الجمعة ٢٠ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٦
بقلم مقبولة عبد الحليم

ونجحت... بالامتحان الصعب

لم تكن تتوقع في أيام حياتها كلها أن توضع في مثل هذا الموقف، فلطالما سمعت بعض النساء يتناقلن أحاديثهن أمامها وكيف أن "زوج فلانه قد تزوج عليها فتركت له البيت، وفلان تزوج من أخرى وتعيش الزوجتان معا"

قصص كثيرة قد سمعتها لكنها أبدا ما كانت تصدق أنها ربما تكون جزا من تلك الحكايات.

فقد عاد زوجها يوما من سهرته، استقبلته كعادتها بابتسامتها الجميلة وبكلماتها العذبة، وهمت لتجلس معه كما كانت تفعل دائما إلى ساعات متاخره من الليل يتسامران بأحلى الحديث، لكنه هذه المرة كان شخصا أخر، مقطب الجبين وفي عينيه كلام يريد أن يحكيه لها وبدا غير طبيعيا، مما حدا بها للسؤال

ماذا هناك سألته؟

هل أزعجك احد من أصدقائك؟

فقال: وهو ينفث دخان سيجارته...لا

إذا... لماذا أنت عصبي المزاج؟؟

فقال.. ماذا لو أردت الزواج من امرأة أخرى ماذا يكون ردك؟

فنظرت إليه غير مصدقه ما يقول فاعتبرتها مزحه يريد أن يسليها بها

فقالت.. ماذا..؟؟

قال... ما سمعت

قالت: هل أنت جاد؟

قال: أريد أن...... أتزوج

فقالت: وأنا وأولادي

قال لن يحصل لك شيء ستبقين كما أنت ولن ينقصك شيء.

ماذا تقول.... لن ينقصني شيء؟ قالتها بتساؤل المستهجن وكانت هذه أخر كلماتها

وخيم صمت ثقيل جعل ظلام الليل اسودا حالكا حتى ضوء القمر الذي طالما كانت تناجيه وتبتسم في وجهه لم تعد تراه تلك ألليله مع انه كان بدرا منيرا.

قامت وذهبت إلى فراشها عسى للنوم أن يريح جفونها والتي تعبت من سكب عبراتها التي سالت على خدها من غير إرادة منها... أن هول الخبر الذي نقله إليها زوجها قد أجج نارا بداخلها ربما ستأتي على كل المشاعر الجميلة داخل قلبها... قلبها الذي أحبه حبا قويا متينا كيف لا وقد عاشت معه عشر سنوات بحلوها ومرها؟ وما مرت عليها هذه السنوات إلا كلحظات قصيرة حملت معها كل السعادة والطمأنينة.

لم يغمض لها جفن حتى ساعات الليل المتأخرة وأرهقها التفكير والبكاء فقررت أن تأخذ بعض المسكنات عساها ترتاح قليلا وفعلا استطاعت مع المسكن أن تغفو.

أفاقت على صوته يوقظها في الصباح لتحضر له فطوره وقهوته , فقامت كعادتها كان شيئا لم يحدث وحضرت له واجباته دون أن تنبس ببنت شفه، كان ينظر إليها ليعرف ما تأثير الخبر الذي فاجأها به لكنها تصرفت أمامه بشكل اعتيادي وطبيعي وكان شيئا لم يكن، لم ترد لأحد من أولادها أن يلاحظ شيئا أرادت أن تبعدهم عن المشكلة علها تستطيع حلها مع اقل ضرر ممكن.
ومر يوم وأسبوع والحال على ما هو عليه صمت ثقيل يخيم على علاقتها معه ولكن هذا لم يؤثر أبدا على تصرفاتها تجاهه كانت تلبي له كل ما يريد , ومن عينيها كانت تسترق بعض نظرات... معاتبه.. ماذا حصل ما الذي قصرته تجاهك.. كانت تسترق هذه النظرات خوفا من أن يراها ويعرف ما بداخلها ولكن..... لم تتلاقى نظراتهما أبدا واستمرت العلاقة بهذه الصورة، إلى أن أتاها مرة أخرى بنفس الطلب لم تجبه هذه المرة بل وأشاحت بوجهها عنه ناحية حديقة المنزل تلك الحديقة التي أسساها معا وتحت كل شجرة فيها كانت لهما أمنيه، وكل وردة زرعاها هناك لتملئ حياتهما بعبير زكي مدى العمر.

ومرت عليها هذه الليلة طويلة كأخواتها لكنها جعلتها ليله لحساب طويل مع النفس لتعرف ما لها وما عليها، لماذا يجرحها بكرامتها ونفسها بهذا الشكل؟ أيعقل أن تكون المشكلة فيها وهي لا تدري.... وأسئلة ألحت عليها... هل أنا لست كباقي النساء ماذا ينقصني؟ جمال..... وجميله تعليم.... ومتعلمة.. أولاد وأكرمني الله بيتى نظيف وطاهية ممتازة، شاركته بكل دقائق حياتنا تعبت معه وقد كنا اسعد زوجين فماذا حصل؟.. ومن هي تلك التي شغلته عني واستطاعت أن تدخل إلى قلبه والذي كنت اعتقد أنني املكه وحدي حتى وقت قصير.

أسئلة كثيرة سألتها لنفسها فلم تجد تقصيرا واحدا يمكن أن يكون ذريعة يتذرع بها للزواج.
لكنها قررت في النهاية.... قرارا جريئا.. قويا.. ولم يكن متوقعا.. بأنها لن تتخلى عنه بهذه السهولة حتى لو شاركتها فيه امرأة أخرى, فهي تحبه ولن تضحي بحبها وأولادها وحياتها من اجل خدش في كبريائها وبعض كلام للناس سيتناقلونه بينهم لفترة زمنيه وتمضي، ولأنها كانت تعرف بان شرع الله يجيز له ذلك وكانت تعرف أيضا بأنه يخشى الله ولن يتخلى عنها ويتركها مع أولادها لتجابه الحياة وحدها كما يفعل الكثيرين.

أفاقت باكرا حضرت له قهوته وفطوره وأيقظته من نومه بابتسامتها القديمة والتي أعادتها لوجهها رغما من أن النار لم تخمد بداخلها بعد.. جلسا معا وبادرت بالحديث

جميله...؟

قال: من؟

العروس....

قال: ليست بأجمل منك

قالت: ألا تريد أن تريها لي...... فأنا موافقة

فتح عينيه واللتان كانتا ما تزالان تحت تأثير النعاس ونظر إليها غير مصدق

قال بدهشة: حقا أنت موافقة وتريدين رؤيتها

قالت: نعم

قال: غدا سوف أتي بها لترينها وتعرفينها

انتظرت الغد ودقات قلبها تتسارع كلما دقت الساعة لتعلن أن ساعة قد انتهت وقربت المسافة الزمنية لليوم التالي.

وجاءت اللحظة الحاسمة.... استجمعت قواها والتقطت أنفاسها.... وزينت هندامها..... وبدت بأجمل صوره لتكون ليست بأقل من تلك القادمة الغريبة التي اقتحمت عليها حياتها ومملكتها والتي ستشاركها زوجها.

رن جرس الباب فقامت بخطى ثابتة وفتحته فدخل زوجها وابتسامة تنير وجهه، نظرت إليه واقتربت من الباب ونظرت للخارج فلم تجد مع زوجها أحدا... نظرت إليه متسائلة.. فضحك وقال تعالي اجلسي.. جلست تنظر إليه لا تفهم من الأمور شيئا فاخرج من جيب معطفه علبه هدايا جميله مغلفة بإتقان...

قالت ما هذا قال.. اقتربي, انظري إلي، اخرج من العلبة عقدا ماسيا جميلا وباهظ الثمن اقترب وألبسها إياه قائلا لقد كان هذا اختبارا فقط أردت أن اعرف مدى حبك لي وها أنا ذا أجدك كما توقعت قويه بإيمانك وقويه بحبك وإخلاصك لي.. لأولادنا ولحياتنا معا وأنا متأسف جدا لما تسببت لك به من عناء.

وأريدك أن تعرفي أنني احبك واحترمك ولا أستطيع العيش يدونك ولن تعوضني عنك جميع نساء الأرض.

نظرت إليه وبكل حب أمسكت يده لتقبلها وقد اغرورقت عيناها بالدموع، فأمسك يدها بيديه وطبع قبلة على جبينها أنستها تعب وسهر وقلق وخوف تلك الليالي التي مضت...


انتهى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى