الاثنين ٩ أيار (مايو) ٢٠١١
بقلم السعيد موفقي

ومَن على شاكلتها...

كم تقضين ساعة خارج البيت !!؟

أعرف أنّك تكرهين الشوارع التي تؤدي إلى الألم، لأنّها كانت ذات مساءات ممرّا لمتاهاتك وسعادتك...أصبحت الآن في غمرة الثورات ممنوعة، كثير من حدودها ملغمة، احتشدت فيها جيوش من الحروف تتربص بك في كلّ زاوية ومقهى، وحتى عناوين الجرائد والمواقع، تتوعدك – من غير قصد - بنظرة شفقة واستراق لحظة تأمّل لصورة احتضارك كلّما أطلت النظر في مربعاتها ونوافذها تبحثين عن متاهة بين تفاصيلها، إنّه فضولك،تعتقدين أنّها تعنيك فتزيد من مواجعك طالما تحرصين على معرفة ما تمليه عليك هواجسك !!!

إنّها مذكرتك...، ماذا بقي لك الآن غير سكون وجنون في مدلهمات موحشة، تبحثين عن تفرع هادئ واستقرار ناء واسم يحافظ على ماء وجهك ضمن قوافل لا تعرفين ماهية !؟، تتسلقين عبر قوائم هشّة فتسقطين ككل مرة...وكلّ جسمك عار فضحته وضعية السقوط الحر المتكرر وتحاولين التسلق مجددا من نقطة "0" بسرعة بدائية تعتمد محركا بقوة " جحش قاصر"، لعلها صيغة جديدة في مفاهيم فيزياء طبيعة الأشياء والبشر، تندسين في جيوبها، تحملك إلى رغبة طالما انتظرتِ قربها، وفجأة امّحت وذهبت أدراج اللاشيء، ساعتها أدركت ما يؤلمك عندما تصفحت وجهك البائس، وأذكر أنّي صادفتك غير ما مرة في حيّ المرتزقة تبحثين عن شريك يفك وثاقك ويحتملك، وكنت تحملين زمارة تتأوهين بها لقضاء يومك التعس وفراغاتك المتكاثرة، بعد هذا العمر الحافل بالعبث المكتنز بالخردوات الصدئة والعلاقات الموهومة والنهايات المتشابهة كبداياتها، كنت كثيرة التساؤل، شديدة القلق ولا زلت، إزاء هذا التحول الجغرافي المميت والتقسيم السياسي المباغت، العائد من وراء الزمن بغرابيله، حينها تفجرت داخلك حيرات وكسا جسمك ما يشبه الجرب واشتدّ أكلانك، ولم تكن لديك فكرة عن تجديد متوقع في كلّ لحظة يداهم ما بقي من حبّات القش التي ظلت عالقة على جدران المدينة...جرفها سيل عابر...

كان لا بد أن يمرّ من هنا لتأخذي نصيبك من الهزيمة وتبكي خلسة، وتتألمي في داخلك علّ طارئا ينتشلك من غرقك، وربّما تستيقظ فيك براءة الطفولة وترتدين ثوب التوبة على ما جنته حماقتك ...أحيانا تتعثرين وما أكثر عثراتك !!!... مبادراتك في مصالحتك لنفسك ومحاولاتك غسل ما بقي من ثوبك المهتري المتسخ لم يعد يسترك لأنّ نظافته غمرتها رائحتك النتنة وما بقي لك مما يشبه البياض ....شوّهه ظلامك وفقدانك لصوابك ودائرة حصارك تضيق كلما حاولت الهروب...لم يبق في الساحة غير أشكال لا تحسنين تقدير أبعادها، تمررين عليها بصرك بحزن، تتمنين عبورا بالقرب منها...وتخشين أن تخذلك أيد لا تريد ملامسة يدك...، كم رجلا مرّ من هنا ؟ وعابر سبيل يتخطاك ... إلى أن أدركك الصبح الذي تظنينه ليلا ...!!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى