الثلاثاء ٢٩ أيار (مايو) ٢٠٠٧
بقلم أسامة نصـّار طلفاح

نافذة على مدينة إربد

من بين "دحنوناتها" الحمراوات ، التي أصبحت معلماً رئيسياً في سهولها و جبالها الخلابة ، تُطّل إربد حاضرةً على الماضي ، بعيون المستقبل الزاهر ، إربد المدينة و الأرض و الإنسان التي تزهو جمالاً و عشقاً كأرجوحة شوق بين السماء و الأرض.
إربد مدينة الجمال و الثقافة مدينةُ القمح و الأقحوان و الشعراء ، بعبق التاريخ و الحاضر تعتبر مدينة اربد من أكبر المدن الأردنية و أهمها ، تقع في الشمال من العاصمة عمّان على بعد 80 كيلو متر تقريباً ، و تعتبر إربد إمتداداً لسهل حوران و تشكل مع ألويتها وحدة جغرافية متكاملة وذلك بسبب تضاريسها المتعددة والمتنوعة، فهناك الغور المنبسط ذو الطقس الحار صيفاً واللطيف شتاء، ومرتفعاتها الجبلية التي تمتاز بأشجارها الحرجية دائمة الخضرة.

تعتبر مدينة اربد من المستوطنات البشرية القديمة الواقعة جنوب الشام ، و تلّ اربد من أكبر التلال التي صنعها الإنسان في هذه المنطقة ، و كانت تحمل مدينة اربد اسم "أرابيلا" في العصر الروماني ، حيث تُعتبر مدينة اربد من المدن العشر الرومانية المسماه " ديكابوليس".

و قد أطلق على المنطقة المحيطة بمدينة إربد غرباً و شمالاً إلى محاذاة نهر اليرموك " بالأقحوانة" نسبةً إلى زهر الأقحوان الذي ينبت بكثرة في هذه المناطق ، و تحتوي محافظة اربد على كم هائل من المواقع الأثرية و السياحية المتعددة بشتّى المجالات ، من سياحة دينية ، طبيّة ، ترفيهية ، كما و تحوي بين أراضيها أضرحةً و مقامات عديدة للأنبياء و الصحابة الكرام و التي ما زال بعضها قائماً لغاية الآن ، و تحتوي اربد على عيون من الماء تنتشر في أرجاء بلداتها و قراها ، هذه العيون التي اعطت و وهبت اسمها لكثيرٍ من البلدات و القرى التابعة لإربدَ .
روت لنا اربد عبر ماضيها المضيء قصص العابرين الذين سكنوها منذ القدم ، روت لنا حكاياتهم بلغةٍ "ربداوية" جميلة ، حضاراتٌ كثيرة و أناس من شتّى الأجناس سكنوا فيها و سكنت معهم اربد ، ارتبطت اسماؤهم بها ، فحكت لنا قصصهم بأدبٍ و جمالْ.

تغنّى بإربد كثيرٌ من الشعراء و كتب عنها الأدباء ، عن حواريها القديمة و أسواقها العتقية ، أدباء و شعراء و مثقفون سكنوا معها و سكنت بقلوبهم ، و من أشهر من تغّنى بها شاعر الأردن "الربداوي" كما يحلو لأهل اربد تسميته ، الشاعر الكبير مصطفى وهبي التل الملقب بعرار ، فقال يوماً في قصيدته المشهورة " أوابد الأردن" :

يا بنت وادي الشتا هشت خمائُله
لعارض هل من وسميّ مبدار
" وثغرة الزعتري " افتر مبسمها
عن لون خدك إذ تغزوهُ انظاري
 
وسهلُ اربد قد جاشت غواربُه
بكل أخاذ من عشب ونُوار
ان الشماليخ في حصن " الصريح " لقد
حالت إلى عسل ، يا بنت، فاشتاري
وعرار الذي احب اربد وقال فيها الكثير:
يا اربدَ الخرزات حيّاك الحيا
رغم الجفاء، ورغم كل تقاطع
فيا حبذا من ماء راحوب " رشفة "
وظل بجرعاء " السريج " ظليل
وفي دار قسّيسّ القرية ليلة
تقضي و فيي حضن الصريح مقيل

اربد ؛ عروس الشمال كما يطلق عليها الأردنيون اليوم ، عروس عذراء جميلة ، منبعٌ للأمل و الحياة ، منبرٌ للعلم و الثقافة و المثقفين ، تحتل إربد في الوقت الحالي مكانةً كبيرة في الساحة الأردنية و العربية بشتّى المجالات ، ثقافية ، علمية ، زراعية ، جمالية أثرية و فكرية حضارية. حيث تضم إربد جامعات و مؤسسات علمية و مراكز ثقافية و دوراً للنشر و أسواقاً تجارية و مراكز هامّة متنوعة.

و نتيجةً لمكانة إربد الثقافية في الساحة الأردنية و العربية تُوجت إربد اليوم لتكون مدينة الثقافة الأردنية للعام 2007 ، و تحتفل اربد بكلّ ما فيها بهذه المناسبة الجميلة طوال هذا العام .

منذ ذلك اليوم الذي انتزعتنا الحياة فيه من رحمّ أمهاتنا و نحن نتغنى بإربد ، سنبقى كذلك لأنها الجمال بعينه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى