الأربعاء ١٢ تموز (يوليو) ٢٠٠٦
بقلم محمد ملكاوي

وهم التمويه

التمويه، في اللغة العربية الفصحى تعني التحايل في معناها و ظهور الشيء على غير حقيقته، فا المُوهَةُ عند الخليل بن أحمد في العين تعني لون الماء حيث يقال: ما أَحْسَنَ مُوهَةَ وَجْهه أي أن وجهه حسن صاف مزين بماء الشباب. و يسوق لنا ابن منظور في لسان العرب عن موه مثالا يبين أن معنى اللفظة هو العيش الرغد الناعم و يفسره لنا من قول الشاعر رؤبة بن العجاج : إِمّا تَرَيْنِي خَلَقَ المُمَوَّهِ، أي أنه يريد خَلَقَ الوجه الذي قد مُوِّه بماء الشباب. و في سياق آخر تأتي بمعنى الرقة تشبيها بالماء كون اللفظة مشتقة من الماء، و منه مَوَّهَ فلان علي الحديث، أي بمعنى حسنة حتى كأنه جعل عليه طلاوة و ماء. و عند ابن سيدة الأندلسي في المخصص نجدها ماهَ، يَمِيهُ، مَوْهاً على وزن فعل يفعل فعلاً، ذلك لان أَصل الماء ماهٌ، والواحدة ماهةٌ و ماءةٌ و عند ابن الأثير أصل لفظة الماء مَوَهٌ بالواو. ورجلٌ ماهُ الفُؤادِ و ماهي الفُؤادِ: جبان كأَن قَلبه في ماء.

الأندلسي في كتابه المحكم و المحيط الأعظم يمتعنا ببحثه في مقلوب اللفظ و دلالات معانيه، لنجد أن موه هي مقلوب لفظة (وهم) و تفيد ذات المعنى الدارج لدينا من حيث هي الظن بغير ما هو كائن.

إذا، فالتمويه الدارج هو عين ما نراه ممثلا عن حروب رعاة البقر في فيتنام و العراق و أفغانستان، حيث يأخذ جندي "الهيلا هيلا" من صباغ الأحذية ليموه وجهه بقبح لا بحسن، إرهابا لعدوه الرابض في كل زمان و مكان، وهذا من نوع التمويه بإظهار الضد؛ كما تقترح معاجم العربية.

و نجد أنفسنا قد وصل بنا الحال إلى واحدة من أخطر التهم التي (لا عاصم اليوم) منها إلا (من رحم) الله، ما خلا ذلك سيكون كل العرب و المسلمين (من المغرقين). فعاصم البيروتي (الاندلسي!!!!!) شخص يموه على الأمريكان و على البشرية جمعاء، بكونه شاب طائش غير ملتحي لا يحلل ولا يحرم لا في مأكل ولا مشرب، يشرب الصهباء حتى ليموه نخاع عظامه، كلما استيقظ من سكرته جذب الزق اليه و اتكا .. و شرب أربعا في أربع، زير نساء يملك كل النساء ولا تملكه امرأة و حين يلذّ الأنس مع حلو اللمى يأتيه هجوم الحرس، ففي قرارة نفسه؛ التي كشفتها التجليات الروحانية للعم سام؛ شخص جهادي يعد لمصيبة و كل ما يفعله عبارة عن تمويه لرد العين! ما شاء الله!!

و بهذا نجد أن تمويهات العربان في بلاد الأمريكان من حف اللحى و الشارب، و تغيير الاسم، و الانضمام لمهرجانات المثليين و العراة، و عبادة غير الله بلا طائل، حيث أن الأمريكان مستفيدين من أبحاث الجينوم، يتبعون نصيحة سمير غانم ويدورون عالأصل. فعاصم؛ الذي لم تعصمه من الحيف حكومته؛ أرجعوه لأصل أجداده قبل أكثر من خمسة قرون، و لقبوه بأمير أندلسي! و توصلوا إلى جين الإرهاب العربي عنده!.

لن أناقش، لماذا موهت أمريكا على حقيقة اكتشاف خلية عملاء (إسرائيل) بخبر القبض على عاصم، كذلك لا فائدة من تناول مسألة التوقيت في الإعلان أعقب اعتقال عاصم بثلاثة أشهر، كما لا داعي لتفنيد المستمسكات التي استند إليها في إعلان التهمة و توجيه الإدانة، فكما يقولون عبارة عن ضربة استباقية لمنع الضرر، فالرجل كان ينوي!!!، ولا داعي لخض ماء الاعترافات القسرية، فهي لا تزال مثار جدل لدى محرري غوانتنامو، لكن ما أريد نقاشه هو أبعاد المكارثية الحديثة التي تعني بعبارة مختصرة، أن كل عربي مهما كان دينه، و مسلم مهما كان عرقه، قد يكون في ثورة شك؛ بحسب الحاجة الأمريكية للرقص على الأعصاب؛ متهما مطلوب القبض عليه، حتى أننا سنرثي في المستقبل القريب لحال العملاء و المتصهينين الذين ماهت أفئدتهم سيخرون العالم و أنفسهم، حين يتبين فطاحل السلطان بوش أن عمالتهم و تصهينهم إنما هو من باب التمويه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى