الخميس ٢٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠١١
بقلم شاكر فريد حسن

وفاءً لروح المفكر هشام شرابي

تحيي الأوساط الثقافية والنخب الأكاديمية الفلسطينية ،هذه الأيام، ذكرى وفاة علم كبير من أعلام الفكر والنهضة العربية المعاصرة والثقافة الانسانية والديمقراطية الفلسطينية ، هو الكاتب والمثقف والأكاديمي هشام شرابي. هذا المثقف اللامع والمتوهج الذي خرج من عاصمة الساحل الفلسطيني يافا، ينشد الحرية ويبحث عن الخلاص لابناء شعبه الفلسطيني، ويبني بفكره وعقله وجهوده عمارة الفكر الإنساني والنهضة الحضارية العربية ، فكانت نظرته هي الوحدة الإنسانية بكل تنوعها في سبيل عالم فيه الكثير من أسى العدالة والمساواة ، وآمن بالثقافة كأداة تغيير وتحرر تنبع في صدق واخلاص من أعماق الإنسان.

كان صاحب تجربة واسعة في الحياة وكرس عمره وفكره من أجل القيم والمبادئ العليا التي آمن ونادى فيها ، قيم الحب والخير والعدل والجمال.

هشام شرابي كان شغوفاً بالتجديد والأصالة، كره الجمود والتحجر الذهني وطالب دائما بأن نحب الحياة في تجددها ،وننتصر لكل مظاهر الخلق والإبداع ضد مظاهر الجمود والشلل والإحتضار الفكري والموت.

هشام شرابي من مواليد يافا سنة 1927، تعلم في مدارسها ثم انتقل إلى بيروت ، وكان شاهداً على تحولات العصر السياسية والفكرية والإجتماعية ، وتعلم في الجامعة الأمريكية وتخرج منها سنة 1947، بعدها سافر إلى شيكاغو والتحق بجامعتها وأعد أطروحته لنيل الدكتوراة عن "التاريخ الحضاري" ، ثم عمل أستاذاً للتاريخ في جامعة جورج تاون. وفي سنة 1967شغل منصب رئيس تحرير مجلة "دراسات فلسطينية" وعاد الى بيروت في العام 1970 وعمل أستاذاً زائراً في الجامعة الأمريكية ، وحين اندلعت الحرب الأهلية في لبنان غادرها عائداً إلى الولايات المتحدة حيث أقام وعمل في جامعاتها . وبفضل اتفاقات اوسلو تسنى لهشام شرابي زيارة مدينته التي أحب وغاب عنها ردحاً من الزمن(يافا) حيث التقى خلال هذه الزيارة بالكثير من الشخصيات الفلسطينية العاملة في حقول الأدب والثقافة والسياسة. وفي1998 رجع الى بيروت وفيها عاش سنواته الأخيرة إلى أن وافته المنية في كانون الثاني عام 2005، ونعته جميع المحافل الفكرية والثقافية والسياسية والأهلية ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني.

خلف هشرابي وراءه أعمالاًً عدة في السياسة والإجتماع والثقافة والنقد والسيرة الذاتية وهي "الجمر والرماد، الرحلة الأخيرة،المثقفون العرب والغرب، مقدمات لدراسة المجتمع العربي ، النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي ، النقد الحضاري، المجتمع العربي في نهاية القرن العشرين ،الشرق الأوسط المعاصر، حكومات وسياسات الشرق الأوسط، القومية والثورة في العالم العربي، المأزق المميت، فلسطين والمقاومة، الفدائيون الفلسطينيون، الدبلوماسية والإستراتيجية في الصراع العربي الإسرائيلي".

هشام شرابي كان عميق الإحساس بقضايا عصره وهموم مجتمعه وأمته وشعبه، صارع التخلف والقمع الفكري وساهم في صياغة وتعميم وتأصيل أفكار التوير والعقلانية والتقدم . وقد شغلت قضية فلسطين عقله ووجدانه ، وبذل جهوداً كبيرة في الدفاع عنها في المحافل الدولية وفي أوساط الرأي العام العالمي.

مات هشام شرابي شامخاً منتصب الهامة والقامة بنبل وإباء ، وهو باق في العقل والروح والضمير الفلسطيني والعربي والإنساني، بأفكاره وتاريخه ونضاله وإرثه الحضاري وإنتمائه وحبه ليافا واخلاصه لوطنه وقضيته العادلة المقدسة.

فسلاماً لروحك يا عاشق مدينة البرتقال الحزين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى