الأحد ١ آذار (مارس) ٢٠٠٩
بقلم حسن سلمان

(وادي الذئاب) يفضح أسرار المافيا التركية

المسلسل التركي الذي أحدث ضجة كبيرة يكشف دور المافيا التركية المدعومة خارجيا في الصراعات التي تشهدها المنطقة العربية.

أثار المسلسل التركي (وادي الذئاب) التي تعرضه الآن فضائية أبو ظبي ردود فعل متباينة حول طبيعة العمل كونه يختلف كليا عن جميع الأعمال التركية الأخرى التي عُرضت سابقا على بعض الفضائيات، سواء من حيث الأفكار التي يطرحها أو المستوى الفني والدرامي الذي عالج به تلك الأفكار.

وإذا كانت أغلب الأعمال التركية المُدبلجة التي تابعها الجمهور العربي بشغف تسوّق لقصص حب أو حكايا رومانسية تكاد تخلو من أي مضمون، حسب رأي بعض النقاد، فإن (وادي الذئاب)، الذي يصنفه البعض بأنه أفضل عمل درامي تركي، يقدم تحليلا عميقا لواقع منطقة الشرق الأوسط، ويفضح دور المافيا التركية المدعومة خارجيا في الصراعات التي تشهدها هذه المنطقة.

وواجه العمل الذي كتبه ثلاثة من أهم كتاب تركيا المعاصرين هم راجي شاش ماف- بهادر أوزدنير- محمد ترغود وتحول لاحقا إلى فيلم سينمائي، معارضة كبيرة من قبل بعض الدول وخاصة الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، كون العمل يفضح دورهما في تمويل صفقات الأسلحة التي تتم في المنطقة بدءا من أفغانستان ومرورا بإيران والعراق وانتهاء بأوروبا، عبر المافيا التركية التي تتلقى دعمها المباشر من هاتين الدولتين.

وتؤكد الفنانة لورا أبو أسعد صاحبة شركة (العراب) التي قامت بدبلجة العمل إلى اللهجة السورية أن سبب اختيارها لـ (وادي الذئاب) يعود إلى أهمية العمل وتميّزه من حيث المواضيع والسوية الفنية (وهو عكس الأعمال الأخرى التي تركّز على الحب والقصص الاجتماعية، حيث يكشف السوق السوداء التي تدير خلال الحروب صفقات مشبوهة للسلاح وبعض المواد الممنوعة على حساب حرية الشعوب والدول.)

وتضيف: (لا بد أن أشكر في البداية فضائية أبو ظبي وإداراتها الجديدة التي يعود لها الفضل بتأسيس شركة (العرّاب)، وهي أتاحت لي الفرصة للاستمرار بمشروعي في دبلجة الأعمال التركية، حيث اتصل بي القائمون عليها وأبدوا رغبتهم بالتعاون، فعرضت عليهم بعض الأعمال ووافقوا على مسلسلي (دموع الورد) الذي عرض سابقا على المحطة، إضافة إلى (وادي الذئاب) وبعض الأعمال الأخرى التي ستعرض لاحقا.)

وتقول أبو أسعد التي أشرفت فنيا على دبلجة عدد من الأعمال التركية الأخرى إن العمل شكّل مغامرة كبيرة لها وخاصة على صعيد المشاهد العربي الذي لم يألف هذا النوع من الأعمال.

وتضيف: (رغم أن الأفكار التي يطرحها العمل قد تبدو قاسية على المشاهد، ولكنّها تهمّه جدا لأنها تتحدث عن واقعه، وأعتقد أن جانب الحرية الكبير في تركيا هو الذي سمح بوجود هذا العمل الذي يكشف أن المافيا هي وسيط بكل الحروب في المنطقة بما في ذلك إيران وأفغانستان، ودور أميركا وإسرائيل في هذه الحروب، كما أن توقيت عرض العمل كان جيدا جدا وخاصة بعد أحداث غزة الأخيرة.)

وتؤكد أسعد أنها فوجئت بحجم المشاهدة الكبيرة للعمل الذي تقول إنه نخبوي وقد لا تتابعه سوى شريحة محددة من الجمهور، (فأنت في وقت لا تعرف فيه مزاج المشاهد، لكن كمية المتابعة فاجأتني لأني اعتقدت، وخصوصا بعد نجاح مسلسلي (سنوات الضياع) و(نور)، أن المشاهد العربي اعتاد على الأعمال الرومانسية التركية ولن يتورط بمشاهدة غيرها.)

من جانبه يقول عبد القادر عبدللي الذي قام بترجمة العمل وإعداده: (وادي الذئاب) يمثل الموجة الجديدة في الدراما التركية التي بدأت مع بداية الاحتلال التركي للعراق حيث بدأ الجمهور التركي يستشعر الخطر القادم، وهذا أفرز عددا كبيرا من الروايات السياسية حول هذا الموضوع، رافقها بعض الأعمال الدرامية، فكان "وادي الذئاب" الذي خرج للنور عام 2003 أول عمل تناول ذلك التغلغل الأميركي الإسرائيلي في المنطقة، ونتيجة نجاحه الكبير تحول إلى فيلم عام 2006."

ويؤكد عبدللي أن الموضوع الرئيسي للفيلم هو (المجلس الأعلى للمافيا) الذي يُدعى (وادي الذئاب) ويرأسه بارون، مشيرا إلى أن هذا المجلس هو الذي يُدير تجارة الأسلحة والمخدرات في المنطقة (من أفغانستان إلى أوروبا) برعاية أمريكية إسرائيلية.

ويضيف: "ثمة جهة أمنية سرية تريد التغلغل في هذا المجلس من أجل إسقاطه، فتختار شخصا (علي كندان) وتخترع له قصة موت مُفاجىء بحادث سيارة، ومن ثم يُجرى له عملية تجميل ويبدأ بالتوغل في عالم المافيا عبر الحلقة الدنيا صعودا إلى القمة."

ويقول عبدللي إن (وادي الذئاب) يجمع بين النخبوي والجماهيري، و(قد أخذ ضجة كبيرة عالميا بعد عرضه في تركيا، حيث قدمت أميركا احتجاجا رسميا على عرضه عبر رسالة وجهها الرئيس جورج بوش إلى الرئيس التركي أنذاك أحمد نجدت سيزار، وكذلك فعلت إسرائيل.)

فيما يؤكد مأمون الرفاعي الذي يؤدي في العمل شخصية الضابط (أصلان) أن العمل يوضّح علاقة الأتراك بما يدور من حولهم (وخاصة القضية العراقية والفلسطينية)، مشيرا إلى الموقف الأخير لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خلال مؤتمر دافوس يؤكد ذلك.

ويضيف: (العمل يتحدث عن المافيا المنتشرة في تركيا التي تحاول تهريب السلاح لأكراد شمال العراق، كما يفضح علاقة الطالباني والبرزاني بأميركا وإسرائيل، وكيفية تسليح حزب العمال الكردستاني من قبل إسرائيل.)

وحول دوره يقول: (ألعب دور رجل المخابرات (أصلان) الذي يعمل بشكل مستقل عن أجهزة المخابرات في الدولة، ويسعى لكشف شبكة المافيا وتصفية زعمائها (7 أشخاص)، ولذلك يقوم بتدريب شخص سيصبح لاحقا أحد الزعماء الرئيسيين في المافيا التركية بعد قيام المافيا بتصفية أحد زعمائها باعتباره خائنا.)

ويؤكد الرفاعي أن أهمية الشخصية تأتي من كونها تعمل بإخلاص من أجل الوطن "ورغم أنها تقتل بعض الناس ولكن ذلك يكون في سبيل الوطن الذي هو أكبر منّا جميعا وإذا فقدناه سنفقد كل شيء (إنسانيتنا وكرامتنا)."

من جانبه يرى منصور الديب (ناقد فني) أن النجاح الكبير الذي حققه مسلسل "وادي الذئاب" على صعيد المشاهدة وخاصة بين الشباب يعود لكونه "يتحدث بشكل ميلودرامي عن عالم المافيا ويحوي جرعة من العنف لا نراها عادة في مسلسلاتنا ونستطيع أن نلمس الجاذبية الكبيرة لممثليه الأشرار والطيبين لدى عدد كبير من الشباب."

ويضيف: "لا شك أن هذا العمل يختلف كليا عن كافة المسلسلات التركية التي عُرضت سابقاً على الشاشات العربية، والتي كانت قصة الحب هي القاطرة التي تشدّ العمل، بينما نجد أن صراع العصابات فيما بينها هو الذي يشد الناس في هذا العمل وهي طريقة استقطبت المشاهدين الشباب، وهذا بدوره أعطى فضائية أبو ظبي شعبية وجاذبية أكثر من قبل."

فيما يؤكد أمجد (صاحب مقهى) أنه لا يتابع عادة المسلسلات التركية التي يصفها بالسطحية، مشيرا إلى أنه اضطر مؤخرا لمتابعة (وادي الذئاب) بعد الإلحاح المتكرر من زبائنه على متابعته.

ويضيف: "في البداية تساءلت كثيرا ما الذي يدفع هؤلاء الشباب إلى التسمّر أمام شاشة التلفزيون طيلة فترة عرض المسلسل؟ ولكني وجدت نفسي أنزلق إلى متاهة المشاهدة، واكتشفت حقيقة أهمية هذا العمل الذي يختلف كثيرا عن الأعمال التركية الأخرى كونه يُصوّر واقعنا العربي."

من جانبه يقول أسامة مهنا (أكاديمي): (تأتي أهمية المسلسل من واقعيته، فهو يُصوّر أحداث هذا العصر بعيدا عن المسلسلات التركية السابقة التي تدور حول فتاة يتصارع عليها شابّان، مع تطرقها لبعض الأفكار الهامة، في حين أن هذا العمل يصور أحداثا هامة جدا تمسّنا بشكل مباشر، مع وجود بعض القصص العاطفية التي تأتي على نحو ثانوي.)

ويدعو مهنا الدراما السورية والعربية للاستفادة من هذه الأعمال، من خلال تبادل الخبرات الفنية بين تركيا والعالم العربي، (مما يساهم في رفع سوية الأعمال العربية من الناحية الفنية لأنها تطرح بالأساس أفكارا تهم الشارع العربي.)

فيما تؤكد لميس (طالبة) أنها لا تهتم كثيرا بمتابعة (وادي الذئاب) لسبب بسيط هو أنه (يحوي جرعة كبيرة من العنف ولا يختلف كثيرا عن أعمال العنف الأمريكية التي أكرهها كثيرا.)

وتضيف: "أحببت كثيرا الأعمال التركية الرومانسية مثل "سنوات الضياع" و"نور" وأعجبت ببعض الشخصيات مثل "مهند" و"نور" و"لميس"، وأتمنى أن يكون هناك بعض الأعمال السورية التي تحوي قصصا رومانسية، لأن أغلب الأعمال الحالية إما تاريخية أو كوميدية أو ذات طابع بوليسي، وأنا حقيقة لا أحبذ هذا النوع من الأعمال."

من جانبها تؤكد فاديا (طالبة) أنها لم تسمع مطلقا بمسلسل تركي اسمه "وادي الذئاب"، متساءلة: "هل ثمة شيء مشترك بينه وبين "غزلاء في غابة الذئاب"، حقيقة أنا لم أسمع بهذا الاسم."

وتضيف: "أنا عادة أتابع بعض الأعمال السورية خلال شهر رمضان، ولا أهتم كثيرا بمتابعة الدراما التركية، ولكني أعجبت كثيرا بشخصية "مهند" بعد أن شارك في فيديو كليب، ولذلك قررت مؤخرا متابعة الدراما التركية."


مشاركة منتدى

  • بسم الله الرحمن الرحيم .... مسلسل وادي الذئاب من اهم واكبر المسلسلات الناجحة في الدرامة التركية لانه يعالج مشكلة اجتماعية من ناحية ما مثل الفساد والافات الاجتماعية والنصب والتهريب وغيره ولو لم يكن بقدر هذا النجاح لما واصل العديد من الاجزاء الناجحة عبر هذه السنين ونتيجة نجاح هذا العمل النسبة الكبيرة لمشاهدته خاصة عند الجمهور العربي وانا بشكر الدرامة التركية على هذا العمل الناجح وفي اعمال اخرى انشاء الله لاني احب مسلسلات الاكشن والمغامرات وتحية لكل من ساهم في انجاز هذا العمل الجميل وشكرا الى كل الفنانين التراك .... والسلام عليكم ورحمة الله وبراكاته

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى