطِ الضّوءِ في رُوحي
أُفتِّشُ عَن بَقايا مِن وَصايا اللهِ لِلشُّهَداءِ
يا يحَيى
خُذِ الأَلواحَ وَاقرأ ما تَبقّى مِن وَصايا لِلحَجَرْ
لَم تَكتَمِلْ صَلواتُنا
لَم تَكتَمِلْ
وَلَسوفَ تَصلِبُني أَياديهِم
كَما جاءَتْ بِرأسِكَ لِلمُلوكِ عَلى طَبَقْ
مُستَسلِماً لِلمِنجَلِ الوَرديِّ في عيدِ الحَصادِ
كَعُشبِ آبْ
لَم تَكتَمِلْ صَلواتُنا
لَم تَكتَمِلْ
وَلَسوفَ تَصلِبُني أَياديهِم
كَما جاءَتْ بِرأسِكَ لِلمُلوكِ
أَنا الغَريبُ المُنكَسِرْ
ضَوءاً عَلى أَنقاضِ هَيكَلِ أُورشَليمْ
مَلعونَةٌ رُوحي
يُلاحِقُني عُواءُ اللَّيلِ
وَالأَنفاسُ
وَالأَجراسُ
وَالوَحدةْ
كَلِماتُهُمْ
وَسِيوفُهُمْ
أَحياؤُهم
أَمواتُهُمْ
حَتّى الضَحايا
أَحتَمي بِجِدارِ قَلبي ضائعاً
اللَّيلُ أَكبرُ مِن سَماءِ مَدينَتي
وَالشَّمسُ أَصغَرُ مِن يَميني
أَرتَدي حُزني دِثاراً في جُنونِ الحُزنِ
أَصعَدُ لاهِثاً في دَربِ جُلجُلَتي عَلى ظَهري صَليبي
أَنحَني
أَمشي ، وَأَسقُطُ
ثُمَّ أَمشي فَوقَ بَحرٍ مِن زُجاجٍ أَحتَرِقْ
فَوقَ الصَّليبِ وَتُعلِنُ الأَجراسُ مَوتي
كُلُّ شَيءٍ يَحتَرِقْ
مِثلي
رَذاذُ الرُّوحِ
وَالأَسفارُ
وَالأَلواحُ
وَالهَيكَلْ
كُلُّ المَدينَةِ تَحتَرِقْ
وَالأَرضُ تَهذي في فَراغِ اللَّيلِ هائمَةً
تُنادي عَرشَها المحَمولَ نَعشاً فَوقَ أَكتافِ النُّجومْ
مُتَبعثِراً كَالغَيمِ في لحَمي
يَبابٌ أَنتِ مِن بَعدي
وَنهرٌ مِن دَمٍ يمَتدُّ مِن كَفّي إِلى الصَّحراءِ
مَملَكَةٌ بِلا تاجٍ
وَأَعيادٍ
وَأَجراسٍ
تُحَلِّقُ فَوقَ أَنقاضِ النَّهارِ
وَتَنسِجُ الأَحلامَ مِن دَمعِ الرُّسُلْ
طُوبى لِكُلِّ غَريبَةٍ نامَتْ تُهَدهِدُ دَمعَها
طُوبى لِرَحمٍ عاقِرٍ
وَلِبَطنِ أُمٍّ لَم يَلِدْ طِفلاً يُبشِّرُ بِالخُرافَةِ
وَانكِسارِ الأَنبياءْ
قَدْ جِئتُ أُشعِلُ شَمعَةً
لأُضيءَ في الصَّحراءِ مَملَكَةَ السَّلامِ
فَأَحرَقوني فَوقَ أَخشابِ الصَّليبِ وَأَنكَروني
كُلُّ شَيءٍ زائلٌ
إِلاّ دَمي الباقي هُنا وَشماً عَلى أَرواحِكُمْ
وَسيوفِكُمْ
صَوتاً يُنادي مِن شُقوقِ الأَرضِ
في الطُّرُقاتِ
تحَتَ الشَّمسِ وَالأَمطارِ في كُلِّ الفُصولْ
يا أَهلَ ايلياءَ الغَريقَةِ في الفَناءْ
هذا دَمي
باقٍ هُنا
دَيناً عَلى أَرواحِكُمْ
مِن بَعدِ مَوتي
لَعنَةً
سَتَظَلُّ بَعدي
لِلأَبَدْ
سَتَظَلُّ بَعدي
لِلأَبَدْ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى