الأربعاء ٢٦ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٢
بقلم سها نيازي أبو رمضان

نزيف على عتبة الربيع

(إن مع العسر يسرا) هكذا كانت تردد في عقلها وهي تدب أرصفة الشوارع من ثقل همتها التى ذابت مع كل إشراقة شمس و قدماها اللتان باتت تذوب في تراب الارض من كثرة ما سارت...مهما أحرق اليأس قوتي لن أجعله يتغلب علي هكذا كانت تردد مريم و هي تسير....

الساعة الآن الواحدة ظهراً وصلت مريم البيت أخرجت يدها من جيبها لتضغط على زر المصعد الكهربائي ركبت المصعد أشارت لوحة المفاتيح على رقم ثلاثة انفتح باب المصعد و خرجت سارت في ممر صغير حتى وصلت شقتها أخرجت سلسلة مفاتيحها ببطء ثقيل أدارت المفتاح و دخلت

ماذا حدث معك؟ قالت الأم .. ردت مريم: كما هو الحال في كل يوم لا يوجد عمل .
دخلت غرفتها أخذت ترسل نظراتها يميناً و شمالاً على جدران غرفتها انهكها السير لم تستطع حتى أن تبدل ملابسها...

قالت فى نفسها: يا رب ماذا أفعل لقد ذبلت أيعقل أحمل شهادة البكالوريوس في الصيدلة و لا أجد عمل مر على تخرجي أربعة أعوام ... الصيدليات الخاصة كلٌ لديه موظفه أو موظفته منذ سنين أما الحكومة قد يأتي اسمك أو لا يأتي ...أما مكتب العمل قدمت به أربعة مرات و لم يأتيني الرد هذا و مكتب العمل لو قبلك يكون العمل فقط بطالة لمجرد شهور أي ليس عمل دائم و مع هذا الطلب عزيز المنال .....يارب عمري الآن سبعة و عشرون عاماً و لا أجد عملاً أريد أن أخفف العبء عن والدي ألا يحق له أن اساعده في مصاريف البيت لقد علمنى و تعب علي ..و أنا ألا يحق لي أن أعتمد على نفسي و أتكفل بمصاريفي ...لو كنت أعرف أن مصير شهادتي الموت لما تعلمت.

مريم الغداء جاهز نادت الأم .. حسناً أمى ردت مريم ..تناولوا جميعاً وجبة الغداء بصمت.
مع صوت الأذان الحنون قامت مريم صلت الفجر و جلست تدعي قرأت بعضاً من القرآن ..و عندما ظهرت الشمس و بدأ الدفء يعم الشوارع قامت مريم ارتدت ملابسها و أمسكت بربطة صغيرة ربطت بها شعرها كذيل الحصان نظرت على مساحيقها و مكياجها على التسريحة لم تقترب منهم فهى الآن تفكر في المستقبل ولا شىء يشغلها سوى أنها عاطلة عن العمل ...

أمسكت بأروراقها ألقت تحية الصباح على أمها لم تسألها أمها أين ذاهبة لأن الأم قد حفظت هذا المشهد الصباحي .....

خرجت مريم بقلب به قليل من أمل حاملة أوراقها سرت في شارع مزدحم وجدت صيدلية لم ترها من قبل..(أظن بما أنها جديدة من المؤكد يريدون موظفين هكذا قالت في نفسها)...دخلت الصيدلية ما هي إلا عشر دقائق و خرجت منها ذابلة (آسف لا أريد موظفين أنا سأدير صيدليتي بنفسي آسف آنستي هكذا قال صاحب الصيدلية) ..

صرخات دبت في عقلها أُنتهك أملها من جديد تشوش فكرها..جاء صوت قوي: انتبهي يا فتاة يا فتاة ...لحظات و كانت مريم ممددة على الأرض جثة بلا حراك لم تنتبه لصاحب الباص وهو يناديها كي تبتعد ...
قُتل ربيع عمرها من قتلها؟ البطالة؟ أم مكتب العمل؟ أم القطاع الخاص؟؟ أم أم؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى