الاثنين ٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
بقلم بلال خليل سلامة

نرفض الموت.. ونرفض الرحيلْ

طــَـوَيــت ُ جــِـيــلا ً من الرِّجــال ِ في قــَـهـر الزمان..
وأتيت ُ أضــَـمــِّـخ ُ عــُـمري ْ بــِـعـُـمر ِ أمـُـيْ...
في لـَـيـل ٍ جــَـاهز ٍ للرَّحــيـل ...
أراني هــُـنــَـاك َ واقِــفا ً كعصفور ِالأمانيْ..
أعـُـدُّ مــا تــَـبـَـقــَّــى مــِـنْ حــُـقــول القـَـمحْ..
هـَـناك َ يـَـسقط الكلام في لــَـون الثياب ..
هـَـناك َ كـُـنت َ يا ابن َ أمــِّـك َ ..
وكــُـنتُ أنــَـا.!
نــَـلــُـمُّ الحــَـصى ونــَـأكل الترابْ..
ونــَـجري فــَـوق َ زَرع ِ أبيْ..هــُـناكَ قبل َ انكسارك َ..
قــُـلتَ: رأيت ُ أسدا ً بين َ المعانيْ..
فــَـنـَـهـَـرتك َ شـَـمس ُ الأيادي
هــَـناك َ وَحدي حــَـضـَـنت ُ خـَـيبتك َ الأولى..
وأمسكت ُ يـَـديك َ ...
نــَـشـَـلــْـتـُـك َ مـِـنْ رصاص ِ العيونْ..
هـُـناك َ يا ابن َ مـَـنْ تــَـاهوا في دَربِ المغيبْ
رَحــِّـلْ دموعك َ لا شـَـيء َ يـَـكفي كــُـلَّ العـيون
كـَـي تــَـبكي عـَـليكْ
أجــِّـلْ وَداعــَـكَ .. لـَـك َ عـُـشبٌ ونــَـحل ٌ
لــَـك َ تــَـحت َ الرَّمــل ِ وَحــلٌ..!
لــَـك َ أســَـاورُ الظــِـلِّ وشــَـكل البـَـحر ِ في المطر ِ
لــَـك َ الأمسُ المـُـضيءُ في الحـِـصارْ
لـَـك َ ألم ُ الذهاب ِ في شـَـوارع المـَـنفى
لـَـك َ تــَـاريخ ُ العـِـنــَـب الحـَـزينْ..
وذكريات ُ النــَـوم ِ تــَـحت َ السـَّـماء ِ الأولى
والآن َ الآنْ .. جـَـاء َ مـُـدَرِّسُ التــَـاريخ
يــَـحــكي لــَـنــا عــَـنْ ثــَـورة ِ النــِـفـط
والحــُـبَّ المــُـعـَـلــَّـبْ...
وعـَـنْ "مـَـجنون ِ ليلى" في الشــِّـعر ِ الحـَـديثْ
صــَـار َ لـُـهُ لـَـيلى كــُـلَّ لـيلة ْ!!
وحــِـين َ تــَـزَوَّجَ لـَـيلىَ في الأربـَـعينْ
أنــجـَـبَ مـِـن "بــُـثــَـيـنة "!!
والآن َ الآنْ.. أزُورُ أبي والجـُـرحَ مـَـعـا ً
وأحمــل الحزن على كـَـتفي
وأخبار َ الوطنْ...
وأودِّعُ مـَـا تــَـيـَـســَّـرَ من رفاقْ
ثــُـمَّ أنــَـادي أنفاسي َ الأخيرة ْ
ولـَـو لــَـمْ يــَـكــُـنْ دَمي بـُـركانْ
لأحتــَـمـَـيـتُ بالهوية ْ..
والآنَ الآنْ.. يــا أمُّ
أقــِـيمي طــُـقوس قــَـهوتنا
كــَـيْ يــَـكــبر النــَّـخيلْ..
ويـَـعلو شـَـجر الأغنيات
قــَـمرا ً يــَـرقص ُ في الجـَـليلْ.!
سأشربُ مــا تــَـكـَـسَّــر َ مـِـن أسى
عــَـلى أفواه ِخــَـيبـَـتِــنا ..
والنــَّـدى يـَـعـُـدُّ مـَـا تــَـبـَـقــَّـى مــِـن خــُـيـُـولْ
والبـَـيت ُ .. لي بـَـيت ٌ فـِـي فــَـميْ..
لـِِــي خـَـراب ٌ يواصل ُ التــَّـحدي
يـَـدخـُـلــُـني كـُـل َّ خــَـريف ٍ كـَـي نــَـقـتــُـل الخــَـوفَ
وأسابيع َ الذهولْ..!!
الدَّمُ الوَطــَـنـِـيُّ مــُـولــَـعٌ بالنــَّـبيذ ..
واللـيــَّـل ذاهب ٌ للقتـَـلْ
وأنــتَ صورة ُ الرَّصيف ِ والضـَّـحية ْ.!
إختبئ .. لأكـَـرِّرَ المـَـوتَ نـِـيابة ً عــنكْ
لا تــَـخـفْ.. سأولدُ في دَمع ِ أمـِّـكْ.!
ويــَـقـتـُــلــُـنيْ.. ويقول : لا تـَـمـُـتْ.!
فأحـيا في كــُـل ِّ شيءْ.!
وأرَمــِّـم قــَـانونَ المـَـدينة السـَّـمراء
وأبتكر ُ اليوم َ الذي أصلي فيه ِ على سائر ِ العرب
فــَـمـَـات َ مـَـنْ عــَـاش.. عــَـاش َ مـَـنْ مــَـاتْ
وأنت َ حـُـرٌّ في حـَـضرة ِ المـَـوتْ..
فــَـعــِـش ْ مــَـيــِّـتــا ً أحــتــَـرمْ ثــَـورَتــَـكْ.!
هــَـذا شـِـعار ُ الرُّخــَـامْ...
وبــِـلاد ٌ فــَـاقـِـع ٌ لــَـونــُـها.!
هـَـذا أوان ُ الخـُـنوع ْ ...
والمـِـلح ُ يــَــابس ٌ في فــَـجـر ِ الخـَـطايا
والحــُـلم ُ نــَـحـل ٌ بـلا عـَـسل ٍ يـُـضـيء ْ!
والحـَـياة ُ هـِـي َ الحياة...
فــِـكرة ٌ تــَـرفض الولادة ْ..
في كـَـف ِّ وعــي ٍ حــَـطــَّـمَ الخــَـفايا!
لــَـهـَـفـِـي َ عـَـلى مـَـنْ رَاحَ يـُـحـَـدِّثُ السماءَ
عـَـنكمْ .. وأنـتـُـمْ بـَـقايا ..!
لــَـهـَـفي عـَـلى طـفل خارج الوقت
ينتظرُ البلاد َ في شـَـمس ٍ جديدة !
الصـَّـمتُ حـِـكاية ُ الحـَـواس
والخـَـارجين َ مـِنَ النـَـدَمْ..
والأحلام ُ تـَـرفض الولادة
بـَـينَ الضـَّحايا..!
الضــَّـباب ُ سـَـال َ فـَـوقَ تــَـلِّ الرُّجوعْ
وأنـثى تــُـطـِـيـلُ المـُـكـُـوثَ في الرِّيح
وبـَـينَ الكـَـلِــمات ِ العابرة ْ..
والبـَـحرُ يـعرفُ قـِـصـَّـتنا
ويرفض أن يـُـمازح رملَ الشواطئ والعصافيرْ
كــُـلُّ شيء ٍ جاهز ٍ للموتِ أو للرحيلْ
ونرفض المـَـوتَ.. ونرفض الرحيلْ.!!

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى