الثلاثاء ٨ آذار (مارس) ٢٠١١
بقلم حسن أحمد عمر

وعد ومكتوب يا ناس

كان الفنان محمد توفيق يجرى مسرعاً فى فيلم حسن ونعيمة وهو يحمل كلباً صغيراً ويهرول به فى مختلف شوارع القرية الصغيرة المعزولة المتهالكة مردداً عبارته الشهيرة (وعد ومكتوب يا ولاد وعد ومكتوب يا ناس).

وأانا هنا فى هذه البضع سطور المتواضعة أتساءل هل الحكام العرب وعد ومكتوب يا ناس وعد وكتوب ياولاد ايضا؟؟.

ألا يظن أولئك انهم مبعوثون ؟ ليوم عظيم ؟ يوم يقوم الناس لرب العالمين؟ أم ماذا هم ظانون بشعوبهم وأوطانهم ؟ هل هم فلتة بشرية لا تتكرر؟ أم إستثناء ربانى غير منقطع النظير أم خلقوا من طينة أخرى غير التى خلقنا منها، أم هم فوق البلاد والعباد وما سر هذا التمسك القاتل بكراسى الحكم والإلتصاق الأبدى والجلوس السرمدى على تلك المقاعد ؟.

ألم يخلق الله سواهم وهل، هم إستحوذوا على الفكر المنير والعقل الكبير والتخطيط والتدبير، وافتقر الآخرون لكل تلك المواهب وعدموا تلكمو القدرات؟ ألم يسأل الواحد منهم نفسه وهو جالس فى الحديقة يستنشق عبير الصباح تلك الأسئلة السابقة؟ هل هم مختارون ومصطفون بقرار ربانى وفرمان سماوى بحكم العباد والسيطرة على مقدرات البلاد؟.

كيف تتقدم شعوب يحكمها فرد واحد ويتحكم فى مقدراتها وحده ويصدر قوانينها وحده ويخطط لمستقبلها وحده ويسن اللوائح وحده ويشرع النظم وحده وينظم التشريعات وحده، يحلم ليلاً بقانون فيتم إقراره فى الصباح، وينفذ فوراً وتقوم المجالس المختصة بتحويل الحلم العابر إلى حقيقة واقعة وكابوس مرعب.

وإذا خطرت على باله فكرة تلقفتها الأجهزة المتربصة لتلك الأفكار والمجالس المسبحة بحمد القائد الفذ والزعيم الفلتة فتحولها بقدرتهم العابرة للقارت إلى قانون يطبق على القاصى والدانى.

مبلغ علمى المحدود أن الله تعالى خلقنا جميعاً متساوين فى كل الحقوق والواجبات ولا فضل ولا فرق بين إنسان وإنسان على الإطلاق لا بسبب دين -لأن الدين تقوى فى القلوب لا يعلمها غير الله- ولا بسبب لون -لأن الله خلق الألوان بقدرته ولا دخل لمخلوق فيها- ولا بسبب عرق-لأن الأرض كلها ملك الله تعالى- ولا بسبب لغة أو لسان-لأن من آيات الله تعالى إختلاف الألوان واللغات-

وأعتقد أن التكريم الذى يجب أن يحظى به أى مواطن يكون ببساطة شديدة بسبب ما قدمه للوطن من علم نافع أو عمل صالح يصلح به أحوال الناس ويرفع من شأنهم بين الأمم ويكون سبباً فى تقدم هذا الوطن ورفعته بين الأوطان، هذا هو السبب الوحيد الذى يكرم من أجله الإنسان فى وطنه أما الحصول على المناصب الرئاسية والمقاعد البرلمانية والكراسى الحاكمة فلايكون ولا يجب أن يكون إلا من خلال موافقة صريحة من المواطنين لهذا الإنسان بالحصول على ذلك المقعد وهو ما يسمى بالإنتخابات ويجب أن يكون ذلك فى أمن تام واطمئنان كامل وحرية مطلقة وهدوء مفعم بالسلام والحب والأمل.

أما صناديق الإقتراع التى تحيط بها المدافع الرشاشة والعصى والشوم والقنابل المسيلة للدموع وخارج اللجان يتحرك البلطجية من كل شكل ولون، ممسكين بالسنج والبلط والأسلحة البيضاء فأى جو من الرعب هذا الذى يطلبون من المواطن المسكين أن يتوجه إليه، وأى معركة تلك التى يلقى الواحد منا نفسه فيها من أجل أن يقول رأياً فى شخص معين مرشح لمنصب ما ؟؟ وهل يستحق مجرد أن أدلى بصوتى أن أفقد حياتى أو أصاب بعاهة مستديمة كأن أفقد ذراعى أو رجلى أو تفقأ عينى أو أتحول إلى أعور أو اعرج؟.

هل يعقل أن أخرج من بيتى سليماً معافاً ثم أعود لأولادى بوجه ينزف أو رأس مشجوج أو شكل مشوه؟ سوف يلومنى الجميع ويقولون تستاهل كل اللى جرى لك لماذا تذهب لتلك الأماكن؟ وأنت تعرف أن ذلك سيحدث وعندما تقسم لهم أن هذه المرة كان الكلام مختلفاً وكل الوعود تغيرت وكان هناك ضمان حقيقى من أكبر الرؤوس فى البلد، تجدهم يسخرون منك ويلقون اللوم عليك قائلين (علشان تحرم تذهب هناك مرة أخرى) فأقول لهم يا جماعة لو كل مواطن قال هذا الكلام فمن الذى سينتخب؟ يقولون ماشى ياعم أهو انت ذهبت فلا أنت انتخبت ولا أنت ظللت سليماً كما كنت، أما صوتك فأنت فاقده بلاجدال وأما كرامتك فقد تبعثرت على أى حال والمرة القادمة إياك تروح هناك يا خال !!!!.

هل الشعوب العربية نفسها تحب القهر وتكره العدالة والديمقراطية؟

أسمع كثيراً من يقول الشعب الفلانى عنده إجرام ولا يصلح له سوى الرئيس علان فأتعجب هل يمكن أن يوجد شعب كامل يوصف ملايينه بالإجرام؟ بالطبع لا فهذا ضد العقل والمنطق والتفكير العلمى السليم، فلابد من وجود الصالحين والمصلحين والمؤمنين والطيبين والعلماء والمفكرين والشعراء والفنانين والمبدعين فى كل شعب وأمة بل فى كل مدينة ويمكن فى كل قرية فلا يصح أبداً إتهام شعب كامل بالجريمة
فذلك منطق مرفوض ومذهب يتنافى مع الأخلاق والقيم والعقول السليمة.

وليس هذا مبرراً أن نتمنى عودة حاكم مات أو حاكم مخلوع إلى قومه لمجرد أنه الوحيد الذى يفهم لهم ولن يستطيع لم شملهم غيره طبعاً بالقهر المعروف والإستبداد المألوف، والأمن والعساكر والجنود، وفرعون وثمود الذين يحولون الشعوب إلى أصحاب الأخدود ويحولون الأرض إلى نار ذات وقود ويقعدون عليها شعوبهم شر قعود !!!!.

ألا من مهرب نحو عدالة وديمقراطية؟ ألا من هروب نحو أرض السلام والحب والمساواة والكرامة الإنسانية؟ اين أنت يا أراضى المحبة والوئام وحمام السلام؟ أين أانت ياعدالة الطيبين وطيبة المخلصين وصفاء الطاهرين العابدين لربهم والخائفين من عذابه ؟ أين أنت ياعدالة البائعين دنياهم المشترين أخراهم؟.

أين أنت ياعدالة الناظرين فى القبور وأحوالها والعظام النخرات وما يحصل لها وبكتريا التحلل التى تأكل لحمها وبطنها وأمعاءها وتحولها إلى تراب وهو أصلها؟.

دعونا نكمل الحلم الجميل

أحلم بمجتمع يملؤه السلام، والحب منتشر بين أفراده، والصدق شريعتهم، والكذب عدوهم اللدود، والإخلاص فى العمل مبدؤهم، والتفانى فى خدمة الوطن وخدمة الإنسان هواؤهم الذى يتنفسونه، وترك ما فى داخل القلوب لرب القلوب هو عقيدتهم، وعدم الإكراه فى الدين والمعتقد أولى إهتماماتهم، والمساواة بين البشر رجالاً ونساءاً، ضعفاء وأقوياء، أغنياء وفقراء، عجزة وأسوياء، كباراً وصغاراً -تلك المساواة تكون نبراساً لهم على الطريق، نعم طريق البناء والعلم والتقدم والأبحاث العلمية التى تفيد الوطن وتعود على عموم البشرية بالخير واليمن والبركات، وبذلك تتحول الحياة إلى سلسلة من الأعياد ولا يوجد فيها زعيم فلتة زمانه يتحكم فى رقاب العباد ويهددهم بسجونه العفنة ورجال أمنه المتحفزين دائماً لتنفيذ أوامره وكأنها أوامر الله تعالى علواً كبيراً.

أحلم بهذا الوطن ودعونى أحلم ولا ييقظنى أحد من نومى فأنا أفضل أن أموت وأنا فى هذا الحلم الجميل اللذيذ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى