نوض تقرا
المجموعة التي أطلقها، مجموعة من الشباب على الفايس بوك، الموقع الاجتماعي الأكثر شهرة، بين جيل «البلاك بيري»، والتي وصل عدد المعجبين بها، إلى أكثر من 1096 شخصا، لا يمكن للفرد منا، إلا تشجيع أصحابها والدفع بأصحابها إلى الأمام، لأنهم على الأقل، فكروا في مبادرة غير مسبوقة، في زمن قيل عنه، عصر «موت» الكتاب الورقي، في مقابل الكتاب الرقمي والصحافة الإلكترونية، التي أصبحت تتهدد بدورها الصحافة التقليدية.
يستحقون منا، التشجيع والدعم، لأنهم يدفعون بجيل الانترنيت والهواتف الذكية والحاسوب المحمول، إلى الإقبال على قراءة الكتب والصحف والمجلات، التي لم تعد تغري جيل اليوم، لعدة أسباب، منها الأسباب الاجتماعية والتربوية والنفسية والسياسية والمادية بالأساس.
فالكتب في المغرب، أثمنتها مرتفعة جدا، لدرجة يصعب على الفرد منا، اقتناء أكثر من كتاب، في الشهر الواحد، خاصة إذا كان من بين المهتمين بآخر الإصدارات في مجال الفكر والثقافة والإبداع، ناهيك عن المجلات والأسبوعيات الرصينة، بالنظر إلى الأجور المتدنية، في زمن غلاء المعيشة وارتفاع تكاليف الحياة، ما يفيد بغياب سياسة تشجيع قراءة الكتب، بين أفراد المجتمع، الذي يعرف تفشي البطالة والفقر والجهل والتخلف، العوامل التي تساهم بدور كبير في انتشار العديد من الظواهر السلبية، بين شابات وشباب اليوم.
إلى جانب واقع المكتبات المحلية، بالخزانات البلدية والمركبات الثقافية ودور الشباب، إن وجدت أصلا «الخزانة البلدية بسيدي البرنوصي نموذجا» ، فالكتب التي تتوفر عليها، قديمة ومتجاوزة ولا تغري بالقراءة، في حين أنه في المراكز الثقافية الأجنبية، التي أزورها، بين الفينة والأخرى، يمكنك الحصول على آخر نسخة من رواية أوكتاب أوما شئت من الصحف والمجلات والدوريات، بهمة وحماس من المسؤول على المكتبة، لا تقابلها إلا فتور وبرودة، مسؤولي المكتبات المحلية. يا للمفارقة؟ا
النظام التعليمي لدينا، في زمن الإضرابات التي لا تنتهي إلا لتبدأ، لا يشجع التلاميذ على القراءة، لغياب الحوافز والمكتبات المدرسية داخل المكتبات المدرسية والأنشطة الموازية التي تشجع التلاميذ على الإبداع والابتكار والخلق.
أما داخل البيوت، فلا يمكنك الحديث عن وجود مكتبات داخل الشقق الاقتصادية، ليس لضيقها فحسب، بل لأن الثقافة بالنسبة للأسرة المغربية، تعتبر من آخر اهتماماتها، لأن «القفة» وآثات البيت، من بين الأولويات، في زمن الماديات والكماليات واستعراض الذات أمام الآخرين.
كلها عوامل وغيرها، لا تساهم إلا في «تقزيم» حضور الكتاب الثقافي والإبداعي، داخل البيوت والمقاهي وغيرها من الأماكن المفتوحة والمغلقة، التي تعرف بالكتاب والكتاب، لأن من المفروض علينا، كمجتمع إسلامي، أن نكون خير " أمة " أخرجت بالناس، بالقراءة والعلم، أوليس نحن من أنزلت فينا سورة " اقرأ " أم أننا لسنا بحاجة إلى العلم والقراءة بقدر حاجتنا إلى المكالمات الهاتفية المجانية وبرامج المسابقات والأغاني ووالفكاهة ومقاهي الشيشة والرياشة.
" نوض تقرا " مبادرة حسنة ولكن، يوم واحد أوحتى أسبوع، لا يكفي لتحقيق المصالحة بين القارئ والكتاب، بل تتطلب عدة شروط متداخلة ومتقاطعة، حتى يصبح فعل القراءة
ممارسة يومية وليس مرتبطا، بمناسبات ظرفية، تختفي باختفائها.
فعل، نحن مستعدون كفعاليات فنية وثقافية ومدنية ومؤسسات وهيئات مهتمة بالقطاع الثقافي والإعلامي، أن نعمل كل من جهته، من أجل أن تصبح القراءة عادة يومية وأن تصبح لدى شاباتنا وشبابنا كالماء والهواء؟ا
أم أنها دعوة عابرة في زمن عابر؟ا