الأحد ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٢
بقلم جميل السلحوت

«ورد القوافل» للمتوكل طه

ناقشت ندوة اليوم السابع الأسبوعية الدورية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس "ورد القوافل" وهو مجموعة نصوص للمتوكل طه صدرت مؤخرا عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس.

موسى ابو دويح قال: لمن يكتب المتوكّل؟

استوحى المتوكّل "نصوص بترا" النّثريّة والشّعريّة والّتي جمعها في كتاب أسماه (ورد القوافل)، استوحاها من مدينة البتراء المحفورة في الصّخر الورديّ، والّتي كانت عاصمة دولة الأنباط الّتي دامت أكثر من خمس مئة عام (من سنة 400ق.م – 106م)، والّتي امتدت من سواحل عسقلان في فلسطين من جهة الغرب إلى صحراء بلاد الشّام من جهة الشّرق.
ربط المتوكّل بين البتراء وفلسطين الّتي ركّز على نكبتها سنة 1948م، وعيش أهلها في مخيّمات الصّفيح، وما لاقوه من شظف العيش ونكد الحياة في مخيّمات اللاجئين في كثير من البلاد العربيّة.

كتب المتوكّل كتابه بلغة غاص فيها في الغموض، فاستعجمت على الكثيرين، ولهذا جعلت عنوان مقالي (لمن يكتب المتوكل؟) لأنّنا نحن العرب –وإن كنّا لمّاحين ومن ذوي الألباب وتكفينا الإشارة فنعقل ونفهم وندرك معنى القول سريعًا- فقد قال طرفة بن العبد قديمًا، بمجرد سماعه خاله المتلمس يقول:

وقد أتناسى الهمَّ عند احتضاره
بناجٍ عليه الصّيعريّة مكدم

(استنوق الجمل)، لأنّ الصّيعريّة سمة من سمات النّوق لا الجمال. فإنّ الكثيرين منّا في هذه الأيّام لا يعرفون النّاقة من الجمل. فما حالهم مع كتابك أيّها المتوكّل.

جميل السلحوت قال:

أجمل الكتابة النثرية هي ما كتبها الشعراء مثل محمود درويش في"يوميات الحزن العادي" وسميح القاسم في "الى الجحيم أيها الليلك"، ومعين بسيسو في"دفاتر فلسطينية" ونزار قباني وغيرهم، لكن المتوكل طه والذي يملك قاموسا لغويا ثريا، وثقافة لافتة، وظفهما في هذه النصوص بطريقة عجيبة غريبة، تبعد القارئ عن فهم المعنى المقصود، فقد تلاعب بجماليات اللغة بما يبهر القارئ ويطربه، فاللغة الشاعرية بإيقاعها وموسيقاها ظاهرة في نصوصه، وأكثر من ذكر الأساطير التوراتية والإغريقية وكأنه يبوح للقارئ عن عمق ثقافته، لكن أديبنا لم ينتبه الى مدى امكانية استيعاب القارئ لهذه الأساطير وفهم المقصود منها، فهل مطلوب من القارئ أن يقرأ التوراة والتلمود والإلياذة وتفسيراتها حتى يقف على ما يعنيه الكاتب، وهل المتوكل طه كتب نصوصه هذه للقراء بمستوياتهم الثقافية المختلفة والمتباينة، أم كتب لنخبة النخبة من المثقفين؟ وهل الربط بين البتراء والقضية الفلسطينية والقدس تحديدا كان موفقا؟ فالبتراء مكانها ولا أطماع للغزاة فيها، صحيح أن دولة الأنباط بادت، لكن حضارتها المتمثلة بالبتراء باقية كشاهد عليها، بل هي من أكثر المعالم السياحية في المنطقة، وفلسطين الأرض باقية أيضا، لكن حضارة شعبها مهددة بالسرقة والطمس والتشويه، بل ان جزءا كبيرا منها تم محوه عن وجه الأرض...ويجري محو وتزييف وطمس ما تبقى.

ونصوص أديبنا هذه في "ورد القوافل" تطرح عدة أسئلة منها: هل الغموض والرمز مطلوبان في النثر كما هما في الشعر؟ وما هي وظيفة الأدب؟ ولمن يكتب الأديب؟ وهل"البنيوية" مطلوبة في النثر الفلسطيني تحديدا؟ من حق المتوكل طه أن يخوض في بحر "التجريب" كما هو حق لغيره، ومن حقه وحق غيره الخروج عن المألوف في الأصناف الأدبية المعروفة، فنصه الأخير"أمنية" المكون من ثلاث عشرة كلمة هي"إن أمنيتنا الوحيدة التي لم تتحقق هي أن لا تكون المدينة قد ضاعت" فتحت أي صنف أدبي يندرج هذا النص؟ هل هو أقصوصة مثلا؟ أو فكرة؟ أو خاطرة؟ أو ماذا؟ ومن هي المدينة المقصودة هنا؟ فمن يعرف المتوكل، ويعرف أين يعيش؟ ويعرف شيئا عن همومه وما يؤرقه، قد يفهم أن المدينة المقصودة هي القدس، لكن من أين يتأتى هذا الفهم لقارئ لا يعرف الكاتب ولا يعيش في فلسطين؟ وهل أراد المتوكل طه حقيقة ما يُفهم من لغة هذا النص بأن القدس قد ضاعت حقا، وأن أمنيتنا بعدم ضياعها لم تتحقق....كنت أتمنى لو أن شاعرنا تواضع قليلا بكبرياء اللغة حتى يفهمه القراء عامة.
وقدم نبيل الجولاني مداخلة مطولة تدور حول النصوص من خارجها، لكنها لم تدخل اليها، وقد أشاد بالمتوكل طه كأديب وشاعر متميز.

وأبدى ابراهيم جوهر بمداخلة مطولة أيضا اعجابه بالنصوص، وإن أبدى تحفظات على بعضها.
وتساءلت ميساء أبو رميلة عن جمهور القراء الموجهة اليه هذه النصوص، وتمنت لو أن الكاتب وضع تفسيرات لبعض الأساطير التي ذكرها في نصوصه حتى يتيسر للقارئ فهمها.
وأبدت الدكتورة اسراء أبو عياش اعجابها الشديد بالنصوص.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى