الأربعاء ١٨ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم نهاد بنعكيدا

نكريم الملحن المغربي بدر الدين الوهابي

مراكش الحمراء كانت على موعد مع مهرجانها السنوي للفنون الشعبية في دورته 42 ،موعد يروم الإشعاع ورد الاعتبار و الاعتراف بفننا الشعبي الزاخر بأهازيجه وإيقاعاته وتقطيعاته الموسيقية الأصيلة، من خلال العروض الشعبية الساحرة التي توالت على تقديمها فرق كثيرة وغنية من كل أنحاء المغرب، عروض أضفت سحرا و جاذبية لمدينة السحر والجمال .

كان للمهرجان وقفة مع أحد فناني هذا الوطن، و واحد من الغيورين على مستقبل أغنيتنا المغربية، لحظة وفاء إذن، تكريم واعتراف للملحن المغربي الشاب بدر الدين الوهابي الذي أنقذ ماء وجه الأغنية المغربية، ويبرز هذا أساسا من خلال ما قدمه من روائع وتحف فنية عالية، و بما يختزنه وما يراكمه هذا الملحن الشاب من ثقافة موسيقية غاية في العلمية والدقة، وبدر الدين الوهابي إضافة إلى كونه ملحن بارع ومتميز وله إمكانيات فنية هو أيضا باحث في التراث ومستثمر له وموظف لتفاصيله بجمالية تجعل المتلقي المغربي والمستمع لروائع هذا الملحن يتصالح مع أناه ، مع أغنيته المغربية، والتي افتقدت بريقها وجاذبيتها منذ سنوات الستينات.

كان إذن مهرجان مراكش للفنون الشعبية فرصة حقيقية للوقوف أمام إبداعات هذا الملحن الشاب المقل في الظهور، والذي يشتغل في صمت وبدقة متناهية، آخذا على عاتقه مهمة البحث في التراث و الإشتغال عليه ،إيمانا منه بأن أغنيتنا المغربية جديرة بأن تكون، وبأن تنافس الأغنية العربية وتخرج من محليتها إلى عوالم أخرى.

بدر الدين الوهابي استغل فرصة تكريمه ليقدم عرضا مفصلا بآلة العود لمقطوعات موسيقية تشمل مختلف المناطق المغربية مما جعله يقدم رؤية بانورامية للمشهد الموسيقي المغربي وسفرا للأذن المغربية لتكتشف غنى وتنوع وخصوبة موسيقانا وتراثنا المغربي الزاخر والضارب بجذوره في عمق ثقافتنا المغربية.

وعن اشتغاله على التراث وتوظيفه في الأغنية، أكد لنا السيد بدر الدين الوهابي أن رؤيته للبحث في التراث هي رؤية خاصة وأن البحث ليس كلمة يوظفها الملحن أو إيقاعا هىضسىخعاضييستخرحه من آلة الطعريجة أو البندير، بل هي رؤية شمولية تعتمد على بحث ودراسة تراث المنطقة المراد الإشتغال عليها ، بالغوص في جغرافيتها وتاريخها وكذا في تفعيلاتها وعروضها وإيقاعاتها وأهازيجها و تقطيعاتها ونغماتها ، ثم بعد ذلك تأتي المرحلة الأكاديمية والتقنين والتوظيف العلمي لهذا التراث.

تعامل هذا الملحن في مسيرته الفنية مع نجوم كبار أمثال : نعيمة سميح، عبد الهادي بلخياط ، محمود الإدريسي، عتيقة عمار والمطربة نزهة الشعباوي وآخرون.... وفي كل عمل يدأب هذا الملحن الشاب على إبراز جانب مهم من إيقاعاتنا المغربية، فقد تنوعت أعماله بين توظيفاته لإيقاعات كناوة والجيلالي والرما والهيت والعيطة وغيرها من أشكال الفن الشعبي الأصيل .

وقد سبق لمهرجان مراكش للفنون الشعبية أن كرم فنانين آخرين في دورتين سابقتين وهما الفنان التونسي لطفي بوشناق والفنان المغربي عبدو شريف ويعتبر الملحن بدر الدين الوهابي أول ملحن مغربي تكرمه إدارة مهرجان الفنون الشعبية بمراكش اعترافا منها لعطاءاته في مجال الأغنية .

إن أغنيتنا المغربية تعيش حالة انتكاسة كبيرة ، وتكريم بدر الدين الوهابي هو رسالة لكل الغيورين على هذه الأغنية للنهوض بها وإخراجها من غرفة الإنعاش، والرجوع بها إلى أصالتها ، على غرار مثيلتها الخليجية التي غدت تنهل من إيقاعاتنا المغربية و توظف جملنا اللحنية التراثية‮ ..بذكاء شديد .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى