من تجليات «روضة»
قالتْ "رَوْضَةُ":
أرعَبَني الحرسُ الشَّخْصِيُّ
فأحرقْتُ قصائدَكَ المَمْهورَةَ بالقُبُلاتِ
وأحرقتُ الحُبَّ
وأحرقتُ القَلْبَ
فما عادَ لإسْمِكَ رائحِةٌ في شَفَتي
ما عادَ لوجهِكَ في عَيْنيَّ شُروقٌ
ما عادَ سواهُ
محاصرةً بالعَتْمَةِ
في الغُرْبَةِ من دونِ خَليلاتٍ
من دونِ عصافيرَ تُرَجِّعُ أنَّاتي
ما أوحدَني مِنْ دونِكَ
يا نورَ العَيْنِ
وما أقْسى هذا البُعْدُ
وما أقساكَ وما أقساهُ وما أقساني.
قلتُ: كثيرٌ يا رَوْضَةُ هذا الحزنُ عليَّ
كثيرٌ هذا الشوقُ
وما أكثرَ هذي النارَ
فلا بَرْدٌ فيها لا سِلْمٌ
يا نمرودةُ
هذا قلبٌ في الأوراقِ المحروقَةِ
يَصْرُخُ
بُلِّيهِ بَقَطْرَةِ دَمْعٍ
وحروفي تلكَ فراشاتٌ تهوي في النارِ
فلا بَرْدَ ولا سِلْمَ
ولا حُزْنَ
نَبِيَّتُها أنتِ فأحييها
قولي باسمِكَ يا ربَّ الحُبِّ
أعَدْها ، أحْييها،
أنْبِتْها في شَفَتي زَهْرَةَ فُلِّ
أو سِرْباً مِنْ قُبَلٍ
آويها بيتَ القلبِ
وطهِرْها بالضوءِ وبالخَمْرِ وبالعَسَلِ الثَغْرِيِّ
وقولي كلِّمْها يا ربَّ الحُبِّ
و عَلِّمْها الأسماءَ
وعَلَّمْها تَقْرَأُ باسْمِكَ
تُقْرَأُ باسْمِكْ..
وتُسافرُ طَيْراً باسْمِكَ في أفئدةِ العُشّاقِ
وأَلْسِنَةِ المَحْمومينَ بحمّى الشَّوْقِ
وقُلْ كوني طَلِّسْماً للحَمْقى والمجنونينَ
وللغَرْقى
كوني فاكهةً للسُّجَّدِ في محرابِ العِشْقِ
وأنهاراً من عَسَلٍ أو خَمْرٍ
كوني " وَضَّاحاً" يَتَكَلَّمُ في المَهْدِ الشَّطْرِيِّ
ويَسْمَعُهُ الأَكْمَهُ
يُبْصِرُهُ الأَعْمى
تَعْشَقُهُ كُلُّ أميراتِ البيتِ النَّهْريِّ
وحاذرْ أنْ يُدْفَنَ في صُنْدوقِ الموتِ وحيداً
وشهيداً
أَنْبِتْني في عَيْنيهِ لِأُؤنِسَهُ في الظُّلْمَةِ
إذْ يُغْمِضُ عينيهِ
فَيُغْمِضُني
أطفِئنا في القبر معا.