الثلاثاء ١٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠١١
بقلم شاكر فريد حسن

نظرات في قصص

الكاتب الفلسطيني محمود شقير

بعد احتلال المناطق الفلسطينية سنة 1967 تعرفنا وعرفنا الكثير من الأسماء والأقلام الأدبية الملتزمة الواعية، التي رفدت وأغنت الساحة الثقافية الفلسطينية بابداعاتها المختلفة في الشعر والقصة والرواية والمقالة والنقد الأدبي.

من هذه الأسماء القاص والناقد محمود شقير، الذي تفتحت ونضجت وتبلورت موهبته الأدبية على صفحات مجلة (الأفق الجديد). وهو كاتب يساري النزعة ويتدفق حيوية ونشاطاً وعطاءً ابداعياً. دخل عالم الإبداع القصصي في المراحل المبكرة من حياته وتأثر بالواقعية الاشتراكية وروادها وأعلامها، وانخرط في الحياة الثقافية والسياسية والحزبية، وارتبطت كتاباته بالجانب الثوري من حياة شعبه السياسية والكفاحية، وهذا الأمر لم يرق لسلطات الإحتلال التي طاردته وسجنته وعذبته وأبعدته عن ارض الوطن، ثم عاد بعد غياب قسري الى مسقط رأسه ليواصل الحياة والكفاح والعطاء الثقافي المنوع.

مارس محمود شقير الكتابة الإبداعية والنقدية وله في مجال النقد الكثير من المقالات والمتابعات والمعالجات النقدية،التي تناولت اعمالاً أدبية،قصصية وروائية، لكتاب فلسطينيين.

اما في مجال القصة فله عدة مجموعات قصصية منها: (خبز الآخرين) و(الولد الفلسطيني) و(طقوس للمرأة الشقية) و(وردة لدماء الأنبياء) أو (صمت النوافذ) كما عنوانها في الطبعة الصادرة في المناطق المحتلة، وغير ذلك من الأعمال والإصدارات.

تمكن محمود شقير خلال مسيرته الإبداعية من تطوير كتاباته ومواضيعه وادواته، من حيث الأسلوب الفني والمضمون الفكري ـ السياسي، فانتقل من السرد الى الرسم بالكلمات والايحاءات والايماءات والصور المكثفة. ومن مميزات قصصه الصدق الفكري والفني العفوي وانطلاقها من رؤية واقعية، وتنوع موضوعاتها لتشمل الواقع الحياتي الفلسطيني كله ومحورها الطبقات والفئات الشعبية المسحوقة والكادحة في المخيمات والأحياء الريفية الفقيرة. وهي قصص تلتقط الهموم والأشجان والآلام الفلسطينية، وتصور معاناة الأهل الرازحين تحت وطأة الفقر والجوع والبطش والقمع الإحتلالي وتعالج القضية الوطنية ـ الطبقية وتبرز الوجه الحقيقي للإحتلال.

إذا كان محمود شقير في قصصه الاولى قد استوحى الحياة الشعبية العامة بكل تناقضاتها وزخمها وهمومها ورصد الصراع والمواجهة مع المحتل، فإن قصص مجموعته "طقوس للمرأة الشقية"تعكس القهر والبؤس والإنسحاق والإحساس بالظلم والألم والوجع الإنساني الفلسطيني وتقتنص اللحظة الشعورية، وتتناول القمع بأشكاله المختلفة، القمع الأسري والفكري والسياسي والمدرسي. وقد قال عنها المبدع الراحل مؤنس الرزاز: " هذا العمل يركب من الشعر والقصص أفقاً جديداً يفاجئنا لأنه مغامر، مجازف، نحن الذين نسينا طعم المغامرة والمجازفة، انه يصوغ من الشعر والقصص قصة برقية لا تهبط ابداً الى مستوى الكاريكاتير الذي يمثل أكبر خطر امام هذا الأسلوب بالتجديد".

اما"صمت النوافذ" فتحكي وترسم قصة الإنتفاضة الشعبية التي اندلعت في الأراضي المحتلة وتروي بطولات الانسان الفلسطيني.

محمود شقير يركز على الشخصيات الواقعية الحية التي تنفعل بالحداث وتتأثر وتعيش واقع الشعب وهواجسه اليومية وتطلعاته واحلامه،وتشارك في عمليات المقاومة والمواجهة من اجل الخلاص وتحقيق الحرية والاستقلال وبناء وطن المستقبل السعيد والجميل.

إننا حين نقرأ كتابات محمود شقير القصصية نحس في كل حرف وكل كلمة أمام كاتب واقعي وايديولوجي ملتزم كل الالتزام بالقضايا الوطنية والطبقية وملتحم بحركة الجماهير وصيرورتها، ويعانق مطارق العمال والكادحين ومناجل الفلاحين، وأن ثقافته وموقفه الإيديولوجي هما بوصلة حياته.
في المحصلة، محمود شقير صاحب تجربة كتابية غنية، ونصوصه متماسكة فنياً وذات طعم خاص ونكهة شعبية فلسطينية مستحبة،وتدور احداثها ووقائعها في المجتمع القروي والريفي الشعبي الفلسطيني. إنها قصص متفائلة تعايش الإحتلال وتحاكي الأرض والإنسان وتحكي عنهما وترصد تحولات الواقع وتبشر بغد افضل وأجمل.

الكاتب الفلسطيني محمود شقير

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى