الجمعة ٤ تموز (يوليو) ٢٠٠٨
بقلم أشرف توفيق إبراهيم

نادما خرج القط

لم أكن مخطئا حين طالعت هذه المجموعة القصصية عندما جذبنى عنوانها من أول وهلة..وربما _اعترافا بالحقيقة_ دار بذهنى أن هذه المجموعة هى واحدة من المجموعات لأحد الكتاب الشباب الذين يسعدهم كثيرا أن يقدموا الحال على الفعل فى العنوان إمعانا للرمزية وطلبا للتعقيد!!

ولكننى أعلنها _ووجهى فى الأرض_ أننى كنت مخطئا بالفعل.. فهذه المجموعة لا تحتاج إلى عنوان معقد ولا رمزية سطحية لكى تشف عن مهارة وإبداع كاتبها.. وإنما يكفيك فقط أن تغوص داخلها متجاوزا غلافها لكى تصل لنهايتها دون أن تدرى..

(نادما خرج القط) مجموعة قصصية للمبدع الشاب أحمد صبرى غباشى صدرت عن دار ليلى وكانت ضيفا عزيزا على معرض الكتاب الماضى.. وقدمها الكاتب الشهير وقدوة جيل الشباب المبدع أحمد خالد توفيق.. ليضفى بتعليقه على المجموعة _والذى ظهر على غلاف الكتاب الأخير_ لمعانا وبريقا خاصا..خاصة إذا تنبأ بكلماته لهذا الكاتب المبدع بمزيد من الشهرة والمجد.. وإضافة إلى جيل الشباب المبدع الذى تنبأ به من قبل أحمد خالد توفيق ومنهم أحمد العايدى مثلا على حد قول الكاتب الشهير..

فى البداية ينبغى أن تحذف من خيالك أن الكاتب شاب لم يبلغ العشرين بعد..وهذا لأنك ستصطدم بلا شك بفيض غزير من الثقافة الكامنة بين طيات الكلمات.. وستكتشف وأنت تتنقل بين قصة وأخرى أن الكاتب الشاب قد هضم الكثير من الأجيال السابقة سواء داخل مصر أو خارجها من الأدب العالمى..وستجد بكل بساطة الكثير من احمد خالد توفيق والكثير من يوسف إدريس والكثير من غيرهما لتصل فى النهاية إلى أنك لا تقرأ لأى منهم بل تقرأ لأحمد صبرى غباشى الذى مزج كل الأساليب ليصنع لنفسه عالما خاصا بكلماته البسيطة وثقافته الجمة وتشبيهاته الرائعة..

وإذا طالعت الكتاب فربما تبدأ فى انتقاد بعض القصص ومبديا نقدا انطباعيا على أن بعض القصص خارجة عن الإطار العام للقصة القصيرة وغير مكثفة وخلافه.. ولكن لأن أحمد صبرى كاتب ذكى فقد قطع على الجميع خط الرجعة حيث كتب على غلاف المجموعة (نادما خرج القط.. قصص وخواطر)..أراد أن يهمس فى أذن كل قارئ وناقد: أنا باكتب اللى باحس بيه..سواء قصص أو خواطر.. وفاهم الفرق بين كل نوع كويس!!

المجموعة تحتوى على عدد من القصص أعجبنى فى كثير منها طرافة الفكرة وبساطتها وحسن تناولها وإن وقع الكاتب فى عدد من القصص فى خندق العنوان التقليدى وأسلوب القصص الروائية المسلسلة.. ولكنه استطاع رويدا رويدا أن يجذبنا منها إلى عالمه الخاص..

مثلا فى قصته الأولى..(وداعا)..وهى من أجمل قصص المجموعة..حيث تدور القصة كلها على لسان بطلها الراوى فى خلال عشر ثوان هى كل المدة التى يستغرقها فى رحلة الانتحار من نافذة بيته حتى ارتطامه بالأرض..فكرة مبتكرة وإذا أضفنا إليها جمال التناول وكيف أن البطل أسهب كثيرا وعرفنا منه قصة حياته كاملة..فإننا لابد أن نصفق بعد قراءة القصة لكاتبها..

وهناك أيضا قصة (المتحضر) الذى يتمنى أن يتعامل المجتمع جميعا بصفة متحضرة ويعارضه البطل الذى يعيش حياته الهوجاء كبطل طبيعى من المجتمع.. والجميل أن تدور الدائرة ويقابل البطل الرجل المتحضر مرة أخرى ولكنه لا يتذكره جيدا ويترك لنا الكاتب ببساطة ورمزية مباشرة مقصودة الأمر.. لنستنتج أنه هو المتحضر بنفسه!!

إن الكاتب فى مجموعته لا يستعمل معنا أسلوب العرض فقط.. وأن يتلو علينا ما جادت به قريحة الأبطال ولكنه يريد أن نشاركه الحدث وأن ننفعل معه.. نثور ونحب.. نسخط ونغفر.. ننتحر ونرجو الحياة.. ولهذا تجد أسلوب الحوار المباشر المخاطب هو الغالب على طبيعة المجموعة..

ولكى تتواصل الأجيال نظريا وعمليا.. فقد أكمل الكاتب الشاب أحمد صبرى غباشى قصة قصيرة لأستاذه ومقدم كتابه الدكتور أحمد خالد توفيق وهى قصة (يوم واحد).. لتصبح قصة على أحسن ما يكون وبتعليق الدكتور أحمد..

إن (نادما خرج القط).. مجموعة قصصية جيدة لكاتب شاب.. تنبأ له الجميع وأنا منهم بمستقبل باهر فى القريب العاجل.. ومن يدرى ربما قريبا يصبح أحمد صبرى غباشى هو صاحب التعليق فى الغلاف الأخير لكتاب جديد لكاتب شاب جديد!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى