الخميس ٣١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
المدرسه العربية للسينما والتلفزيون…
بقلم رانية عقلة حداد

نجمة مضيئة في سماء الانترنت

ثقافة … ومعرفة سينمائية وتلفزيونية واسعة ومجانية، مفتوحة تحت تصرف الجميع… هذه الكلمات القليلة هي أقل ما يمكن قوله في تجربة مهمه ورائدة، كتجربة المدرسة العربية للسينما والتلفزيون عبر الإنترنت.

في عصر يحكمه التقدم التكنولوجي، فيقدم شبكة الإنترنت، كأحد أهم الأدوات المعرفية … وجدت المدرسة المنبثقة عن صندوق التنمية الثقافية التابع لوزارة الثقافة المصرية، سبيلها لتقديم التعليم عن بعد بكل ما يخص فن صناعة السينما والتلفزيون على مدار الساعة باسلوب بسيط وممتع، موجهة رسالتها الى كل الباحثين، والدارسين، والعاملين، او المهتمين في هذا المجال في جميع أنحاء العالم والذي تجاوز عددهم حتى الآن العشرون الف مشترك في ست سنوات وهي عمر المدرسة.

تقدم المدرسة للراغبين بالدراسة عبرها مختلف المواد المرتبطة بالسينما والتلفزيون، بداية من كتابة السيناريو، والاخراج، والانتاج … مرورا بالديكور، والتصوير، الصوت، والمونتاج وصولا الى الرسوم المتحركة.
وتنفرد المدرسة وحدها بتقديم هذه المواد باللغة العربية التي لا يمكن توفرها في المواقع الالكترونية المختلفة، الا بلغات اخرى لكن ماذا يفعل الذي لا يجيد أي لغة غير العربية ؟

لا تقدم المدرسة شهادات علمية للدارسين عبرها، انما مجموعة أسئلة مقترحة لكل مادة للراغب باختبار معلوماته، يؤهله النجاح بها الى المشاركة باحدى ورشات العمل التي تقيمها المدرسة، فتقدم له فرصة اخراج فيلم قصير.

وفي الوقت الراهن تنظم المدرسة " الملتقى الأول لأصدقاء المدرسة العربية للسينما والتلفزيون "، تتيح من خلاله الفرصة لعرض الأفلام التي انجزها اصدقاء المدرسة الذين درسوا فيها، ثم أنجزوا أفلامهم بناءا على هذه الدراسة، سواء أكانت أفلامهم تسجيلية، أو روائية قصيرة، او تجريبية، وبالتالي هي أيضا فرصة لطرح وجهات النظر الفنية المختلفة للمشاركين تبادل الخبرات، والتواصل فيما بينهم من جهة، ومع الجهات المعينة من جهة أخرى للتعرف على إبداعهم ومدى الاستفادة من المدرسة.

فضلا عن المواد الدراسية، تقدم المدرسة المواد العامة والتي هي مسح موسع وشامل، لمختلف الأمور المتعلقة بالسينما والتلفزيون في العالم العربي، سواء من أسماء، وعناوين المعاهد التي تدرس السينما، وشروط الالتحاق بها، أو معلومات عن معظم المهرجانات، والنقابات، والجمعيات، والاستوديوهات، والبلاتوهات السينمائية والتلفزيونية، ولا يغيب عن المدرسة رصد ونشر الأبحاث والرسائل العلمية لمساعدة الباحثين في هذه المجالات للاستفادة منها أما كمراجع او معرفة المواضيـع التي تم تناولها والابتعاد عن تكرارها في بحوثهم.

ايمانا من المدرسة بأهمية التكنولوجيا، افردت لها صفحات خاصة لشرح مختلف برامـــج الكمبيوتر المستخدمة في جميع مراحل الانتاج السينمائي والتلفزيوني … والتي يسرت بدورها انتاج العديد من الافلام القصيرة بأقل جهد وكلفة ممكنة.

ولمزيد من المعلومات، ولضمان التنوع المعرفي، تفتح المدرسة المجال أمام المهتمين للتواصل، والاطلاع على بعض اهم المواقع الإلكترونية ذات الصلة بالسينما والتلفزيون، سواء اكانت مواقع عربية، او اجنبية .

تجاور عدد من السيناريوهات التفصيلية لبعض اهم افلام السينما العربية، تحفز تلقائيا القارئ والمهتم الى اجراء مقارنات بينها، واستخلاص الاسلوب الخاص بكل مخرج لها، بالتالي التعرف على الاساليب الفنية المتنوعة، والتعرف معها الى مفردات اللغة السينمائية؛ من أحجام اللقطات، والزوايا، وبناء المشهد، واساليب الانتقال من مشهد الى آخر، بالاضافة الى توظيف الصوت، وارتباطه بالصورة، والذي بالطبع لا يمكن تجاهله هو الجهد المبذول من قبل المدرسة في تفريغ هذه الافلام، وتحويلها من صور الى سيناريوهات تفصيلية مكتوبة، الأمر الذي قد يحتاج اشهر في بعضها لانجاز ذلك … من ثم ما يميز هذه التجربة، الاطلاع على سيناريوهات افلام نادرة ليس من السهل الحصول عليها، ومشاهدتها مثل سيناريو فيلم ( العزيمة) انتاج عام 1936، والذي يعتبر علامة في السينما العربية حيث شكل بداية الاسلوب الواقعي فيها، او لفيلم (المومياء) انتاج 1969 لمخرجه شادي عبد السلام، والذي اعتبر علامة فارقة من حيث لغته البصرية الغنية.

هناك صفحات مهمة في المدرسة تفتح النافذة على الماضي كما على الحاضر، على تاريخ الفن السينمائي، والتلفزيوني في الوطن العربي منذ ظهوره حتى آخر ما استجد عليه في السنوات الأخيرة .

ولرف الكتب نصيب كما للتاريخ، حيث لازال للكتاب أهميته رغم سيل المعلومات المتوفرة على شبكة الإنترنت، ويتضمن هذا الرف حصرا لاغلب الكتب العربية، او التي ترجمت اليها، والتي نشرت عن فنون السينما والتلفزيون في جميع انحاء العالم العربي، مع متابعة جميع الإصدارات الحديثة.

ومن الجدير ذكره ان للكتاب الأردني حيز على رف الكتب، لكنه تواجد متواضع وخجول، بالمقارنة مع التواجد السوري والمصري، يعكس غياب صناعة السينما الأردنية، والاهتمام عموما بالفن السينمائي والتلفزيوني.

ولا بد من الإشارة الى ان للمدرسة مكتب ارتباط في عمان، وهو شركة طيف للإنتاج والتوزيع الفني، الذي جمع لأكثر من لقاء مديرة المدرسة بالمهتمين وأصدقاء المدرسة في الاردن .

لا يمكن الحديث عن كل هذا الجهد وتجاهل الأشخاص القائمين على هذه التجربة، ومساعيهم الحثيثة لانجاحها، حيث يقف خلف كل هذا مديرة المدرسة الدكتورة منى صبان -الاستاذ بالمعهد العالي للسينما- أكاديمية الفنون في القاهرة، بالاضافة الى فريقها العامل من باحثين، واداريين الذي لهم كل الشكر والتقدير.

رغم كل هذا الجهد المبذول في المدرسة من اجل خلق وتطوير ثقافة سينمائية وتلفزيونية عربية، ألا ان المطلع على حوارات المنتدى الخاص بأصدقاء المدرسة، يحزن لهزالتها باستثناء عدد قليل جدا من النقاد والأصدقاء الذين ينيرون بكتاباتهم افق المنتدى .

أخيرا وليس آخرا نأمل ان تكون هذه التجربة، ومن خلفها وزارة الثقافة المصرية … نموذجا يحتذى به لما يمكن تقديمه من اجل المزيد من المعرفة والارتقاء بذائقتنا وثقافتنا السينمائية والتلفزيونية عربيا .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى